طالبت السلطات العراقية من الامم المتحدة توجيه ضربات لمعسكرات ما يسمى تنظيم “الدولة الاسلامية في العراق والشام ” من اجل كسر الحالة النفسية ووضع القوات العراقية لهزيمة تلك الجماعات وفق ما قال وزير الخارجية هوشيار زيباري. كما ابدت ايران استعدادها للتدخل في ضوء تقارير تفيد بارسال كتائب من الحرس الثوري دعما للجيش العراقي ومساعدته على التصدي لهذا التنظيم وسحق ما بات يعتبره كثر ثورة سنية ضد حكم نوري المالكي. بدوره اعلن قائد القوات الاميركية مارتن ديمبسي امام اللجنة الفرعية للمخصصات في مجلس الشيوخ ان العراق طلب من الولايات المتحدة قوة جوية لمواجهة متشددين اسلاميين مضيفا ان من مصلحة امننا القومي مواجهة الدولة الاسلامية في العراق والشام اينما وجدناهم، ما اثار موجة من المواقف المتناقضة داخل الاوساط السياسية الاميركية شأنها في ذلك شأن ما حصل بين دعم تراجع اوباما عن الضربة العسكرية لسوريا وبين توجيه انتقادات قاسية له لا تزال مستمرة حتى اليوم تحمّله مسؤولية ما آلت اليه سوريا وما آل اليه العراق تبعا لخطأ التراجع الاميركي الذي كان انقذ العراق لو انه انهى المأساة السورية العام الماضي.
ادخلت التطورات العراقية الدول الاقليمية والغربية المؤثرة في تناقض مخيف اذ ان الاسئلة في كل الاوساط المهتمة تتمحور على كيفية تبرير ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما المشاركة في حملة عسكرية ضد مواقع في العراق من اجل انقاذ حكم المالكي في حين انه لا يزال حتى الان يبرر من دون نجاح تراجعه عن توجيه ضربة عسكرية موضعية الى النظام السوري من اجل تقييد حملاته العسكرية على شعبه معتبرا ان اي تدخل يفترض تغيير المعادلات يتطلب انخراطا عسكريا كبيرا وهو غير مستعد لذلك. فتح ذلك الباب على تساؤلات ايضا حول الرهان الاميركي على ايران والقوى الشيعية في المنطقة وهل ستتعاون الولايات المتحدة مع ايران في مقابل اتفاق على الملف النووي الايراني بذريعة ان القوى الشيعية نضجت ” ثورتها ” وذلك على حساب الرهان والعمل مع القوى السنية التي هي في انطلاق ” ثورتها “. وتاليا ما اذا كانت الولايات المتحدة وايران ستتحالفان في العراق على رغم تناقضهما في سوريا او اذا كانت تتحمل ابقاء المالكي الذي تسبب في وصول العراق الى ما وصل اليه راهنا من تقسيم واقعي على الارض والذي تناهض بقاءه القوى السنية والدول الخليجية في المنطقة فيما لا تزال ترغب في انهاء سلطة بشار الاسد الذي يستمر يقوم بما قام به المالكي. فاذا كان الاسد وفق ما قالت الولايات المتحدة والدول الغربية جاذبا للتنظيمات الارهابية وبقاؤه يشجع على تناميها فان الامر ينسحب بالمنطق نفسه وفق ما تقول مصادر معنية على المالكي الذي يشكل استمراره في السلطة جاذبا للتنظيمات الاصولية والمتشددين كما لثورة مذهبية.
الدول والتنظيمات في المنطقة يمكن ان تقع في التناقض نفسه ازاء كل من العراق وسوريا. اذ اعلنت المملكة العربية السعودية رفضها التدخل الاجنبي في شؤون العراق. في حين سألت اوساط عدة في بيروت عما يمكن ان يكون عليه موقف ” حزب الله” من طلب السلطات العراقية الشيعية مساعدة الولايات المتحدة واستخدام قواتها لابقاء هذه السلطات قائمة وضمان استمرارها علما ان الاسئلة تسري ايضا على موقفه من استعدادات التعاون الايراني الاميركي على هذا الصعيد.
وبغض النظر عن واقع استحالة اعتبار سلطة تحكم بلدا من خلال الاعتماد على قوة خارجية كما يفعل العراق او كما يفعل النظام السوري الذي يستند الى الدعم المباشر للتنظيمات الشيعية الذي انقذت حكمه ولا تزال ترفده بالمساعدات الميدانية من اجل محاولة تدعيم استمراره سلطة سيدة ومستقلة، فإن التطورات العراقية وارتباطها العضوي بالوضع السوري باتت تفتح الابواب على تساؤلات عدة: ان استمرار المالكي في العراق يعني استمرار الازمة العراقية وانفتاح احتمالات حرب اهلية طويلة تماما كما هي الحال وستكون بالنسبة الى النظام السوري. فاذا فتح المجال من اجل ايجاد حل سريع في العراق من اجل منع تفككه اسقاط التمسك بالمالكي الذي يمثل كما الاسد نظاما واجهزة امنية وليس مجرد شخص عبر السعي الى تأمين بديل يطمئن كل الفئات العراقية ويستوعبها ويعيد انتاج حال وطنية يمكن ان تغني عن تقسيم العراق او تفتيته فهل سيسري ذلك على الاسد انطلاقا من انه قام ولا يزال يقوم وعلى نحو اكثر عنفا وسوءا بما قام به المالكي بحيث من المرجح ان تبقى سوريا في حرب اهلية طويلة اذا استمر الاسد في السلطة لعجزه عن اعادة استيعاب كل الفئات السورية ؟ بعض المصادر تقول ان احتمال رفض التخلي عن المالكي من جانب ايران تحديدا ينطوي على خشية من ان ينسحب ذلك على الاسد ما يعني انهيار مكاسبها الواحد تلو الاخر في حين ان دول الخليج العربي ترفض بقاء المالكي في العراق كما ترفض بقاء الاسد في سوريا. ثمة من يذكر بنظرية الدومينو في هذا الاطار انطلاقا من ان الحل في العراق الذي غدا ملحا اكثر من سوريا يمكن ان يفتح باب الحلول الى سوريا وسواها كما ان الحروب المذهبية ستتدحرج ايضا الى المنطقة. فعلى غرار سوريا التي تحولت ثورتها الشعبية ضد الاسد الى سلة من التعقيدات والعوامل المتداخلة يخشى ان الوضع العراقي يحتضن تعقيدات خطيرة مماثلة على نحو لا يجعل الحل سهلا بالمقدار الذي يأمله كثر