IMLebanon

الحل بالشراكة..

 

 

غرفة عمليات حقيقية، تعمل على منع انزلاق لبنان نحو فراغ رئاسي طويل الأجل. لا تتحمل مختلف القوى والأطراف العربية والاقليمية والدولية، تعرّض لبنان لهزات ارتدادية لا يمكن إلا أن تكون مدمّرة. لولا العناية الفائقة للدول العربية والإقليمية والدولية بسلامة لبنان، لم يكن من الممكن حصر النار السورية عند الحدود الشمالية اللبنانية وفي التفجيرات الارهابية القاتلة والمدمرة.

القوى اللبنانية لا مصلحة لها في إشعال لبنان. رب «ضارّة نافعة». انخراط «حزب الله» في سوريا، منعه حكماً من الاستقواء بسلاحه في لبنان، وأجبره على دعم حمايته من الانزلاق الى قلب دائرة النار. لا يمكن للحزب كشف ظهره في الداخل والاستمرار في الحرب في سوريا. السؤال هل من مصلحته أيضاً منع انزلاق لبنان نحو الفراغ الرئاسي؟

مثل أي طرف من الأطراف اللبنانية يريد «حزب الله» أن يفوز المرشح الذي «ينتخبه» برئاسة الجمهورية. لكن الحزب يعرف أكثر من غيره أنه غير قادر على ذلك. قوى 14 آذار، لا يمكنها إيصال المرشح الذي تريده الى قصر بعبدا. حتى لو كانت هذه القناعة موجودة وراسخة فإن ذلك لا ينتج رئيساً. القوى الخارجية، هي «الناخب» الكبير. ما لم يقع التوافق بينها لا يمكن البدء بالاقتراع.

هذا التوافق على «انقاذ» لبنان من النار السورية والفراغ، جاء نتيجة لتطورات حالية مرشحة للاستمرار لفترة طويلة، منها:

[ان «الادارة الأوبامية»، اختارت إدارة الأزمات عن بُعد وعدم العمل على الامساك «بالكستناء» الساخنة، خصوصاً في الشرق الأوسط. هذا التحول دفع دولاً هي روسيا وإيران وتركيا لتدوير الزوايا لمصلحتها. فرنسا وبريطانيا وجدتا الفرصة لاستعادة ما خسرتاه من نفوذ ومصالح في الشرق الأوسط منذ العام 1956.

[أن الحرب ضد الارهاب جديدة ومستمرة ولن تتوقف. للجميع مصلحة في ضربه والعمل على اقتلاعه من جذوره، الاختلاف في كيف واين ومتى ومع من؟

[لا توجد قوة اقليمية ولا دولية في ظل الجَزْر الأميركي، قادرة على الامساك وحدها بالمنطقة ولا حتى بدائرة من دوائرها. الشراكة هي الحل. ما يتقرر وما يصبح قاعدة للخارج من الطبيعي أن يصبح قاعدة لقوى الداخل. لم يعد الاستقواء بالقوة مهما بلغ حجمها ممكناً، ولا حتى مسموحاً. عندما يتفق الكبار سواء كانوا إقليميين أو دوليين، تسقط الخيارات.

أمام التحولات في القواعد، فإن البحث عن حلول لكل الأزمات المشتعلة جارٍ على أساس الشراكة، وضرب الارهاب واستئصاله من جذوره. حان الوقت بعد «الربيع العربي، لتهيئة المنطقة للدخول في عالم جديد، حيث التطرف ممنوع فيه، فكراً وممارسة. لذلك، من الطبيعي الإمساك «بالجمرات» المشتعلة واحدة واحدة، والتعامل معها على قاعدة واحدة مع الأخذ بخصوصياتها السياسية والديموغرافية والأمنية.

البداية من العراق، حيث نور الدين المالكي سيخرج من الانتخابات قويًّا ولكن ليس الأقوى. النتائج تتجه نحو فرض الشراكة في الحكومة. سواء كانت طهران أو واشنطن، مضطرتين للاندفاع في خيار الشراكة حلاًّ للأزمة. الأسماء لا تهم، الأهم الخروج من عنق الزجاجة.

لبنان في المسار نفسه، القناعة سيّدة الأحكام. أول مبادئ هذه القناعة، أن لا أحد يلغي أحداً. وان الشراكة هي الحل. القبول بالشراكة سيعجل بتقصير فترة الفراغ، وترسيخ السلم الأهلي البارد بانتظار اكتمال عملية تحويله الى سلام آمن وراسخ.

تبقى سوريا المشكلة التي لم يسبق للمنطقة وحتى القوى الخارجية مواجهتها في المنطقة. فوز بشار الأسد بما يطلق عليها الانتخابات الرئاسية، لن يغيّر شيئاً. الحرب ستستمر. والهيمنة الايرانية الروسية على القرار الأسدي ستتعمّق. والخسائر الى ازدياد.

في أساس هذه التحولات، يجب اكتمال مصالحتين. الأولى بين واشنطن وطهران. مجرد إتمام المصالحة يصبح كل شيء ممكناً، وملزماً. أما الثانية فهي بين الرياض وطهران. القاعدة الأساسية لهذه المصالحة والتفاهم هي أن إيران لا يمكنها الاستمرار في مدّ يدها الى قلب الدوائر العربية وتغذية النار سواء الكامنة أو المشتعلة فيها لفرض إرادتها على محيطها.

القبول بالآخر يفرض التفاهم على حلول أساسها «خذ ما لك واترك لغيرك ما له»، وليس «ما لي هو لي وما لك هو لي ولك»!.