IMLebanon

الجيش للوطن مش للبيع

»اللهم نجّني من أصدقائي فأعدائي أنا كفيلٌ بهم»، هذا الدعاء – المثل أكثر ما ينطبق على بعض الذين يزعمون أنّهم أصدقاء الجيش اللبناني، وأنّهم غيارى عليه، ولكنها غيرة مضرّة في مختلف الحالات.

فمن يظن هؤلاء أنفسهم ليملكوا هذه المونة على الجيش؟ وهل يظنون أنّ الجيش موظّف عند آبائهم؟

يتصرّف هؤلاء من منطلق أنّ الجيش جيشهم، وأنّه يتلقّى أوامره والتعليمات منهم، وكأنّه ينتظر إشارتهم حتى ينفّذ.

فتارة يرسمون له «خطة» في جرود عرسال.

وطوراً يرسمونها في عبرا.

وحيناً في طرابلس.

وأحياناً في الجنوب.

وكلّ حين على الحدود اللبنانية السورية شرقاً وشمالاً.

يحدّدون له خطواته في كيفية التحرّك، وأماكن الإنتشار، وحتى مسار العمليات العسكرية…

ونحمد الله أنّ جيشنا ليس في هذا الوارد، وهو المعروف بمناقبيته وبالتزامه القانون بحذافيره، وبتنفيذه قرارات مجلس الوزراء كما تصدر بلا زيادة ولا نقصان.

فهو ينتشر، ويتنقّل، وينفّذ العمليات ما كان منها عسكرياً أو لوجستياً وفقاً لمضامين قرارات السلطة السياسية المتمثّلة بقرار مجلس الوزراء انطلاقاً من النص الدستوري الواضح والصريح.

يطلبون من الجيش أن يتصدّى هنا، وأن يتقدّم هناك وأن يناور هنالك…

وفاتهم أنّ الجيش لم يمنع مقاتلي «حزب الله» من التوجّه الى سوريا… فيريدونه، اليوم، أن يقتل عشرات الألوف في عرسال من أهلها ومن النازحين السوريين إليها حتى يرضوا عنه؟!.

وفاتهم أنّ الجيش يرسم خطواته كلها وفق القانون، أو أنّه لم يفتهم ذلك ولكنهم يريدونه أن يخالف القوانين والأنظمة التي ترعى عمله… أي أن يتمرّد على السلطة السياسية المتمثلة، في هذه المرحلة، بمجلس الوزراء مجتمعاً.

أين كان هؤلاء عندما توصّل الرئيس ميشال سليمان وبمساعدة الرئيس سعد الحريري لأن يحصل على هبة للجيش بـ3 مليارات دولار من المملكة العربية السعودية…؟! و»المشكلة» الكبرى أنّها من دون عمولات من الواهب، فهي من المملكة العربية السعودية الى البائع مباشرة أي الى فرنسا، والدور اللبناني فني فقط يحدّد ما هي المساعدات والمعدات المطلوبة.

ولم يكتفِ الرئيس الحريري بتأمين 3 مليارات للجيش بل تمكن أيضاً من الحصول على مليار دولار بصفة فورية تُنفق بإشرافه الى الجيش 500 مليون دولار، وإلى قوى الأمن الداخلي 500 مليون.

وزاد الطين بلّة المساعدة الروسية التي حصل الحريري على وعد بها عام 2010 يوم كان رئيساً للوزراء، وقبل إقالته بـ3 أشهر، فاستطاع أن يستبدل طائرات «الميغ» بـ6 مروحيات و77 دبابة و36 مدفعاً و37 ألف قذيفة ومئات الآلاف من الطلقات النارية.

السؤال الكبير أين إيران من كل هذا، ولماذا لا تساعد الجيش اللبناني بالرغم من طلب رسمي من الرئيس ميشال سليمان خلال زيارته إليها؟

الى ذلك، فإنّ هؤلاء المزايدين هل خانتهم الذاكرة فنسوا عملية قتل الرائد الطيّار سامر حنا برصاص «حزب الله»؟

فإلى هؤلاء نقول:

اتركوا الجيش في حاله.

اتركوه… فهو أدرى بمصلحة الوطن منكم، وهو بالتأكيد أشد منكم حرصاً على المصلحة اللبنانية العليا.

فالجيش يعرف متى يتدخل،

ويعرف متى يراقب،

ويعرف متى لا يتدخل،

ويعرف متى يُقدم.

والمثال على ذلك مرحلة «النهر البارد» (الذي كان خطاً أحمر… هل نسينا؟) فقد عرف كيف يكون تنفيذ القرار الشرعي السياسي بعملٍ عسكري على الأرض…

وفي هذا الجيش غرفة عمليات يشرف عليها ضباط من خيرة العسكريين مشهود لهم من أرفع المعاهد العسكرية في العالم وأكثرها رصانة.

ولهذا الجيش قيادة مسؤولة واعية ترفض أن تزج به في متاهات السياسة اللبنانية، كما تأبى أن يحسبها هذا الفريق عليه! وبالتأكيد هي لا تدير أذنها الى الدعوات المغرضة التي تهدف الى جرّه الى معارك ليست معاركه، وإلى ميادين ليست ميادينه، تحقيقاً لمرامي وأهدافٍ ليست لبنانية في كل حال.

اتركوا هذا الجيش… ابعدوا أنفسكم عنه… دعوه في ما هو عليه من وطنية ومناقبية وبسالة، فهذا الجيش هو جيشنا جميعاً.

إنّه جيش لبنان كله، وهو جيش اللبنانيين جميعاً.

أمّا إذا كانت غيرتكم عليه صادقة فهناك سبيل واحد لترجمتها، بأن تنضمّوا الى الجيش وتكونوا تحت إمرته… فالقيادة العسكرية اللبنانية مرجعيتها القيادة السياسية، أمّا «حزب الله» فمرجعيته في إيران.

باختصار: ابتعدوا عن الجيش… فهو أدرى بشؤونه.