قبيل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الخميس المقبل، تضاربت أجواء التيار الوطني الحر حول حظوظ النائب ميشال عون في الوصول إلى قصر بعبدا. لكن منسوب التفاؤل لدى العونيين بقرب انتقال «الجنرال» إلى بعبدا وصل إلى درجة غير مسبوقة
تكثفت اللقاءات في باريس لبحث الاستحقاق الرئاسي وسبل الفراغ منه في جلسة الخميس المقبل أو في أقرب وقت ممكن بعد هذا التاريخ، رغم اقتناع غالبية السياسيين بأن الفراغ في قصر بعبدا واقع لا محال، بعد 25 أيار. وفي هذا الإطار، التقى الرئيس سعد الحريري رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في العاصمة الفرنسية، التي وصل إليها أيضاً أمس رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط؛ يرافقه وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور.
فيما تتابع الرابية أجواء هذه الاجتماعات ونتائجها ولا سيما في ميل إلى التفاؤل بأن حظوظ رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون في الوصول إلى سدة الرئاسة الأولى ترتفع. إلا أن تيار المستقبل لم يحسم موقفه النهائي بعد. وقد أبلغ الحريري عون أنه لا يزال يسوق اسمه لدى المسؤولين السعوديين.
وقد بدا واضحاً أمس التفاوت في التصاريح بين نواب تكتل التغيير والإصلاح وأجواء الرابية. ففي حين كان النواب يؤكدون حصول الفراغ الحتمي وعدم معرفتهم بأجواء اجتماع باريس بين الحريري وجعجع، كانت أوساط الرابية تتحدث عن اتفاق رئاسي في باريس حاكته الرابية مع قريطم. وعليه، يشيع عونيون أن «من المفترض أن يكون الحريري قد أبلغ جعجع وقوى 14 آذار بعض ما يجري الاتفاق عليه مع عون والذي قد يؤدي الى انتخابه رئيساً في جلسة الخميس المقبل». إلا أن الأجواء الفائقة الإيجابية التي تحدثت عنها هذه المصادر مساء، عادت ونفتها قرابة منتصف الليل، مشيرة الى عراقيل غير متوقعة حالت دون وصول اتفاق الرابية _ قريطم الى خواتيمه. وأضافت إن عون كان قد حصل على دعم حلفائه في قوى 8 آذار للشروع في مفاوضاته حتى النهاية.
وتعتبر مصادر نيابية في التيار الوطني الحر أن تيار المستقبل «ليس جاهزاً للحسم بعد، والمحادثات بيننا وبين الحريري في باريس لم تصل الى أي مكان بعد». والسبب استناداً الى المصادر أن «المستقبل ينتظر الضوء الأخضر من السعودية، والأخيرة تتريث حتى يتبلور الاتفاق مع إيران».
أوساط الرابية تتحدث عن اتفاق رئاسي في باريس حاكته الرابية مع قريطم ثم تنفي
في الإطار نفسه، يقول أحد نواب تكتل التغيير والإصلاح «إننا في انتظار أن تتطور المفاوضات بين الحريري وعون، التي لم تسفر عن أي نتيجة حالياً»، على الرغم من أن «فكرة المشاركة في جلسة الخميس طُرحت، والطرح كان جدياً جداً. أما قرار التنفيذ فمن المتوقع أن يتم اتخاذه الثلاثاء في اجتماع التكتل».
من جهتهم، ينقل زوار عون عنه قوله إنه يتواصل مع الحريري، وإن الأخير قال له: «أبذل جهداً لمحاولة إقناع السعودية بانتخابك رئيساً».
لكن مصادر القوات اللبنانية أبدت ارتياحها بعد لقاء الحريري ــــ جعجع «كون الشيخ سعد لن يقبل بعون رئيساً، إضافة الى أن المحادثات بين الطرفين لم يكن لها علاقة بالاستحقاق الرئاسي». ويقول أحد المسؤولين القواتيين إن الهدف من الزيارة «المقررة منذ خمسة أشهر، هو الإسراع في انتخاب رئيس جديد حتى لا ندخل مرحلة الفراغ». ويشير المصدر إلى أن اللقاء لم يحدث «أي تطور»، مؤكداً «أن لا خطة بديلة، فحتى الساعة المرشح الأوفر حظاً هو سمير جعجع».
