واشنطن تعاقب مجموعة تكنولوجية متهمة بتعزيز ترسانة «حزب الله» العسكرية
الحكومة في دوامة «التعطيل المتبادل»
ما كان هاجساً يُخشى حدوثه منذ انطلاق عهد الشغور في رئاسة الجمهورية وقع أمس في مجلس الوزراء مع دخوله دوامة التعطيل المتبادل على قاعدة «ربط الملفات» التي كان وزير التربية والتعليم العالي الياس بوصعب قد حذر الأحد الفائت عبر «المستقبل» من بلوغها في حال عدم التوصل إلى صيغة توافقية تتيح إقرار ملفي تعيين العمداء وتفريغ الأساتذة في الجامعة اللبنانية. إذ لفتت مصادر وزارية لـ«المستقبل» إلى أنّ لعبة الشروط والشروط المضادة فرضت نفسها على بند الجامعة خلال مناقشته على طاولة مجلس الوزراء أمس تحت وطأة تمسك وزيري «جبهة النضال الوطني» وائل أبو فاعور وأكرم شهيب بتثبيت تعيين الدكتور بيار يارد عميداً لكلية الطب، ومطالبة وزير «الكتائب» سجعان قزي بتعيين عميدين كتائبيين أحدهما لكلية الطب، موضحةً أنّ الوزير بو صعب رفض في المقابل إقرار تعيينات في وزارتي العمل والصناعة خلال الجلسة مشدداً على أنّه «طالما لم تُقرّ تعيينات الجامعة اللبنانية فإنّ تكتل «التغيير والإصلاح» لن يرضى بتمرير أية تعيينات أخرى».
وكان رئيس مجلس الوزراء تمام سلام استهل جلسة الأمس كعادته منذ شغور موقع الرئاسة الأولى بالتشديد على وجوب انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ونقلت المصادر الوزارية عنه قوله في هذا السياق: «يجب أن تبقى مؤسسات الدولة قوية لكي نحافظ على لبنان ونحصّن الخطة الأمنية التي بدأ المواطنون يشككون بها من خلال ما حصل في طرابلس خلال اليومين الماضيين»، مؤكداً «ضرورة أن يبقى مجلسا النواب والوزراء يعملان وينتجان»، مع إشارته في الوقت عينه إلى أنّ «عمل المؤسسات الدستورية لم يكن ليستقيم إلا بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية«.
وإذ استغرق أعضاء مجلس الوزراء في توقيع نحو 65 مرسوماً على مدى ساعة ونصف الساعة في بداية الجلسة، قدّم وزير الاتصالات بطرس حرب في موضوع الرئاسة مداخلة مطوّلة كرر فيها وجوب الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية متسائلاً «كيف يمكن للدولة أن تقوم بلا رئيس؟»، وقال بحسب ما نقلت المصادر الوزارية: «المشكلة سببها واضح ويكمن في أنّ فريقاً سياسياً يعمل على تعطيل النصاب ومنع انتخاب رئيس جديد للجمهورية بما يؤدي إلى تعطيل الدولة ومؤسساتها ككل». عندها رد وزير الصناعة حسين الحاج حسن بالقول: «صحيح أنه لا يجوز أن يبقى البلد بلا رئيس لكن المشكلة ليست في تعطيل النصاب بل ما يمنع انتخاب الرئيس هو عدم قدرة أي مرشح على الحصول على الأكثرية المطلقة لانتخابه». فأجاب حرب قائلاً: «إذا حضر الفريق الآخر إلى مجلس النواب وشارك في جلسات انتخاب الرئيس يمكن حينها انتخابه بأكثرية 65 صوتاً، أما عدم تأمين النصاب فهو في الواقع ما يعرقل العملية الانتخابية».
