IMLebanon

الجنرال صفوي يُعكِّر صفاء الأجواء اللبنانية

تحت الأضواء اليوم، وقيد السمع والبصر، أحد أركان الحرس الثوري الإيراني، ومستشار الولي الفقيه، الجنرال يحيى صفوي المختص والمخصص على ما يبدو، للعمليات الهجومية الإعلامية الإيرانية، وبالتحديد في البلاد العربية، إنطلاقا من الخليج العربي بمكوناته وممالكه وإماراته كافة، مرورا بالعراق وسوريا، ووصولا إلى لبنان وحدوده الجنوبية، وإلى أرضه وشعبه ودولته وطوائفه وكل مكوناته الوطنية والدينية والمذهبية والأمنية.

 …بكل صراحة، بل بكل وقاحة، ألقى «الجنرال» صفوي بكل ما تملك إيران من طلاسم إجتياحية وإحتلالية على كل تلك البلدان وتلك الشعوب، وعلى امتدادات العالم العربي بمعظم مكوناته، وأعلن إيران بدولتها وحرسها الثوري ومخابراتها وقوتها المتلهفة لتملك القنبلة النووية وطموحاتها لمد نفوذها وسيطرتها على المنطقة متذرعة كعادتها، بالقضية الفلسطينية وقدسها ومقدساتها ومتخفية ومختبئة خلف المطامع الفارسية بأراضي وأوطان وشعوب وثروات ومعنويات هذه المنطقة من العالم، رافعة راية الإسلام ومتخفية بملامح فلسطين، وموغلة في تنفيذ مشاريع الفتنة السنية – الشيعية، زارعة أوبئتها وأخطارهـا على مدى العالمين العربي والإسلامي… طموحـا منها للتسيد والتمدد، وتلهفا منها إلى الإنتقام لماض فارسي، ما زالت بعض أوساطها تحن إليه وتسعى من خلاله إلى استعادة سؤدد قديم طواه الإسلام في ما طوى من عنصريات ومن بهورات، إلاّ أن الجبلّة الفارسية ما زالت ممتلئة بطموحاته التوسعية تسيرها إلى أهدافها الحاقدة على التاريخ وما كان له من شؤون وشجون على صعيد العلاقات العربية – الإيرانية ومراحلها الإسلامية المختلفة.

ها هو الجنرال الصفوي يلقى بكل طموحات ولاية الفقيه، يطرحها بأسلوب فج، في وجه الجميع، عربا ومسلمين ومسيحيين ويضع متراسها النهائي على حدود لبنان وفي مجمل أرضه وصولا إلى حدوده الجنوبية. الجنرال الصفوي أعلن عن خطوة جديدة من قبله وقبل من يمثل، محددا أن لبنان وسو ريا والعراق إنما تشكل امتدادا للأمبراطورية الفارسية الجديدة بهندامها الجديد وراياتها المختلفة الجديدة، سواء شاءت هذه البلدان أم أبت.

وفي واقع الأمر، وبمنطق واقعية النظرة الى هذا الحدث المتفلت، باعتبار أنه قد يكون ناشئا عن الصراعات الإيرانية الداخلية المتمثلة بالرئيس الإيراني الجديد وساسته التهدوية الرامية بشكل أساسي إلى إنقاذ إيران من ورطاتها القومية والإجتماعية والإقتصادية المستفحلة وباعتبار أن هذه التصريحات ربما تكون قد جاءت لمؤازرة الحرس الثوري الإيراني في مواقفه المتصلبة نتيجة للاحتقانات الشعبية الداخلية الناتجة عن الهم الإقتصادي، لا يهمنا ماذا يقول هذا الجنرال وبماذا يصرح. الذين بودنا أن نسمع رأيهم بكل هذه الترهات التي أطلقها، نحصرهم بجهات معلومة لما يطاولها ولو معنويا من سيئات هذه التصاريح وأخطارها. رب من قائل، ما لكم وما لهذا المتحمس المتغطرس الذي يطلق كلاما موجها لاستغلاله في عمليات شد الحبال القائمة ما بين إيران والغرب عموما والولايات المتحدة على وجه الخصوص، ولإزعاج أعصاب العرب والمسلمين بمن فيهم اللبنانيين لمحاولة إذكاء نيران الفتنة متعددة الأشكال والألوان، ومنذ دخل حزب الله وبعض العناصر الميلشياوية العراقية إلى سوريا في قتال مذهبي الطابع، عنصري التطلعات، وهي قد دخلت في مرحلة عملية وعملانية، حافلة بأعمال القصف والتدمير بشتى أنواع الأسلحة المحرمة دوليا ومواجهة الشعب السوري بأوامر إيرانية واضحة وفاضحة، وفي حرب حقيقية لا لبس فيها ولا غموض، تحلل ما يحللونه في إيران وتحرم ما يحرمونه، ومن يدفع الثمن هو سوريا وأهلها وعمرانها وحضارتها ِ، فذلك التصريح الصفوي وما يواكبه من دوافع وخلفيات قد شرّع كل تلك العمليات القائمة، وأطلق للوجود تصريحات تؤازرها وتشجعها وتزيد من توريط حزب الله بأوزار ومكنونات ومسببات المأساة السورية.

