“يوم الغضب”: “السلسلة” في أيدي النواب
الخروقات الإسرائيلية تتسع.. ولبنان “منشغل”!
تزدحم مفكرة هذا الأسبوع بالمواعيد الحيوية، من المواجهة الثلاثاء بين حرية الإعلام والمحكمة الدولية، الى المعركة المفصلية المتوقعة الأربعاء بين “هيئة التنسيق النقابية” ومجلس النواب حول سلسلة الرتب والرواتب في “يوم الغضب”، إلى الجلسة “العبثية” الرابعة الخميس لانتخاب رئيس الجمهورية، والتي لن يكون مصيرها أفضل من مصير سابقاتها، في ظل استمرار العجز عن التوافق الذي بات ممراً إلزامياً لتأمين النصاب.
وفيما اهتمامات معظم المسؤولين تتراوح بين السعي الى فك لغز الرئاسة المؤجلة، ومحاولة الإفلات من متوجبات “السلسلة”.. تواصل إسرائيل ممارسة سياستها العدوانية على الحدود مع لبنان، عبر اختراق السيادة الوطنية والعبث بكل ما يمكن ان تصل اليه، من مياه وتراب وشجر ونفط.
آخر “المآثر” الإسرائيلية تمثل في اعتداء مكشوف صباح أمس على منطقة رأس الناقورة، حيث اخترقت قوة معادية الأراضي اللبنانية لمئات الأمتار، يرافقها “بوكلين”، وعمدت الى قطع شجرتين وسحب “بلوكين” من الباطون يعودان الى موقع قريب للجيش اللبناني، وذلك بغية تحسين الرؤية من داخل الارض المحتلة وإزالة كل ما يمكن ان يحجبها.
والمستغرب، أن القوة الإيطالية التابعة لـ”اليونيفيل” والموجودة في المنطقة، لم تحرك ساكناً إزاء الاعتداء الإسرائيلي، بل الأغرب أن العدو أبلغ القوات الدولية قبل 15دقيقة من حدوث الخرق انه بصدد تنفيذ مهمته!
واللافت للانتباه ان الخرق حصل في نقطة قريبة من المكان الذي فجرت فيه المقاومة، قبل فترة، عبوة ناسفة بدورية اسرائيلية تجاوزت الحدود اللبنانية في اللبونة، ما أدى حينها الى جرح عدد من الجنود الإسرائيليين، الامر الذي يوحي بأن العدو قلق، ويحاول إبقاء المناطق الحساسة تحت نظره ومراقبته، لا سيما أن خروقات مشابهة تلاحقت خلال الأيام الماضية في منطقة شبعا، حيث حصلت عملية ضد قوة إسرائيلية بعد الغارة على موقع لـ”حزب الله”، عند الحدود مع سوريا.
ولعله من المفيد في هذا المجال العودة الى ما أورده الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في مقابلته الأخيرة مع “السفير” (7 نيسان 2014) عندما أكد ان قيمة عبوة اللبونة تتمثل في انها تنطوي على رسالة بأن المقاومة، وبرغم أنها تقاتل في سوريا، تبقي عينها مفتوحة وهي مستعدة لأن تواجه. وأضاف: كان واحداً من أهداف تلك العملية إيصال رسالة للعدو أننا لا نسمح لك بتغيير قواعد الاشتباك، وفي أي مكان تدخل إليه ونعلم به، سنواجهك. لدينا القرار والعزم والشجاعة للمواجهة.
وفي سياق متصل بالانتهاكات الإسرائيلية، تجدر الإشارة إلى أن إسرائيل تمنع منذ فترة المواطنين اللبنانيين من سلوك طريق محاذية للغجر، تربط بين العباسية والوزاني، برغم ان هذه الطريق تقع في الارض اللبنانية، وتكمن أهميتها في انها تختصر الكثير من الوقت والمسافة على المتوجهين الى الوزاني.
وكان العدو قد حاول مؤخراً فرض أمر واقع على نهر الوزاني وبئر بليدا من خلال الادّعاء بأن الخط الأزرق يمر فيهما وأنه لا يحق للبنان تنظيف جزء من مجرى النهر واستثمار قسم من البئر، ما استدعى تحركاً عاجلاً للرئيس نبيه بري والجيش اللبناني، أدى الى إجهاض المحاولة الإسرائيلية لإعادة ترسيم حدود النهر، بعدما قامت آليات تابعة للقوات الدولية والجيش بتنظيف المجرى، وهو الأمر الذي سمح بتنشيط عمل المجمعات السياحية التي شهدت إقبالاً كثيفاً، فيما تستمر المساعي الهادفة الى ضمان حق أبناء بليدا باستخدام كامل البئر، خصوصاً في ظل شح المياه هذا العام.
