IMLebanon

الحكومة تُجمع على سقف ملف المخطوفين رفض المقايضة والافساح لمفاوضات الدول

بدا واضحا امس ان حكومة الرئيس تمام سلام خطت خطوة متقدمة مبدئيا لوضع حد للارتباك الذي أصابها وسط أحد أخطر المآزق الذي اعترضها والذي يتمثل في مسألة المخطوفين العسكريين لدى التنظيمات الارهابية، الامر الذي يؤمل منه على الاقل ان تمضي الحكومة في مسار رسمته باجماع مكوناتها على قاعدة “رفض المقايضة او المساومة على حياة المخطوفين العسكريين” والقبول بمفاوضات عبر دول لاستردادهم.

والواقع ان جلسة مجلس الوزراء انعقدت وسط أجواء محمومة اضفاها اعتصام اهالي المخطوفين العسكريين في البقاع ولا سيما منه البقاع الشمالي الذين اطلقوا مواقف تصعيدية ضد الحكومة قبيل انعقاد الجلسة وخلال انعقادها ومن ثم بعد انتهائها. وراوحت هذه المواقف بين التحذير من “فتنة لا يستطيع أحد تحملها “والتلويح” بتصرف عشائري في البقاع “وصولا الى “نداء الى قائد الجيش العماد جان قهوجي لاعتقال جميع الوزراء ومبادلتهم بالجنود المخطوفين “وامهال الدولة 24 ساعة للاستجابة لمطالبهم باعادة المخطوفين “بمقايضة او بغير مقايضة”.

النازحون والمخطوفون

وعلمت “النهار” أن الجلسة العادية لمجلس الوزراء التي امتدت أكثر من ست ساعات أرادت من خلالها الحكومة توجيه رسالة قوية ومباشرة الى أهالي المخطوفين العسكريين بأنها تتابع قضيتهم بكل فاعلية وتخصص لها ما لديها من امكانات على كل المستويات. وأبلغ الوزراء ان العدد الكامل للمخطوفين هو 28 عسكريا ورجل أمن وهم يتوزعون بالتساوي بين “جبهة النصرة” وتنظيم “داعش”، أي 14 مخطوفا عند كل من الجهتين. واقترح وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق معالجة وضع اللاجئين السوريين في عرسال والبالغ عددهم نحو ثلاثة أضعاف عدد سكان البلدة وهم يعيشون الآن في ظروف مأسوية بعد إحتراق خيمهم في المعارك الاخيرة. وخلال النقاش طرح مشروع نقل هؤلاء اللاجئين الى مناطق جديدة برعاية دولية للاهتمام بحاجات لجوئهم. وفي الوقت نفسه كان تأكيد ان الصلاحيات الممنوحة للجيش للعمل هي كاملة و”كل الاضواء الخضراء مضاءة أمامه” على حد تعبير أحد الوزراء. وكان لافتا في ضوء مداخلة رئيس الوزراء في مستهل الجلسة أن يصار الى توسيع عضوية لجنة “خلية الازمة”التي يرأسها الرئيس سلام والمكلفة إدارة ملف المخطوفين لتضم المكوّن الشيعي، فكان أن أضيف الى عضويتها وزير المال علي حسن خليل الى جانب وزراء الدفاع والداخلية والعدل والخارجية، وتقرر أن تعقد اللجنة إجتماعها الاول بعد ظهر اليوم في السرايا، على أن تستقبل وفدا مصغرا من أهالي المخطوفين لاطلاعهم على الجهود التي تبذل لتحرير أبنائهم.

