لا يمكن حتى هذه اللحظة، تأكيد طبيعة العمل العسكري الذي ستُقدِم عليه الولايات المتحدة ضدّ تنظيم «داعش» في سوريا، أو رسم حدوده وأهدافه، أو هوية «التحالفات» التي ستُعقد من أجله.
صدرت في الساعات الثماني والاربعين الماضية تصريحاتٍ عدة، بعضها عن أوساط رسمية سياسية وعسكرية، تؤشّر الى إمكان حَسم الامر نهايةَ هذا الاسبوع، حيث يُتوقّع أن يستكمل قادة «البنتاغون» وضع لمساتهم الأخيرة على قائمة الأهداف والخيارات التي ستوضع بين يدي الرئيس باراك اوباما لكي يتخذ قراره في ضوئها.
لكنّ بعض المطلعين دعوا الى عدم الاسترسال في توقّع «قلب الطاولة» في سوريا، خصوصاً أنّ أوباما وإدارته، حرصا على ضرورة عدم الإستغراق في توقّع نشوء تحالف «الضرورة» مع نظام الرئيس السوري بشار الاسد، خلافاً لتكهنات عدة سرت أخيراً، سعى بعض مَن اطلقها الى الاستثمار في هذا المجال. فأوباما لن ينزلق في سوريا الى ما لا يزال يتحاشاه في العراق، على رغم الضربات الجوية الاميركية التي أوقفت فعلياً تقدّم «داعش» فيه.
وفي السياق، جدّد المتحدّث بإسم البيت الأبيض جوشوا إيرنست التأكيد امس الاول، على أنّ التدخل العسكري الأميركي وحده لن يكون كافياً للتصدي لهذا التنظيم في العراق بشكل مستدام، مشدّداً على أهمية تأليف حكومة شاملة في بغداد تمثل أطياف المجتمع العراقي، وتوحّده في وجه هذا التهديد.
وحذّر من أنّ التاريخ برهَن على أنّ التدخل العسكري الأميركي الأحادي الجانب لا يقود إلى حلول دائمة، مشيراً إلى أنّ الولايات المتحدة تجري إتصالات كثيفة لحشد الجهود الدولية من أجل مواجهة «داعش».
ولذلك، يرى المطلعون أنّ الرهان على هذا الجانب لتجديد شرعية النظام السوري هو رهان خاطئ، في وقت تتّهمه الامم المتحدة بارتكاب جرائم حرب سابقة ولاحقة، على غرار ما يفعله «داعش» راهناً، ومن بينها استخدامه اسلحة كيماوية ثماني مرات منذ نيسان الماضي.
ويشدّد هؤلاء على أهمية الاتصالات العربية الجارية حثيثاً للإعلان عن مبادرة سياسية في شأن سوريا بهدف تأليف مرجعية سياسية وأمنية وعسكرية عربية تحت شعار مكافحة الارهاب، تركّز على ضرورة توفير الاطار الملائم لعملية سياسية انتقالية في سوريا بلا الرئيس بشار الاسد.
ففي رأيهم، أنّ الحديث عن تفاهمات إيرانية ـ سعودية شاملة تعوزه براهين كثيرة، في الوقت الذي تحاول فيه ايران الحدّ من خسائرها.
فقد سعت الى الدخول في بازار مزايدات مع الاكراد، عبر إعلانها تقديم دعم عسكري لقوات «البشمركة»، في محاولة منها لتجديد «شراكة كردية ـ شيعية»، في الوقت الذي تمرّ فيه الاتصالات السياسية لتأليف حكومة عراقية جديدة بصعوبات غير يسيرة.
وتحت عنوان «قضية اميرلي الانسانية»، البلدة التي تقطنها اقلية شيعية تركمانية، تجرى محاولات لإعادة تجديد زخم الغارات الجوية الاميركية فوق العراق، بعد تراجعها في الآونة الاخيرة، بقرار سياسي واضح من الادارة الاميركية التي رهنت الموضوع بما يمكن انجازه سياسياً.
وأخيراً، يُحذّر هؤلاء المطلعون من إيقاع اللبنانيين مجدّداً في وهم التحالفات الاقليمية، عبر تضخيم الحديث عن دور للاسد في المستقبل، ومن خطورة الدعوات التي تصدر في هذه المرحلة الى تسليح الاقليات، الامر الذي سيعرّضها الى دفع أثمان باهظة في مواجهات لا طاقة لها على تحمّلها، وستجعلها هدفاً مجانياً للقوى المتطرّفة عبر ربط مصيرها بمصير الاسد.
فإذا كان الحديث يدور عن تحالفات محلية واقليمية ودولية في مواجهة الارهاب، فهذا دليل على انّ المعركة لا تزال طويلة في الوقت الذي لا يمكن معه التنبّؤ بمستقبل، ليس العراق او سوريا فحسب، بل لبنان والمنطقة برمّتها!