وفي إطار سلسلة المناورات والتدريبات الدورية التي يجريها الاحتلال الإسرائيلي، بدأ صباح أمس الأول، بتنفيذ مناورة واسعة بالذخيرة الحية، في مرتفعات الجولان ومزارع شبعا المحتلين، أطلق خلالها أكثر من 100 قذيفة مدفعية عيار155 ملم. وقد شاركت في هذه المناورة، التي وصفت بأنها الأوسع منذ فترة، مختلف القطاعات البرية والجوية والمدفعية، إضافة الى دبابات من طراز “ميركافا”.
بري يهدد بتعليق اجتماعات الناقورة
وعلمت “السفير” أن الرئيس بري سيثير مسألة الخروقات الإسرائيلية، وآخرها في رأس الناقورة، خلال اللقاء الذي سيعقده اليوم مع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي. ومن المتوقع، أن يلوّح بري بإمكانية تعليق الاجتماعات الثلاثية في الناقورة، بين ممثلي “اليونيفيل” والجيش اللبناني وجيش الاحتلال الإسرائيلي، احتجاجاً على استمرار الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية.
وقال بري لـ”السفير” إن هذا الاختراق الإسرائيلي الجديد للأراضي اللبنانية هو برسم كل الغيارى على السيادة والاستقلال، وبرسم كل الذين يستعجلون التخلص من المقاومة، متجاهلين أن اصل المشكلة يكمن في النزعة العدوانية لدى الاحتلال الإسرائيلي، وليس في من يقاومها.
وأشار الى ان القوة المعادية “تجاوزت الحدود مع لبنان بشكل سافر، وعمدت الى العبث ببعض معالم المنطقة المستهدفة، من دون ان تحرك القوات الدولية ساكناً، في حين انها تتحرك فوراً إذا اشتكت إسرائيل من أي عمل نقوم به خلف حدودنا”.
واعتبر بري ان هذا الاعتداء المتجدد على السيادة الوطنية يستوجب تحركاً سريعاً من الحكومة، لا سيما من وزارة الخارجية، داعياً الى رفع شكوى عاجلة ضد إسرائيل لدى مجلس الأمن الدولي.
وتساءل عن الجدوى من الاستمرار في عقد الاجتماعات الثلاثية في الناقورة، معتبراً أن هذه الاجتماعات أصبحت من دون معنى، ويجب وقفها، في ظل استمرار الاختراقات الإسرائيلية.
وأكد بري ان الملفات الأخرى على أهميتها، من الرئاسة الى السلسلة، يجب ألا تحول دون إبقاء العيون مفتوحة على الحدود، لأن العدو لا يكف عن تجاوزها بذرائع واهية.
باسيل: هكذا نواجه الخرق
وقال وزير الخارجية جبران باسيل لـ”السفير” إن أي خرق إسرائيلي مدان بالتأكيد، لافتاً الانتباه الى أن “تقديم شكوى أمر بديهي في مثل هذه الحال، لكننا نحتاج الى ان يزودنا الجيش بكل المعطيات والإحداثيات المتعلقة بواقعة الخرق، حتى تكون الشكوى محصنة وموثقة، وما يحصل أحياناً أنه يحصل تأخير في إبلاغنا بالمعلومات التي يجب ان نبني الشكوى عليها”.
وأبدى أسفه لكون تقديم الشكاوى ضد إسرائيل أصبح بمثابة واجب روتيني، معتبراً انه ينبغي عدم الاعتياد على هذا النمط من رد الفعل الكلاسيكي، وقال: من المخزي ان تتراكم الخروقات الإسرائيلية براً وبحراً وجواً، من دون ان نستطيع وقفها.
وأشار باسيل الى أن الإستراتيجية الدفاعية المنتظرة يجب ان تلحظ كيفية منع الخروقات الاسرائيلية ووضع حد نهائي لها، لافتاً الانتباه الى ان من شأن هذه الإستراتيجية ان تصنع توازن قوى، يفرض الهدوء ثم الاستقرار فالسلام في مرحلة لاحقة.
ورأى ان من بين وسائل مواجهة الخروقات الإسرائيلية ان يتحمل لبنان مسؤوليته في الملف النفطي، بطريقة غير كلاسيكية وغير عادية، وبالتالي المطلوب أن تخرج الدولة من إطار السلوك الروتيني، وأن تُقدم من دون تردد