كما علمت “النهار” ان الاجواء التي سبقت الجلسة والمتعلّقة بتشتت الموقف الحكومي من موضوع معالجة قضية المخطوفين، تبددت خلال الجلسة امس عندما جرى التأكيد بالاجماع أن المفاوضات ليست عيبا بل هي اسلوب تعتمده حتى الدول الكبرى عندما يكون لديها مخطوفون. وقد ثبت أن إدارة هذا الملف برئاسة الرئيس سلام كانت أنزه وأفضل مفاوضات عرفتها دولة مرّت بهذه التجربة. فقد تمسك لبنان بمبادئ عدم المقايضة أو المبادلة أو الخضوع لشروط إطلاق إرهابيين محكوم عليهم. كما أن لبنان لا يخوض مفاوضات مباشرة بل يقوم بها بطريقة غير مباشرة من طريق دول وهيئات معنية. وفي هذا الاطار عرض مجلس الوزراء نقاط القوة ونقاط الضعف على هذا الصعيد. وأظهرت مداخلات وزراء “حزب الله” وحركة “أمل” أنهم ضمن الاجماع في الرؤية الشاملة للملف. بعد ذلك توقفت مداخلات عدد من الوزراء عند تحرك أهالي المخطوفين، فأبدت تعاطفا مع واقعهم وفي الوقت نفسه حذرت من تحويلهم ورقة في يد البعض للضغط على الحكومة بدل توجيه الجهود لتحرير أبنائهم من خاطفيهم من “جبهة النصرة” وتنظيم “داعش”.

وقالت أوساط وزارية لـ”النهار” ان سلام عرض لكل مراحل المفاوضات وما انجزته من تحرير عشرة مخطوفين، كما ان وزير الداخلية طرح اسئلة عدة انطلاقا من واقع عرسال الذي يشبه وضعا احتلاليا تحت ضغط اللاجئين السوريين. ولفتت الى انه حين تبلغ مجلس الوزراء مقتل مواطن عرسالي على يد “داعش” تبدلت كل الاجواء في اتجاه الموقف الذي اتخذه مجلس الوزراء من رفض المقايضة او المساومة.

وأعلن مجلس الوزراء رسميا انه قرر بالاجماع ان “سلامة العسكريين لا يمكن ان تكون موضع مساومة او مقايضة لان الدولة بمؤسساتها ستتصدى بحزم لكل ما يهدد حياتهم”. وأبرز “ضرورة عدم الانجرار الى محاولة تحوير المعركة بين المواطنين والدولة فيما يجب ان تكون الجهود مشتركة معا لمكافحة الارهاب”. كما طلب من قيادتي الجيش وقوى الامن الداخلي اتخاذ كل الاجراءات اللازمة لضبط الوضع وتحرير العسكريين.

مواقف وزارية

وصرح الوزير نهاد المشنوق لـ”النهار” بأنه “يجب تحرير عرسال بكل الوسائل المتاحة سياسيا وانمائيا واجتماعيا وعند الضرورة امنيا من خلال الصلاحيات الممنوحة للجيش والقوى الامنية وانا كنت اول من نبه الى خطورة موضوع عرسال قبل كل هذه المراحل”.

وقال وزير العمل سجعان قزي لـ”النهار” إنه اقترح خلال الجلسة مقاربة جديدة لموضوع اللاجئين السوريين. وأعتبر ان فكرة إنشاء مخيمات لإيواء هؤلاء أصبح من الماضي. واعتبر ان ما هو مطروح حاليا هو إعادتهم الى سوريا، فيعاد اللاجئون الذين يأمنون النظام الى مناطقه ويعاد اللاجئون الذين يأمنون “جبهة النصرة” و”داعش” الى مناطق تسيطر عليها الجهتان.

وسأل وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس عبر “النهار”: “ما بال بعض أهالي المخطوفين يتوعدون بحرب أهلية وأبناؤهم سالمون؟ لماذا لا يأخذون من موقف والد الشهيد علي السيد قدوة في التعالي على الجروح واضعا ثقته بالجهود التي تبذلها الحكومة لتحرير أبنائهم؟”.

في المقابل، أشارت معلومات الى ان “جبهة النصرة” أبلغت وسطاء انها لن تفرج عن عسكريين جدد إلا في اطار عملية تبادل وانها تطالب باطلاق 15 سجينا اسلاميا في مقابل كل عسكري مخطوف. وتحدثت معلومات اخرى عن اعدام تنظيم “داعش” اللبناني كايد غدادة من بلدة عرسال بعدما خطف قبل اسبوع بحجة ارتباطه بـ”حزب الله”.