IMLebanon

الحدود… إلى تغيير!

يتصدَّر سفراء الدول الخمس الكبرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن الواجهة الإعلاميّة، في السرايا أوّلاً، ثمّ في عين التينة، وبكركي في حضور بطاركة الشرق. فماذا في التفاصيل؟

كان واضحاً في وسائل الإعلام أنّ الرئيس نبيه برّي شدّد على ضرورة مدّ الجيش بما يحتاجه من سلاح لمواجهة خطر الإرهاب، فيما شدَّد مجلس البطاركة على ضرورة حماية الوجود المسيحي في الشرق بعد الاقتلاع الذي تعرّض له مسيحيّو الموصل. وخارج المتداوَل سجَّل بعض سفراء ملاحظات عدّة يُفترَض التوقف عند بعضها.

أوّلاً: غياب الحوار الوطني الحقيقي والجدّي للبحث في المخاطر التي تتهدَّد الوطن، والكيان، والحدود، والسيادة، والدولة برموزها ومؤسساتها. «كلٌّ في وادٍ وكلٌّ يغنّي على ليلاه؟!».

ثانياً: الإفلاس الوطني العام. وعندما يُصار الاحتكام إلى ممثلي الدوَل للمساعدة على إدارة ملفات هي من اختصاص أهل البيت، فهذا يعني استقالة الغالبية من مسؤولياتها، إمّا لسبب الضعف، أو العجز، أو الكيديات التي تُفرّق أكثر ممّا تجمع.

ثالثاً: إنّ المواضيع التي أثيرت في بكركي، أو في عين التينة، أو عند رئيس الحكومة تمّام سلام، مهمّة، و»مفصليّة»، لكنّها مواضيع النتيجة لا السبب. السبب أبعدُ وأكبر ويتحدّر من سؤالين كبيرين ليس عند ممثلي الدوَل الكبرى أيّ إجابة في شأنهما بعد، الأوّل: هل من حاجة بعد للبنان الثقافة والتنوّع، والجسر ما بين الغرب والشرق، أم أصبحَ بالإمكان الاستغناء عن هذا الدور في ظلّ ما يُرسَم من خرائط ومشاريع نفطية واقتصاديّة للشرق الأوسط الجديد؟ والثاني: هل حدود الـ 10452 كيلومتراً مربّعاً نهائيّة، أم هي عُرضة للتبديل والتغيير؟».

رابعاً: إنّ موضوع السلاح دقيقٌ وخطير في آن. لقد طالبَ الرئيس برّي، كما طالب غيره، بضرورة الإسراع في تسليح الجيش، وتخطّي الروتين الإداري والبيروقراطي، لكن في المقلب الآخر، وعلى الرغم من وجود دوَل تموِّل، وأخرى تتحمَّس لتلبية الحاجات والضرورات، تبرز عوائق لا يُستهان ببعضها. هناك من يقول: «لا لتسليحِ الجيش، فهو حليف طبيعي لحزب إيران في لبنان، والمتورّط بقتلِ أهل السُنّة في سوريا؟!».

وهناك من يقول: «لا لتسليح الجيش، لأنّ السلاح لا يمكن أن يعطى إلّا لاستخدامه في مهمّات محدّدة، وعندما يتمّ التفاهم المسبَق على هذه المهمّات مع الدول المموّلة، أو المصنِّعة، يصل السلاح فوراً، ومن دون عوائق!».

وهناك من يقول: «إنّ عدم مدّ الجيش بما يحتاج من سلاح هو قرار اتّخذه بعض الدول المؤثّرة، أو الفاعلة، لأسبابٍ بعضُها معروف ومُعلن، وبعضها الآخر لا يزال طيَّ الكتمان، وقد أسهمَت هذه الثغرة في إباحة السلاح اللاشرعي المنتشر على مساحة الوطن».

ويعدّد الديبلوماسيّون أسباباً وجيهة، منها عدم قيام الدولة القوية القادرة والعادلة، وتفشّي ظاهرة الفساد المالي والإداري والسياسي والأخلاقي، وغياب التنمية، وتراجع الخدمات، وازدهار البطالة في صفوف الشباب، وتعاظم شأن الحساسيات المذهبيّة والطائفيّة، وتفاقُم الوضع الأمني في البلاد بعد جولات القتال المكلفة، سواءٌ في نهر البارد، أو عبرا، أو طرابلس. ويحتفظ هؤلاء الدبلوماسيون بـ»مسح ميداني» قامت به إحدى الصُحف المحَليّة لقرى وبلدات مناطق بعلبك – عرسال – الهرمل قبل شهرين تقريباً، وثَّقت فيه وبشهاداتٍ أدلى بها مخاتيرُ تلك القرى، ورؤساء بلدياتها، والعديدُ من المواطنين عن وجود السلاح، ومبرّرات اقتنائه دفاعاً عن النفس، وإنّ هذه الظاهرة قد بدأت مع بدء الأحداث في سوريا، و»إجتياح» النزوح السوري مساحات شاسعة، ومناطق آهلة.

وقد تفاقمَت بشكل غير مسبوق مع اندلاع معارك القُصير، والقلمون، وجرود عرسال، وتنامِي نفوذ التنظيمات الإرهابيّة من «داعش»، إلى «جبهة النصرة»، مع وجود بعض البيئات الحاضنة لها على خلفية مذهبيّة ضدّ «حزب الله»، وسلاحه، وتورُّطه في النزاع داخل سوريا.

ولدى سؤال أحد سفراء المجموعة: ما العمل؟ وكيف يمكن المساعدة؟ أجاب فوراً: وهل اللبنانيون جديرون بهذا اللبنان، وحريصون عليه، ويريدونه فعلاً، أم أنّ كلّاً منهم يريده على قياس مصالحِه وطائفته ومذهبه؟!