IMLebanon

الحريري في بيروت: «داعش» تخلط الأوراق

سعد الحريري في بيروت، الجملة وحدها كافية لتحريك جملة من الاسئلة والافكار والاستنتاجات والتوقعات. في ظلّ ما شهدته بلدة عرسال أخيراً، والدور المطلوب من تيار «المستقبل» لمواجهة المد «الداعشي» الذي بدأ يطاول بيئة التيار ويهدد نفوذه فيها.

المطّلعون على أجواء الحريري واتصالاته عند نشوب الازمة في عرسال، وما نتج عن احتلال «الداعشيين» البلدة وخطفهم جنوداً من الجيش اللبناني واعتدائهم عليه، كانوا يتوقعون هذه العودة.

فالغياب الطويل وادارة الامور من بعد، تركا أثراً سلبياً كبيراً على تماسك «المستقبل»، وأعطيا القوى المتطرفة في الساحة السنية اوراق قوّة تبني عليها حضورها المدمّر ضمن الفراغ الذي وقع جرّاء غياب الحريري.

ولهذه العودة أو الزيارة، أسباب لبنانية وأخرى سعودية متصلة بقرار منع «داعش» والمتطرفين من التمدد اكثر ضمن البيئة السنية حتى لا تخسر الاخيرة نفوذها فيها، مثلما جرى في شمال العراق وشمال سوريا.

مَن يراقب مشهد المناطق التي تسيطر عليها «داعش»، يجد انها نفسها التي تعتبرها السعودية مناطق نفوذ طبيعية ومفترضة لها. من الانبار الى الموصل الى حلب وادلب، حيث تحلّ «داعش» يختفي النفوذ السعودي ويتراجع، ويبدو أنّ ثمّة مَن نصح الرياض والحريري بالحدّ من هذه الخسائر انطلاقاً من لبنان، حتى لا تخسر المملكة آخر بقعة نفوذ جدية لها في المنطقة، ونعني لبنان.

لذلك، من المتوقع ان يشكّل لبنان منطلقاً لإبراز «التناقض» الواقع بين السعودية و«داعش». وفي هذا السياق تأتي عودة الحريري، ومعه الدعم المقدّر بمليار دولار للجيش والاجهزة الامنية اللبنانية.

سيُقرأ الكثير من التحليلات حول عودة أو «زيارة» رئيس تيار المستقبل بيروت، لكنّ اوساطاً مطّلعة قريبة من «التيار» تورِد جملة أسباب داخلية لهذه العودة، أبرزها:

ـ مواجهة التمدد السلفي ـ الداعشي ضمن البيئة السنية الذي أصبح خطراً على المسلمين السنّة قبل غيرهم، وأحداث عرسال وما قام به المسلحون من انتهاكات للبلدة التي احتضنتهم وعائلاتهم، جعل الحريري ومَن يحيط به يستشعرون خطراً داهماً عليهم، وعلى خياراتهم المعلنة في الحفاظ على وحدة لبنان والدولة و«السلم الاهلي».

ـ إعادة ترتيب البيت الداخلي ضمن تيار «المستقبل» الذي اظهرت الاحداث الاخيرة انه غير «مَمسوك» وغير «متماسِك». وذلك من خلال التناقض في التصريحات والمسلكيات التي خرجت عن بعض مسؤولي التيار ونوّابه وعناصره في أزمة عرسال، وفي غيرها من الازمات السابقة، كمعركة عبرا على سبيل المثال.

وهنا، ثمّة معلومات تفيد أنّ الحريري سيُطلق ورشة اصلاح وتعيينات حزبية ضمن المناطق والفروع، وسيقدم شخصيات معتدلة على أخرى سادت في السنوات الثلاث الماضية، وأدّت نتائج أعمالها الحزبية والسياسية الى تغلغل التطرف الذي يتناقض مع مصالح البيئة التي يمثّلها التيار.

ـ العمل على دفع ملف رئاسة الجمهورية الى الواجهة، وإجراء مشاورات مع جميع الاطراف. وفي المعلومات انّ الحريري سيلتقي في الساعات والايام المقبلة شخصيات رفيعة في قوى 8 آذار، ويجري العمل لترتيب لقاء بينه وبين العماد ميشال عون، وربما يكون هنالك تواصل عبر وسطاء مع «حزب الله»، مع العلم أنّ العلاقة والاتصالات مع رئيس مجلس النواب نبيه بري لم تنقطع بتاتاً.

ومن المتوقع لعودة الحريري أن تشيع أجواء ايجابية وتعطي البلاد زخماً سياسياً تفتقده، وهذا هو الأهم. فوجود اللاعبين اللبنانيين ضروري لتظهير الاتفاقات والتفاهمات حول لبنان، هذا ما يقوله «أصحاب نظرية التسوية»، وهذا ما يأملونه.