وفيما ربط البعض اجتماع باريس بزيارة جنبلاط وأبو فاعور لفرنسا، أكد أبو فاعور لـ«الأخبار» أن «الزيارة خاصة ولا علاقة لها بالاجتماع لا من قريب ولا من بعيد».
وكان المكتب الإعلامي للحريري قد أوضح أنه جرى خلال اللقاء مع جعجع، بحضور الرئيس فؤاد السنيورة، «تبادل لوجهات نظر متطابقة على ضرورة إنجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده الدستوري، ورفض الفراغ، والقيام بكل الجهود والاتصالات اللازمة والممكنة لمنع حدوث الفراغ، مع التشديد على وجوب حضور جميع النواب للمشاركة في جلسات انتخاب رئيس الجمهورية».
ويغادر إلى الرياض اليوم رئيس الحكومة تمام سلام، يرافقه وفد وزاري وإداري. وإذ أكد السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري أهمية الزيارة و«مكانة» سلام لدى السعودية، أوضح أن الأخير سوف يلتقي الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع وعدداً من كبار المسؤولين في البلاد، مشيراً إلى أن الزيارة ستشكل «مناسبة لتعزيز أواصر الأخوة وتبادل الآراء حول الأوضاع التي تشهدها المنطقة».
وقبيل سفره، يلتقي سلام البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي.
واعتبر الراعي في عظة قداس الأحد أن انتخاب رئيس للجمهورية قبل 25 أيار «باب للخروج من الأزمات التي نتخبط بها». وجدد نداءه إلى «نواب الأمة ليقوموا بواجبهم الوطني الكبير والمشرف، بانتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل الخامس والعشرين من هذا الشهر، أي قبل الأحد المقبل، وإلا لحقهم العار وإدانة الشعب والدول الصديقة، إذا رموا سدة الرئاسة في الفراغ». وقال:«ليتذكر الساعون إلى الفراغ في سدة الرئاسة، والذين لا يرون فيه أي مشكلة، النتائج الوخيمة التي خلفها الفراغ بين سنة 1988 و1990، وليتحملوا نتائج الفراغ، إذا حصل».
ويعقد في بكركي اليوم لقاء روحي ووطني مسيحي _ إسلامي على مستوى القمة، بدعوة من جمعية الآباء اللعازاريين، بمناسبة إعلان قداسة البابا يوحنا بولس الثاني وزيارة ذخائره للبنان.
وعلى صعيد الاستحقاق الرئاسي، لفت عضو كتلة التنمية والتحرير النائب هاني قبيسي الى أن هناك بعض الاتصالات والتشاورات التي يتفاءل بها رئيس المجلس النيابي بري وقد تؤتي ثمارها في الأسبوع المقبل».
من جهته، أوضح رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد أننا «نريد رئيساً يتمسك بالمعادلة التي حققت الانتصار لشعبنا فلا يتخلى عنها حين يُعرض عليه من الإغراءات، ما يدفعه إلى التخلي عن شروط انتصار الشعب والدولة والوطن». ورأى أنه «إذا كان هذا الاستحقاق قد أُعيق تحقيقه، فبسبب أن البعض يريد ويتمسك بترشيح من يريد حرباً أهليةً بين الشعب اللبناني ويريد تفريطاً بإنجاز المقاومة ورهن لبنان للسياسات الخارجية المعادية للبنان ولشعبه، لن يصل هذا المرشح إلى سدة الرئاسة أياً تكن القوى الداعمة له».
وقال خلال احتفال لحزب الله بمناسبة «عيد المقاومة والانتصار» في بلدة الكفور: «ونحن نودع عهداً لن نستعجل إعلان حكمنا النهائي عليه، وإن كان ساءنا الأداء على الأقل في الزمن الأخير من ولاية هذا العهد».