وسط تفاقم الازمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والهواجس الامنية الناشئة في معظمها عن أزمة الفراغ الرئاسي، اكتسبت الكلمة التي القاها الرئيس سعد الحريري مساء أمس في الافطار المركزي الذي أقامه “تيار المستقبل” في مجمع البيال والمناطق الاخرى بأهمية كبيرة من مضمون اطلالته الجديدة على مبادرة سياسية مفصلة و”خريطة طريق لحماية لبنان” وسط التطورات الاقليمية الخطيرة المتسارعة والانسداد السياسي الداخلي. ولعل أبرز المفاصل التي ميزت هذه الكلمة ومواقف الحريري عبرها تمثل في التشديد اللافت لرئيس الوزراء سابقاً وزعيم “تيار المستقبل” على الاولوية المطلقة لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد وهي النقطة المركزية التي اطلق من خلالها الحريري رسالته السياسية الاساسية بحيث شكلت العمود الفقري لكلمته ومبادرته.
وفي ما وصفه بـ”خريطة الطريق لحماية لبنان” فصل الحريري مبادرته بست نقاط هي “انتخاب رئيس الجمهورية وانهاء الفراغ الرئاسي باعتباره أولوية تتقدم أي مهمة وطنية أخرى، وتشكيل حكومة جديدة على صورة الحكومة الحالية تتولى مع الرئيس الجديد ادارة المرحلة، وانسحاب “حزب الله” من الحرب السورية، واعداد خطة وطنية شاملة لمواجهة الارهاب بكل أشكاله ومسمياته، والتوافق على خطة طوارئ رسمية لمواجهة أزمة نزوح أشقائنا السوريين الى لبنان، واجراء الانتخابات النيابية في المواعيد التي يحددها القانون وتجنب كل اشكال التمديد لمجلس النواب”. غير انه لفت الى ان “مدخل الانتخابات النيابية هو انتخاب رئيس الجمهورية اليوم قبل الغد”، متسائلاً: “من من النواب سينتخب رئيسا للمجلس وهو غير قادر على انتخاب رئيس للجمهورية؟”. وحذر من ان “اعتياد اللبنانيين غياب الرئيس وصورته ودوره ومسؤوليته هو الخطر الذي يتهدد موقع الرئاسة وهو تغييب غير مقبول لتلك الرمزية التي يشكلها الرئيس المسيحي الوحيد في الشرق الاسلامي والعربي وطعن في أساس الصيغة التي قام عليها لبنان وتوافق عليها اللبنانيون”. وتطرق الى الحوارات التي اجراها مع الاطراف السياسيين موضحاً ان “موقفنا هو ان لا فيتو لدينا على أحد ونحن عامل مساعد لانتخاب الرئيس ولسنا العامل المقرر الذي هو في نظرنا توافق المسيحيين على مرشح ونحن نوافق عليه سلفاً من دون تحفظ”. لكن الحريري الذي قال: “إننا لم نعد نستطيع ان نتفرج على تعطيل دائم للنصاب بحجة غياب التوافق المسيحي وهذا الامر يهدد اساس وجود لبنان”، محذراً تكراراً من ان الشغور الرئاسي هو “اكبر خطر على لبنان ونظامه الديموقراطي ووجوده”، أعلن “اننا سنبدأ مشاورات مع حلفائنا وحوارات مع مختلف القوى السياسية خارج 14 آذار عنوانها البحث عن أي طريقة لانهاء حال الشغور في رئاسة الجمهورية وبأسرع وقت ممكن لكي نتمكن من السير في الاستحقاقات الدستورية اللاحقة”.
وتردد ان ما اقترحه الرئيس الحريري من تحرّك لكسر الجمود في انجاز الاستحقاق الرئاسي قد يتضمن حواراً مع رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب وليد جنبلاط من جهة وسعي الى ايجاد قواسم مشتركة بين رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” النائب العماد ميشال عون ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع من جهة أخرى، علما ان ثمة من فسر تلويح الحريري بتحرك جديد بأنه قد يكون ايذاناً بالتوجه نحو مرشحين من غير فئة الزعماء السياسيين الاربعة في فريقي 8 و 14 آذار.
“المستقبل“
في غضون ذلك، علمت “النهار” ان التصعيد الذي عاد الى السجالات بين “المستقبل” وممثلي الرئيس بري يعود الى ان أجوبة كانت منتظرة من وزير المال علي حسن خليل في شأن اقتراحات الرئيس فؤاد السنيورة عن طريقة دفع متوجبات الدولة في موضوع الرواتب من دون المرور بمجلس النواب، فأتت ظهر امس في صورة سلبية مما أستدعى رداً من نائبيّ “المستقبل” غازي يوسف وجمال الجرّاح.
الحكومة
وأبلغت مصادر وزارية “النهار” ان المساعي لحلحلة موضوع ملف الجامعة اللبنانية بما يسمح بمعاودة جلسات مجلس الوزراء فشلت بسبب عقدة منصب عميد كلية الطب. وقد أصر “التيار الوطني الحر” على الاسم الذي أقترحه لهذا المنصب مما أقفل باب التفاهم مع الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يطرح العميد الحالي بيار يارد كي يستمر في هذا المنصب.