الجيش اللبناني يستعيد المبادرة في عرسال.. وقائده: الهجوم كان مخططا
1500 نازح.. وتدابير عسكرية في الشمال والجنوب لتطويق التوتر
انتقلت المعركة بين الجيش اللبناني والمسلحين المتشددين في بلدة عرسال في شرق لبنان الحدودية مع سوريا، أمس، إلى داخل البلدة بعدما كانت مقتصرة على الجرود، حيث تعرضت مواقع الجيش اللبناني لهجمات أول من أمس، واستطاع الجيش استعادتها الأحد. وفيما تتواصل المعارك لليوم الثاني على التوالي، دفع الجيش بتعزيزات إلى البلدة، حيث استعاد السيطرة على المهنية الواقعة غرب البلدة المحاذية لأكبر مواقعه، فيما نفت «جبهة النصرة» انخراطها بالمعارك ضد الجيش «بشكل مباشر»، مبدية استعدادها للخروج من البلدة.
وواصل الجيش اللبناني أمس عملياته في عرسال وجرودها، بعدما اندلعت الاشتباكات بعد ظهر السبت إثر توقيف سوري قال الجيش إنه اعترف بالانتماء إلى «جبهة النصرة». وبعد توقيفه طوق مسلحون حواجز للجيش في المنطقة قبل أن يطلقوا النار على عناصره ويهاجموا مركزا للشرطة في بلدة عرسال، حسب أجهزة الأمن اللبنانية. وأكد قائد الجيش العماد جان قهوجي، أمس، أنّ الهجوم في عرسال من الإرهابيين كان محضرا سلفا كونه شمل كل مواقع الجيش اللبناني، لافتا إلى أن ما يحصل أخطر بكثير مما يعتقد البعض، كاشفا أن «الإرهابيين من جنسيات مختلفة وهناك متعاونون معهم في مخيمات النازحين السوريين».
وأعلن قهوجي، خلال مؤتمر صحافي، سقوط عشرة شهداء للجيش و25 جريحا بينهم ضباط وفقدان 13 جنديا، موضحا أن الموقوف عماد أحمد جمعة الذي اندلعت الاشتباكات على خلفية توقيفه، «اعترف بخطة تنفيذ عملية واسعة على المراكز العسكرية». وإذ أكد قهوجي «جهوزية الجيش لمواجهة كل الحركات التكفيرية في عرسال وأي منطقة أخرى»، أعرب عن مخاوفه من أن ينتقل سيناريو الحدود العراقية – السورية إلى لبنان، مشددا في الوقت نفسه على أن الجيش لن يسمح بانتقال الحرب إلى لبنان وكذلك الفكر التكفيري.
واستعاد الجيش اللبناني أمس سيطرته على ثلاثة مواقع من أصل أربعة، كان المسلحون سيطروا عليها أول من أمس في هجوم مباغت تعرضت له وحدات الجيش المنتشرة في المنطقة الحدودية مع سوريا. وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن «المعارك انتقلت من الجرود إلى قلب البلدة، مع فرار المسلحين إليها، حيث سيطروا على بعض الأحياء الداخلية»، مشيرة إلى أن المعارك «تركزت حول مبنى المهنية الواقع غرب البلدة، حيث يوجد أكبر مقرات الجيش التي تعرضت لهجوم»، مؤكدة أن الجيش، بعدما دفع بتعزيزات إلى المنطقة، «تمكن من استعادة السيطرة بالكامل على المهنية وطرد المسلحين من محيطها، يُضاف إلى تمكنه من استعادة السيطرة على التلال المطلة على عرسال في جرودها الشرقية الحدودية مع سوريا».
وتعد المهنية الحد الفاصل بين مواقع تمركز المسلحين ونقطة الجيش، وتقع غرب البلدة في نقطة محاذية لحدود بلدة اللبوة. وقالت المصادر إنه «في حال سيطرة المسلحين على التلة، فإنه سيكون بإمكانهم إطلاق النار على اللبوة، وعلى حاجز الجيش الفاصل بين البلدتين ويسمى حاجز عين الشعب».