الجامعة اللبنانية
ثم حين انتقل النقاش إلى بند الجامعة اللبنانية، أشارت المصادر الوزارية إلى أنّ وزيري الصحة وائل أبو فاعور والزراعة أكرم شهيب طالبا «بتثبيت عميد كلية الطب بالتكليف بيار يارد (كاثوليكي) في عمادة الكلية»، مشددين على كون طلبهما هذا «لا يستند إلى أية أبعاد طائفية بل هو ينطلق من كون يارد ليس درزياً ومشهوداً له بكفاءته العلمية على المستوى العالمي». عندها قال الوزير بوصعب: «رغم كفاءته وهو شخصية كفوءة بلا شك، إلا أننا لا نستطيع إبقاءه في موقعه لعدم الإخلال بمبدأ التوازن الطائفي المعمول به في التعيينات، لأنه سيصبح لدينا حينها 4 عمداء موارنة و4 كاثوليك وعميدان فقط للأورثوذكس».
وإذ كشفت المصادر أنّ «التيار الوطني الحر» يريد تعيين مارون غبش عميداً لكلية الطب، لفتت في المقابل إلى أنّ «حزب «الكتائب» عاد فأصر خلال جلسة الأمس على تعيين عميدين كتائبيين في الجامعة أحدهما من آل بوعبود في كلية الطب»، موضحةً أنّ «وزير العمل سجعان قزي أجرى اتصالاً خلال الجلسة بالرئيس أمين الجميل ثم أبلغ المجلس بتمسك الحزب بموقفه الداعي إلى تعيين عميدين له في الجامعة». وفي ضوء احتدام النقاش والجدل اقترح بعض الوزراء أن يصار إلى فصل ملفي الجامعة بحيث يتم إقرار ملف التفرغ من دون ملف تعيين العمداء فرفض وزراء تيار «المستقبل» ووزراء آخرون هذا الاقتراح مفضلين إقرار الملفين بالتزامن فاستقر الرأي حينئذ على تأجيل البت في بند الجامعة إلى الأسبوع المقبل.
تعيينات
في ضوء ذلك، نقلت المصادر الوزارية أنه لدى مناقشة بند يتعلق بإقرار تعيينات في وزارة العمل إعترض بوصعب قائلاً: «طالما أنّ تعيينات الجامعة اللبنانية لا تزال عالقة فأنا سأعترض على إقرار سائر التعيينات الأخرى»، أجابه قزي: «المقترح تعيينهم في وزارة العمل ليسوا «كتائبيين» بل هم من الطائفة الشيعية»، فرد بوصعب: «أنا أتحدث عن موقف مبدئي بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو الطائفية». ثم ما لبث أن كرر بو صعب الموقف نفسه حين جرى نقاش بينه وبين الوزير حسين الحاج حسن إثر اعتراضه على تعيين 10 أشخاص في وزارة الصناعة ربطاً بعدم إقرار تعيينات الجامعة.
أمن
وفي الموضوع الأمني، لفتت المصادر الوزارية إلى أنّ مجلس الوزراء وخلال مناقشته الأوضاع السائدة في البلد تطرق بوصعب إلى الاجراءات الأمنية المتخذة في محيط سجن رومية وعند الطرق المؤدية إليه، مشيراً إلى أنّ سكان المنطقة يعانون كثيراً في تنقلاتهم جراء هذه الإجراءات. فأجابه وزير الداخلية نهاد المشنوق: «يطَولوا بالهم شوي بعد»، هناك ظرف استثنائي فرض علينا اتخاذ هذه الإجراءات.
ثم أثار المشنوق ووزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس الوضع الأمني في طرابلس، فلفت المشنوق الانتباه إلى أنّ «جهازاً أمنياً في الشمال» لم يسمّه إنما وصفه بأنّ «ممارساته موروثة من زمن الوصاية السورية» عمد إلى «افتعال أزمة من خلال إطلاقه سراح موقوفين اثنين محسوبين على فريق واحد ما تسبب بحالة من الاحتقان لدى الفريق الآخر عبّر عنه بالاحتجاجات وقطع الطرق». وقال المشنوق في مداخلة مطوّلة متوجهاً إلى أعضاء مجلس الوزراء: «يا جماعة، هناك مسألة كبيرة تتهدد أمن البلد بينما نحن للأسف نتلهى بمسائل ثانوية»، وأضاف: «نحن لا نملك ترف تعطيل المؤسسات ولا مناقشة جنس الملائكة إذا أردنا أن نبقى في المواجهة، هناك 4 إلى 5 آلاف مقاتل من «داعش» وغير «داعش» عند السلسلة الشرقية في جرود عرسال حيث ورغم وجود سد عسكري في وجههم إلا أنّ الجيش اللبناني غير قادر على البقاء في جهوزية تامة في كل الأوقات لمواجهة هؤلاء المقاتلين». وأردف المشنوق: «هناك خطر كبير محدق بأمن البلد واستقراره إلى درجة أنني بقيت حتى الساعة الرابعة فجراً ليلة مباراة البرازيل وألمانيا أواكب الإجراءات الأمنية المتخذة في ضوء القرار الذي اتخذته لمنع أية تجمعات كبيرة خوفاً من أي اختراق أمني».