سؤال آخر نوجهه إلى حزب الله نفسه، ما رأيكم وما قولكم للشعب اللبناني بأسره بخصوص هذه الأقوال التي أتحفنا بها مستشار الإمام الخامنئي وبأي حق وأي منطق وأية وسائل ضاغطة وفارضة يلزم بها لبنان واللبنانيين جميعا، خاصة وأن غالبيتهم العظمـى لا تضمر ولا تظهر ولاء لإيران ولدوافع نظامها القائم وايديولوجيتها المذهبية، ما فتئت ترفض التمدد الإيراني على الأراضي اللبنانية خاصة بعد بلوغه لهذا المستوى من المطامح والمطامع.

سؤال آخر أيضا، نوجهه للدولة اللبنانية ولحكومتها ولمجلسها النيابي، هل سمعتـم ما قاله هذا الجنرال الذي أطلق لنفسه زمام التصاريح، هل عنى لكم ما أدلى به شيئا، وهل استنتجتم من استكباراته بعض الصور المعبرة والإستهدافات المنفرة. هل ميثاقنا الوطني يقبل بما صرح به؟ هل دستورنا يوافق عليه، هل سياساتنا جميعا تتناغـم مع أي نغم من أنغامه الناشزة؟ هل عقائدنا تتوافق مع بعض من عقائده؟

 أيتها الدولة… ممثلة بأي ركن من ِأركانها وأي مسؤول أو زعيم فلنسمع رأي أي منكم بمـا قيل، ولا بأس إن كان الرأي صادرا بروتوكوليا من مستويات مسؤولة متدنية، مماشاة لوضعية التصريح والمصرح ذلك أن المقصود التحذير من مثل هذه التصريحات التي إنما أطلقت لتعقد الأوضاع ولتفرض المواقف والشروط… على حساب المنطقة وشعوبها ومصالحها.

سؤال آخر وموجه بالتحديد إلى العماد عون الطامح الدائم إلى الرئاسة، والمماشي الدائم لحزب الله ولجهات الممانعة كافة؟ هل يرضيك ما سمعت، هل تسمح زعامتك لجزء كبير من المسيحيين بمثل هذا القول المتحدي لكل لبناني أصيل، مخلص لبلاده ولميثاقه ولدستوره ولديمومة وطنه، وهل السكوت على مثل هذا القول من هذا الذي يزاملك في جنراليته و يرضي عقائدنا وتوجهاتنا الوطنية التي تأبى أن تطغى أقواله على لبنان وعلى اللبنانيين مثل هذا الطغيان المتفلت من أية ضوابط وأية مقاييس ؟ وهل وصول الجنرال صفوي في جموح تصريحاته الى هذا الحدود يرضي مسيحيي هذا الوطن وبالتحديد، هل يرضي جمهورك ومؤيديك؟

 وأسئلة كثيرة أخرى كنا نود توجيهها بالتحديد إلى اكثر من جهة وأكثر من دولة شرقية وغربية وبالتحديد، إلى الغرب وإلى الولايات المتحدة على وجه الخصوص، هل أنتم راضون عن نهجكم وسياستكم وتخاذلكم، وبالتحديد منكم وبينكم، الرئيـس أوباما بـما عرف عنه من [حزم وعزم وتصميم وجرأة] في اتخاذ المواقف… هل أنتم مطمئنون إلى عالم اليوم والغد، وهل سيكون عالمكم، أصفى وأهنأ وأهدأ بعد كل ما يحصل في العالم من اضطرابات واحترابات وتحديات مختلفة تلامس حالات الإنفجار القصوى.

أسئلة… تصول وتجول وتطول… تنتظر إجابات، تتوجب لها سياسات مدركة وواعيـة وواسعة الأفق، وفي الإنتظار، يبدو العالم كله على حافة انهيارات مرعبة.

نريد أصواتا تعلو، ووعيا يتحضر ويتحذر ويستهدف تجنيب لبنان والمنطقة مصيرا مجهولا ومؤلما، وقد بدأنا نسمع، انتفاضات كلامية بدءا بما بدر من فخامة رئيس البلاد ومن بعض آخرين، ولكن التحسب لمثل هذا القول ومواجهته، يتطلب تحسبا وتحركا بالفعل، وهذا ما نتمناه وننتظره.