ويقدر الجيش اللبناني أعداد المسلحين الموجودين في البلدة، بـ3000 عنصر، ينتمون إلى جماعات متشددة. وقالت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» إن هذا العدد «موجود أصلا في البلدة، ويتحرك بين مخيمات النازحين السوريين وجرود عرسال الحدودية مع سوريا»، مشيرة إلى أن تدفقهم إلى البلدة «كان يتضاعف على ضوء التطورات في القلمون» بريف دمشق الشمالي الحدودي مع عرسال الذي يشهد اشتباكات واسعة بين القوات الحكومية مدعومة بمقاتلي «حزب الله» اللبناني، ومسلحي المعارضة السورية. وأوضحت المصادر أنه «كلما ضغطت القوات الحكومية السورية عليهم، كانوا يلوذون بمخيمات النازحين في عرسال»، لافتة إلى أنه «تبين أن بعض النازحين في المخيمات مسلحون ويتخذون منها مراكز إقامة».
وتستضيف عرسال عشرات آلاف اللاجئين السوريين من القلمون وريف حمص، وتتهم جرود البلدة بأنها كانت ممرا للسيارات المفخخة التي انفجرت في مناطق لبنانية. وإثر المعارك التي اندلعت السبت، احتجز المسلحون عناصر من قوى الأمن الداخلي، عرف فيما بعد أنهم محتجزون في دارة الشيخ مصطفى الحجيري في عرسال. ونشرت جبهة النصرة على موقع «يوتيوب» شريط فيديو يظهر عناصر قوى الأمن الداخلي وهم يعلنون «انشقاقهم» مرغمين. وقال الحجيري: «إنه وعناصر قوى الأمن الداخلي مختطفون لدى المسلحين في عرسال»، مؤكدا في تصريح لموقع «النشرة» الإلكتروني أن «الجميع تخلى عنه، وأن منزله محاصر من المسلحين»، مشيرا إلى أن «عرسال تتعرض للقصف من قبل (حزب الله) بشكل كبير، مما أدى إلى سقوط عدد كبير من الجرحى والقتلى في صفوف المدنيين والنازحين السوريين، لأن صواريخ الحزب تستهدف البيوت الآمنة في البلدة».
إلى ذلك، أوضحت «جبهة النصرة» في وقت لاحق أن عماد جمعة الذي اندلعت الاشتباكات بسببه، «ليس له أي صلة بجبهة النصرة، وبعد أن تمكنت هذه المجموعات من السيطرة على بعض النقاط من الجيش، قام الجيش بدوره بالقصف العشوائي أو الممنهج على المخيمات، ومن ثم داخل البلدة، مما أدى لمقتل وجرح العشرات».
ولفتت الجبهة إلى «أننا قمنا بدورنا في الدخول إلى عرسال لمعالجة الوضع وإسعاف الجرحى ولم يحصل لنا أي اشتباك حتى اللحظة مع الجيش بشكل مباشر، وإننا مستعدون للخروج من عرسال إذا عولج الوضع بأسرع وقت ممكن، وإننا ما خرجنا إلا لإقامة شرع الله ونصرة المستضعفين». ونقلت قناة LBCI عن مصادر أمنية قولها إن الموقوف عماد جمعة هو مسؤول لواء فجر الإسلام الذي بايع «داعش» منذ أيام وكان يقوم بمهمة استطلاعية تمهيدا للقيام بعملية إرهابية ضد نقاط عسكرية للجيش بعرسال.
في غضون ذلك، ترأس رئيس الحكومة تمام سلام اجتماعا أمنيا بحضور قادة الأجهزة الأمنية والوزراء المختصين لبحث تطور الأوضاع في عرسال.