كثيرون على ضفتيّ العلاقات بين الرئيس سعد الحريري والعماد ميشال عون من هم حلفاء الرجليْن وخصومهما على السواء يسقطون على هذه العلاقات ما ليس فيها وذلك بسبب قلة المواقف المعلنة مباشرة من الحريري وعون. فأين اصبح الحوار بين زعيم تيار المستقبل وزعيم التيار الوطني الحر؟ قد يكون 25 أيار الماضي منعطفا أتاح لكثير من التحليلات التي وضعت هذا الحوار في وضع ميؤوس منه باعتبار ان هناك من كان يعتقد ان جوابا ما منتظرا من الحريري لم يصل بعد ويحدد بوضوح ما اذا كان الحريري يؤيد وصول عون الى سدة الرئاسة الاولى أم لا. وفي المقابل هناك من يعتقد ان أسئلة طرحها الحريري على عون سيحدد في ضوء الاجوبة عنها موقف الحريري من وصول عون الى قصر بعبدا أم لا، لكن هذه الاجوبة لم تصل بعد. أين هي الحقيقة؟ من المؤكد، كما يلمس من يتابع بدقة ما يدور بين الحريري وعون ان هناك شخصية مطّلعة بالكامل على خفايا المعلومات هو البطريرك الماروني الذي أصبح شاهدا منذ اللحظة الاولى على بدء الزعيمين حوارهما وذلك عبر قناة اتصال فتحها الحريري مع بكركي وأكد خلالها للبطريرك انه ماض في الحوار مع عون وانه ملتزم حضور جلسات انتخاب رئيس جديد للجمهورية وسيكون البطريرك ملما دوما بما يدور في الحوار اول بأول. وبذلك كان الحريري ولا يزال تحت انظار المرجعية الروحية المارونية فلا تكون هناك اسرار خافية عليها وهي المهمومة حتى أقصى الحدود بالفراغ الرئاسي المستمر حتى الآن. ووسط هذا المشهد كان واضحا ان النقطة المثيرة للجدل هي كيف يوفق عون في حواره مع الحريري وهو حليف لـ”حزب الله”؟ وفي المقابل كيف يوفق الحريري في حواره مع عون وهو حليف لأكثر من شخصية مسيحية في 14 آذار وفي مقدمهم الدكتور سمير جعجع؟في هذ الصدد وبعيدا عن الاوهام كان موقف العماد انه لن يتخلى عن علاقته الاستراتيجية مع السيد نصرالله. وفي المقابل كان تأكيد من الحريري انه يحترم التزام عون هذه العلاقة ويثني على وفائه لحليفه. وهو لهذا السبب يدعو عون الى احترام علاقة الحريري مع حلفائه المسيحيين ووفائه لها. وعلى قاعدة هذا الاحترام المتبادل لتحالفات عون والحريري السابقة للحوار بينهما كانت المعادلة التي يستمر على اساسها هذا الحوار هي كما يستنتجها أي لبيب من الاشارة يفهم ان الحريري الذي كان يوما “شيطانا أكبر” في نظر تيار عون استطاع ان يتواصل مع “مشيطنيه”. ومن باب أولى بعون وليس في قاموسه “اوصاف شيطانية” في حق الزعماء الموارنة لا سيما جعجع، ان يقيم حوارا معهم والانتهاء الى نتيجة تترجم في قاعة مجلس النواب حيث سيكون الحريري أول من يهنئ عون على فوزه بمنصب الرئاسة الاولى. ولمن لا يصدق موقف الحريري عليه ان يتذكر ان آخر محاولة لعقد جلسة انتخاب سبقها كلام انه صار في جعبة عون 65 صوتا وقد نزل نواب الحريري الى المجلس لتأمين النصاب.