IMLebanon

الحل بـ”طائف” عراقي وآخر سوري

ترتسم حاليا في العراق صور دول ثلاث: دولة كردية قائمة، وثانية سنية تقوم مع “داعش” والجيش العراقي السابق وبقايا حزب “البعث” العراقي ومجموعات العشائر والقبائل السنية التي انتفضت على الهيمنة الفارسية، وثالثة شيعية تحاول المحافظة على مكتسبات حققها النظام القائم بدعم اميركي – ايراني.

واذا قسم العراق دويلات لها امتداداتها الطبيعية في سوريا، فإن الجغرافيا السورية ستتبدل، وسينضم اكراد سوريون الى كردستان العراق، وسيقيم العلويون دولتهم وعاصمتها اللاذقية، وستكون للسنّة دولتهم المتصلة أيضاً بالعراق، على غرار “داعش” الذي تشمل سلطته الاسلامية العراق والشام.

وهكذا يتمدّد التقسيم انطلاقاً من العراق، ليصل الى سوريا ولبنان، وربما الاردن، فيتقلص لبنان الكبير مجدداً ليعود الى حدود الجبل مع بعض الأقضية التي ارتبطت به تاريخياً.

واذا كان الكلام حالياً، او قبل حين، يعتبر ضرباً من الخيال، فإن عودة الى سبعينات القرن الماضي تحملنا مجدّداً الى ما صرّحه المتبصر آنذاك الشيخ موريس الجميل جواباً على وفد مسيحي عرض عليه آنذاك فكرة تقسيم لبنان. قال الجميل آنذاك: “لن أناقش في أصل الفكرة، لكني أقول لكم إننا كمسيحيين لا نملك قرار تقسيم لبنان او توحيده. قرار التقسيم رهن بحدوث أمر واحد في المنطقة. فاذا حدث نذهب جميعاً مسيحيين ومسلمين الى التقسيم رغماً عنا”. ولما سئل عن الحدث اجاب: “تقسيم العراق، اذا تقسّم العراق، يقسّم لبنان وسوريا وبلدان اخرى، وفي حال لم يقسّم العراق، فلن يحدث اي تقسيم لدول المشرق”.

هكذا يجد المشرقيون انفسهم اليوم أمام هذا المفترق: تقسيم العراق. وهو، في حال وقوعه، لن يجر المنطقة العربية الى سايكس بيكو جديد، بل الى حمم جهنمية بدأت نذرها تصلنا منذ حين، وها هي تتفجر في مدننا وقرانا، متأرجحة بين تنظيم “داعش” الذي يمكن الصاق كل التهم فيه، وأنظمة استخباراتية عبثت وتريد ان تعبث بأمن لبنان انتقاما ربما لتراجع نفوذها فيه.

تحتاج المنطقة العربية اليوم الى انظمة بديلة تنتجها مؤتمرات حوار برعاية دولية وعربية تكون على غرار “مؤتمر الطائف” الذي خصّص لانهاء الازمة اللبنانية. ولعل اللبنانيين لم يقرأوا في بنود الطائف سوى السلبيات، لأنهم لم يتمكنوا من تطبيقه تارة، او لأنهم طبقوه بشكل سيئ مراراً. فالطائف انهى الحرب وحفظ حقوق المجموعات الطائفية والسياسية اللبنانية كما لم يفعله دستور آخر. واذا كانت مجموعات هيمنت على الآخرين في سوريا والعراق، فإن طائفاً آخر يمكن ان يعيد توزيع السلطات، فلا تستبد فئة بأخرى، بل تحفظ حقوق السنة والشيعة بما يمثلون، ومعهم حقوق الاكراد والكلدان والآشوريين في العراق، ومثلها حقوق العلويين والدروز والمسيحيين من ارثوذكس وكاثوليك وسريان وأرمن في سوريا. عندها يمكن ان تستقيم الأمور فلا تعود الحقوق منّة من أحد، ولا يمكن لأحد ان يهيمن على الآخر.