«الحوار السعودي ـ الإيراني لن ينعكس سريعاً على لبنان»
مصدر فرنسي: معادلة الحريري ـ عون الوفاقية تصلح للرئاسة
ترغب فرنسا بأن يتحوّل تشكيل الحكومة الوفاقية برئاسة تمّام سلام في 15 شباط الفائت، نموذجا يحتذى في الانتخابات الرئاسية اللبنانية.
ويقول مصدر عليم بالمناخ الفرنسي: «في شباط الفائت تمّ عزل لبنان كليا عمّا يجري إقليميا، ما ساهم في تشكيل الحكومة برئاسة تمّام سلام، والمطلوب اليوم توافق لبناني جديد يتماهى مع البيئة الإقليمية والدولية الملائمة للاستقرار وممرّه الأكيد نموذج الوفاق في 15 شباط الفائت»، مضيفا: «المبدأ ذاته يجب أن يطبّق على الاستحقاق الرئاسي اللبناني لأنه قاعدة عقلانية للنقاش».
يكرر المصدر المطلع بأن باريس «لا تمتلك مرشحا مفضلا ولا تتدخّل في حيثيات الاستحقاق الرئاسي اللبناني، شأنها في الاستحقاق الحكومي».
وهل يعني غياب المرشح الفرنسي غياب أي «فيتو» محتمل لباريس على أسماء معينة؟ يقول المصدر الرفيع الذي رفض الكشف عن هويته: «اليوم لا يوجد فيتو فرنسي على أحد، ولا أحد يعرف ما سيحصل مستقبلا، لكن إذا قرر اللبنانيون انتخاب شخصية معينة فلا أعتقد أن ثمة رغبة من أحد بالتدخّل».
في هذا الإطار، يبدي المصدر أسفه لأنّ «الفرقاء اللبنانيين لا يلعبون اللعبة الديموقراطية الى النهاية في البرلمان، مستفيدين من الحياد الدولي الإيجابي والساهر على ضرورة عمل المؤسسات والمستعد لتسهيل الوفاق اللبناني».
«أضواء خضراء» يتحدّث عنها هذا المصدر المطلع عن كثب على سياسة فرنسا قائلا: «نعتقد أن اللبنانيين لديهم القدرة على الاختيار بدرجة عالية من الاستقلالية إذا أرادوا، لكنّهم لا يفعلون ذلك للأسف».
تدغدغ معادلة الوفاق بين رئيس تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري وبين رئيس «تكتّل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون حول الحكومة في 15 شباط الفائت آمال فرنسا، وإن يشدد المصدر العليم بأن ذلك «لا يعني تطبيقها بحذافيرها». يقول ردّا على سؤال «السفير» عن إمكانية انسحاب هذه المعادلة على الاستحقاق الرئاسي المقبل: «كانت معادلة الحريري ـ عون ممتازة في تشكيل الحكومة اللبنانية واستطاعت أن تجتاز العقبات كلّها، وإذا انسحبت هذه المعادلة على الرئاسة الأولى فسيكون الأمر جيّدا… بل ممتازا، إذ ستكون الرئاسة حينها قد ارتكزت على قاعدة صالحة، من دون ضرورة تحديد هوية المرشح. لكن ليس لفرنسا أو لأي طرف أن يملي على الفرقاء السياسيين اللبنانيين ما ينبغي عليهم فعله، فرنسا لا تتدخّل لكنّها تريد استمراريّة عمل الإدارة والمؤسسات، وإذا استمرّت معادلة الحريري ـ عون سيكون الأمر جيدا».
لا ترغب فرنسا بأي فراغ، وعن سيناريوهات هذا «الشبح المحتمل» يقول المصدر العليم: «في حال حصول الشغور الرئاسي تنتقل الصلاحيات الى مجلس الوزراء كما نصّ الدستوري اللبناني، لكنّ فرنسا تريد أن يتمّ الاستحقاق في موعده الدستوري وألا يكون فراغ البتّة».
وعن الحساسية المسيحية حيال انتقال الصلاحيات الرئاسية الى مجلس الوزراء يقول: «إن مسألة انتقال الصلاحيات الى مجلس الوزراء منصوص عنها في الدستور اللبناني، وبالتالي إنّه حلّ انتقالي متوقع لغاية انتخاب رئيس. لا يمكن أن نكون ضدّ الدستور، ولكن بالطبع من المناسب انتخاب رئيس قبل انتهاء المهلة الدستورية ووقوع الشغور الرئاسي، وأتفهّم قلق المسيحيين حين يغيب ممثلهم عن الكرسي الرئاسي».
يذكّر المصدر الفرنسي بأنّ التلاحم الداخلي مطلوب، خصوصا لسير عمل المؤسسات وأنّ «ثمّة ملايين الدولارات من المساعدات والمشاريع جمّدت بسبب توقف العمل الحكومي، وبالتالي فإنّ أي فراغ رئاسي عتيد لن يسهّل حلّ مسائل النازحين والاقتصاد والأمن».
لا ينصح المصدر بأن ينتظر اللبنانيون نتائج التقارب السعودي الإيراني الذي تظهّر أخيرا في دعوة وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل لنظيره الإيراني محمّد جواد ظريف لزيارة الرياض، يقول: «لفرنسا علاقات جيّدة مع الدولتين، كانت علاقاتها صعبة مع إيران لكنّ باب الحوار فتح ولدينا اليوم سفارة وزيارات متبادلة منها زيارة قريبة لطهران لمدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جان فرانسوا جيرو». وعن سبب الزيارات المتتالية لجيرو الى إيران وقد بلغت ثلاثا يقول المصدر: «زيارات المسؤولين الفرنسيين تشمل دولا عدة غير إيران منها السعودية ومصر وسواهما».
وتوقع المصدر الفرنسي أن «يطول الحوار بين الرياض وطهران، وأنه سيكون صعبا ومتدرّجا، ولن ينعكس حلولا سريعة لمشاكل لبنان، لأن المشكلات الثنائية بين البلدين كثيرة وتحتاج الى وقت».
وردّا على سؤال عن مدى ارتباط إجراء الاستحقاق الرئاسي اللبناني بالانتخابات الرئاسية السورية في 3 حزيران المقبل قال المصدر الفرنسي: «لا أتمنى أن يكون ثمة انعكاس للانتخابات الرئاسية السورية على لبنان، ولا يجب على اللبنانيين انتظار نتائج الاستحقاقات في سوريا وإيران والسعودية لكي يقرروا استحقاقاتهم الداخلية وانتخاب رئيس، وأكرر انه ليس مفيدا تأجيل الاستحقاق الرئاسي».