تحت عنوان نشر «الحرية والديموقراطيّة» خاضت الولايات المتحدة الأميركيّة حروب تدمير الشرق الأوسط، هذه اللازمة سمعناها منذ الحرب على العراق، والسعادة الأميركيّة بنشر «التجربة الديموقراطيّة» التي أسفرت عن «ديكتاتوريّة دينيّة» مقنّعة بعنوان واهٍ هو «الانتخابات»!!
لم يسقط نوري المالكي في «دورته الديكتاتوريّة» الثالثة في حكم العراق، بل سقط بفعل «فتوى السيستاني»، ومباركة الخامنئي، ورفض مقتدى الصدر وعمّار الحكيم، والمخيف أنه وفي مواجهة «سيل» الفتاوى الشيعيّة المختلفة والتي قد تصل إلى حدّ التشنيع أو تكفير مرجعية من المرجعيات، نقع على سيل مقابل من الفتاوى السُنيّة التي أوصلت العالم الإسلامي إلى كارثةٍ غير مسبوقة منذ تصدّى للفُتيا فيه كثير من التافهين والجهلة وتصدّروا المشهد!!
ليست الديموقراطيّة، ولا الثّورة التي اندلعت في العراق، فأطلق السفّاح العراقي العنان لـ «داعش» وسلّمها جيشه الموصل وسواها من مدن ديموغرافيتها مكتظة بالأقليّات، تيمّناً بالسفّاح السوري الذي سلّم «داعش» الرقّة وسواها، بعدما استنفدت الديكتاتوريات قبلهما الاستعانة بالقاعدة، عمليّاً ما أطاح المالكي هو «فتوى السيستاني»، فأي حريّة وديموقراطيّة جلبتها أميركا إلى المنطقة؟! فعلى خطى العراق سارت غزّة عندما خاضت حماس عام 2006 الانتخابات بموجب فتوى دينيّة تُكفّر من لا ينتخبها وبموجب هذه «النتائج» نفذت انقلابها والأمرُ نفسه تكرّر في مصر مع سطوِ الإخوان على الحكم بحجّة نتائج الانتخابات الديموقراطيّة، حتى في لبنان ومنذ العام 2005 يخوض حزب الله الانتخابات النيابيّة بموجب «التكليف الشرعي» من «النائب والوكيل الشرعي» لنائب ووكيل المهدي الإيراني، فأيّ نموذج للحرية والديموقراطيّة يعيث فساداً في المنطقة؟!
سقوط نوري المالكي حسمته أميركا بموجب فتوى شرعيّة أطلقها علي السيستاني، بهذه الطريقة تضمن «الديموقراطيّة» و»الحريّة» سنداً ووكيلاً شرعيّاً حرّم قتال الغزو الأميركي عام 2003، وسيطر على الحياة السياسيّة في العراق بسيلٍ من الإجابات على استفساراتٍ عنوانها دينيّ وقوامها سياسيٌّ بحت..طار المالكي بتصريح من البيت الأبيض وجرّة قلمٍ من السيستاني، الذي استنجد به «حزب الدّعوة» ليرى رأيه في المالكي، فأرسل له سؤالاً شرعيّاً، وأجابهم السيستاني عليه برأيٍ شرعيّ مرجعيّ مُلزم فكتب في وثيقة تم تسريبها موقعة بتاريخ 11 رمضان الماضي: «تعقيباً على ما ورد في رسالتكم المؤرخة في 26 شعبان 1435 هجرية، من طلب التوجيه في ما يخصّ المواقع والمناصب أودّ أن أبلغكم بأنه بالنظر إلى الظروف الحرجة التي يمر بها العراق العزيز وضرورة التعاطي مع أزماته المستعصية برؤية مختلفة فإنني أرى ضرورة الإسراع باختيار رئيس وزراء جديد يحظى بقبول وطني واسع ويتمكن من العمل سوية مع القيادات السياسية لبقية المكونات لإنقاذ البلد من مخاطر الإرهاب والحرب الطائفية والتقسيم»!!
عاشت الديموقراطيّة الأميركيّة في العراق يداً بيد مع فتاوى المرجعيّات لما فيه «خير وأقصر طريق لخرابِ المنطقة»…حمى الله باراك أوباما وحلفاءه في المنطقة من المرجعيات الشيعيّة والمشيخات السُنيّة من القرضاوي في قطر إلى هيئة العلماء المسلمين في لبنان ووكلائهم في الميدان من «داعش وجبهة النصرة وحزب الله والإخوان المسلمين»!!