الأهالي يضغطون.. وتحذيرات وزارية من تلازم الإرهاب والفتنة لأنهما «داعشان يتكاملان»
الحكومة ملتزمة قضية العسكريين: تواصل لا تبادل
مع تعاظم قلق أهالي العسكريين المخطوفين من تنفيذ المجموعات الإرهابية تهديداتها المتلاحقة بحقهم، تفاقمت الخشية وطنياً من منزلقات خطرة تتربص بمسار هذا الملف على وقع طبول «الفتنة» التي قرعها البعض أمام السرايا الحكومية أمس. وحيال مشهدية كهذه تنذر بسحب فتنوية آخذة بالتجمع في فضاء البلد، سرعان ما تعالت الأصوات الحكومية المحذّرة من مغبة الانجرار وراء ما تحمله من نذر شر مستطير يتماهى مع الإرهاب ويحقق مراميه، باعتبار أنّ الفتنة والإرهاب «داعشان يتكاملان» وفق تعبير وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس في معرض تطرقه أمام مجلس الوزراء إلى خطورة التطورات الحاصلة في ملف العسكريين المحتجزين. بينما خلصت الحكومة بحسب ما أوضحت مصادرها لـ«المستقبل» إلى التوافق بالإجماع على «استكمال التواصل مع دول قادرة على المساعدة في هذا الملف، بالتوازي مع رفض مبدأ التبادل والمقايضة بين العسكريين وعدد من سجناء رومية».
وتحت وطأة ما تردد على مسامع الحكومة خلال التئامها أمس من تحذيرات باندلاع «فتنة مذهبية» حسبما جاء على لسان علي الحاج حسن المتحدث باسم وفد البقاع من أهالي العسكريين المخطوفين وتحميله مسؤولية سلامة هؤلاء العسكريين لأهالي عرسال، نقلت مصادر وزارية لـ«المستقبل» أنّ درباس سأل خلال جلسة مجلس الوزراء أمس وزير الصناعة حسين الحاج حسن إبداء رأيه بهذا الكلام فأجاب الحاج حسن: «الذين تحدثوا بهذا المعنى لا ينتمون إلى خطنا السياسي وأنا أستنكر كلامهم أمامكم»، مشيرةً في السياق عينه إلى استنكار مماثل أبداه جميع الوزراء.
مجلس الوزراء
وكان رئيس الحكومة تمام سلام قد استهل الجلسة بالتشديد على كون اختطاف العسكريين «قضية وطنية وإنسانية كبرى»، وأبلغ مجلس الوزراء وفق ما نقلت المصادر بأنه «يجري اتصالات حثيثة مع دول للمساعدة في حل هذه القضية»، مؤكداً العمل على بلورة «صيغ تحفظ هيبة الدولة وتفضي إلى الإفراج عن العسكريين المخطوفين». وأشارت المصادر إلى أنّ وزير الخارجية جبران باسيل بادر متوجهاً في المقابل إلى رئيس الحكومة بالقول: «نحن منذ اللحظة الأولى لاندلاع هذه الأزمة كنا ولا نزال ضد التفاوض والتبادل في سبيل إطلاق العسكريين»، فعلّق الوزير محمد فنيش مصوّباً ومؤكداً «جواز التواصل في مثل هذه الحالات لضمان سلامة العسكريين بينما مبدأ التبادل هو المرفوض».
وفي ما يتصل بمسألة تعليق «هيئة علماء المسلمين» وساطتها في هذا الملف، لفت سلام انتباه الوزراء إلى أنّ «الهيئة هي من تطوّعت بدايةً بلعب دور الوسيط وهي من قررت لاحقاً التوقف عن لعب هذا الدور من دون أي طلب رسمي منها لا بالدخول على خط الوساطة ولا بالخروج منه»، مذكّراً في إطار تشديده على أنّ «القضية تحتاج إلى الصبر» بأنّ هناك «36 مخطوفاً تركياً منذ مدة في الموصل، بينهم ديبلوماسيون، والدولة التركية لم تتمكن من تحريرهم بعد».
وفي سياق تطرقها إلى حصول «إجماع وزاري على رفض المقايضة مع خاطفي العسكريين»، نقلت المصادر الوزارية أنّ «مجمل الوزراء تقاطعوا في المواقف عند التأكيد على أنّ كل ما هو متصل بملف السجناء إنما هو خارج عن نطاق سلطة الحكومة ويقع حصراً ضمن اختصاص وسلطة القضاء».
إلى ذلك، أوضحت المصادر الوزارية أنّه «حين طُرحت مسألة توسيع اللجنة الوزارية المكلفة متابعة أزمة العسكريين المخطوفين، من خماسية إلى سداسية برئاسة سلام، آثر الوزير فنيش النأي بـ«حزب الله» عن اللجنة رافضاً الانضمام إلى عضويتها، وأمام إلحاح وزير العدل أشرف ريفي على ضرورة تمثل «حزب الله» في لجنة الأزمة عاد فاستقرّ الرأي على أن ينضمّ وزير المالية علي حسن خليل إليها» إلى جانب كل من وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والعدل.
وأكد مجلس الوزراء في ختام الجلسة أنّ سلامة العسكريين المخطوفين «لا يمكن أن تكون موضع مساومة أو تخاذل أو مقايضة لأنّ الدولة بمؤسساتها وقواها الأمنية ستتصدى بحزم لكل ما يهدد حياتهم»، منبهاً في الوقت عينه إلى وجوب «عدم الانجرار وراء محاولات تحوير مسار المعركة ونقلها فيما بين المواطنين والدولة، في حين ينبغي أن تكون الجهود مشتركة في مكافحة الإرهابيين»، مع تأكيد المجلس «متابعة الاتصالات اللازمة مع الدول التي يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي في عملية إطلاق سراح العسكريين».
عائلة الحاج حسن
وفي ضوء الهواجس المرتبطة بتحذيرات من فتنة مذهبية وشيكة في البقاع على لسان أحد أفراد العائلة، أصدرت عائلة الجندي المخطوف علي الحاج حسن بياناً أوضحت فيه أنها «غير مسؤولة عن أي تصريح أو كلام يصدر خارج إطار العائلة، ولا تتبنى في هذه القضية الوطنية سوى ما يصدر حصراً عن والد الجندي المخطوف يوسف الحاج حسن أو عن شقيقه الشيخ محمد الحاج حسن، حرصاً على دقة المتابعة ومنعاً للتشويش والوقوع في مواقف غير مسؤولة».