وفي ملف النازحين، تطرق المشنوق إلى أهمية إنجاز الشراكة المعلوماتية مع مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، ثم أطلع وزير الداخلية مجلس الوزراء على «تهديدات تطال قضاة عدليين، آخرها قصة شخصية حصلت مع أحد القضاة أمس الأول»، وبناءً على كل هذه المعطيات أشارت المصادر الوزارية إلى أنّ «مجلس الوزراء أعطى موافقة مبدئية على طلب المشنوق تطويع 7 آلاف عنصر جديد في قوى الأمن الداخلي والأمن العام إضافة إلى 3 آلاف عنصر كان المجلس قد وافق على تطويعهم منذ شهر لكي تتمكن الأجهزة من مواجهة الأوضاع الأمنية المستجدة في البلاد».
بدوره، كشف وزير التنمية الإدارية نبيل دو فريج عن «تهديدات تلقاها وجهاء في عرسال من مسلّحي «داعش» مفادها أنه إذا بقيَت عرسال مؤيدة للجيش اللبناني فإنها ستتعرّض للقصف»، وأضاف: «أكشفُ هذه المعلومات لأقول للذين كانوا يتّهمون عرسال بالتطرف إن عرسال نفسها مهدّدة من هذا التطرّف».
وقرابة منتصف الليلة الماضية، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام« أنّ الجيش اللبناني أوقف «مجموعة من 4 مسلحين بسلاحهم الفردي في منطقة وادي حميد على متن سيارة من نوع «بيك آب« كانوا يعملون على نقل الطعام والاحتياجات الضرورية للمسلحين المتمركزين في جرود السلسلة الشرقية في عرسال، وتم تحويل المجموعة الى الشرطة العسكرية للتوسع بالتحقيق واجراء المقتضى، فيما عزز الجيش اللبناني النقاط الثابتة والحواجز بعناصر جديدة في منطقة البقاع الشمالي تحسباً لأي طارئ».
عقوبات أميركية
في غضون ذلك، برز أمس إعلان وزارة الخزانة الأميركية أنها وضعت على «اللائحة السوداء» مجموعة «ستارز غروب هولدينغ» المتهمة بتقديم دعم مادي ولوجستي الى «حزب الله«، وأوضحت في بيان أنّ هذه المجموعة التي تتخذ من بيروت مقراً لها ويملكها شقيقان، تمكنت من شراء معدات الكترونية متطورة من أماكن عدة من العالم لتعزيز الترسانة العسكرية لـ»حزب الله«، مشيرةً إلى أنه «بفضل هذا الدعم تمكن الحزب من استخدام طائرات من دون طيار في مهمات عسكرية في سوريا لدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وللقيام بعمليات مراقبة في إسرائيل«. وإذ أكد البيان فرض عقوبات على فروع «ستارز غروب« في الصين والإمارات العربية المتحدة، نقل في هذا السياق عن نائب وزير الخزانة المكلف مكافحة تمويل الإرهاب ديفيد كوهين قوله: «إن شبكة التزويد الواسعة جداً لـ»حزب الله« والمنتشرة في أماكن أبعد من لبنان بكثير، تستفيد من النظام المالي الدولي لتطوير قدراتها العسكرية في سوريا وتعزيز نشاطاتها الارهابية في العالم«. في حين دعت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية جنيفر بساكي حلفاء الولايات المتحدة إلى «اتخاذ اجراءات ضد أنظمة دعم «حزب الله« التي تزيد من قدرات الحزب على القيام بنشاطات تزعزع الاستقرار في الشرق الاوسط ومجمل أنحاء العالم«.