IMLebanon

الخطة «ب» العونية: الانتخابات النيابية في موعدها أو مؤتمر تأسيسي

 

منذ أقل من شهر، أعلن النائب ميشال عون ألا خطة بديلة عن الخطة «أ». ولكن بدأت أخيراً تتكشف تفاصيل ما يمكن أن يسمى بالخطة «ب»: الأولوية لقانون انتخابي ثم انتخابات نيابية، وإن تعذّر ذلك فلا مانع من خوض الاستحقاق على أساس قانون الستين لانجاح الخطة «أ»

غالباً ما كان نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي يرد على من يعزّيه بوفاة قانون اللقاء الأرثوذكسي بأن «الأرثوذكسي لا يموت، وكل الطرقات توصل اليه». وبعد مرور عامين على اغتيال حزب القوات اللبنانية لقانونه، يكاد الفرزلي يصرخ: «الأرثوذكسي راجع»! أما آلية عودته، فعبر إطلالة للعماد ميشال عون، آخر الأسبوع الجاري، للحديث عن عنوانين أساسيين: الانتخابات الرئاسية والنيابية.

وفيما يسوّق البعض أن «الجنرال» سيفجّر قنبلة سياسية، يرجّح آخرون أنه سيفتح ملف الانتخابات النيابية على مصراعيه. وفي هذا الإطار، «لا بديل من الأرثوذكسي الذي اجتاز 70 في المئة من العقبات عبر مروره في اللجان، ويبقى التصويت عليه في الهيئة العامة». في بال العونيين رهانان: الأول، عدم قدرة القوات على إفساد الإجماع المسيحي مرة أخرى، واضطرارها بالتالي الى السير بالقانون تحت مظلة «صحة التمثيل»، علماً أن لا أحد قادراً على فهم «الأسباب الموجبة» لهذا الرهان. والثاني، في حال سقوط الرهان الأول، تأمين العونيين 65 صوتاً من دون الحاجة الى القوات أو تيار المستقبل: تحالف التيار مع قوى 8 آذار يؤمن 58 صوتاً (مع النائب نقولا فتوش)، يضاف اليهم النائب ميشال المر والنائبة نايلة تويني ونواب حزب الكتائب الخمسة، ما يضمن تمرير الأرثوذكسي. هذا في المبدأ العوني، ولكن قد يطرأ ما يحول دون إعادة طرح المشروع في الهيئة العامة، أو عدم انعقاد جلسة بسبب غياب نواب 14 آذار، أي «فقدان الجلسة ميثاقيتها». وهنا يمكن الانتقال الى الخطة «ب» التي تقضي بإعادة إحياء قانون آخر يعتمد هو الآخر على النسبية مع مراعاة التمثيل المسيحي، ولكن بجرعة طائفية أقل من الأرثوذكسي: قانون الـ13 دائرة المُحال من الحكومة السابقة. يتابع المصدر عرضه للخطة العونية: «لنفترض الآن أن مشروعي الأرثوذكسي والـ13 دائرة لم يلقيا إجماعاً كافياً، عندها لا مفرّ من إجراء الانتخابات وفقاً للستين».

باتت الصورة الكبيرة واضحة في الرابية: لا يمكن أن يجرّ تعطيل الانتخابات الرئاسية تعطيلاً آخر يؤدي الى عدم إجراء الانتخابات النيابية. أما التمديد، فغير وارد إطلاقاً في المعجم البرتقالي، بل يقابله تأكيد «أننا لن نسمح بإعادة تمرير هذه الهرطقة الدستورية مجدداً، وأصلاً لا تبريرات أمنية أو غير أمنية مقنعة كالتي صودف حدوثها مسبقاً. هي قصة مبدأ، ومبدأنا الذهاب الى انتخابات في تشرين الثاني: بين لا انتخابات ولا قانون، وانتخابات وفق الستين، ذاهبون الى الستين حتماً». وحتى الساعة، «تبدي القوات اللبنانية والكتائب وتيار المردة حماسة لإجراء الاستحقاق في موعده»، يقول نائب عوني. يكفي هذا الإجماع المسيحي، في رأيه، لتشكيل قوة ضاغطة على الحلفاء والخصوم. وتوحي جلسات النقاش التي خاضها تكتل التغيير والاصلاح مع مختلف القوى، أن حزب الله «لا يمانع خوض الانتخابات مهما كان القانون، بعدما حقق فوزاً كاسحاً في سوريا، وكذلك حركة أمل». أما تيار المستقبل الرافض للنسبية التي تفقده العديد من المقاعد النيابية، فإنه لن يمانع انتخابات وفق قانون الستين تضمن استعادة حصته كاملة. لذا، يخطط عون لإمساك القوى السياسية من خاصرتها الرخوة: أولاً يرفع سقف مطالبه عبر إعادة إحياء الأرثوذكسي الموتّر لأعصاب خصومه. ينتقل تالياً الى طرح أكثر قبولاً لدى المواطنين عبر قانون الدوائر الـ13. يُحرج تيار المستقبل والقوات وجبهة النضال الوطني مرة أخرى. وبعد أن يحقق مراده، يأتي قانون الستين كحلّ وسطي بين القانونين ولو على حساب صحة التمثيل التي رفضت قوى 14 آذار تحقيقها مرة أخرى.

اذا، يبدو عنوان معركة التيار الوطني الحر للمرحلة المقبلة واضحاً: اجراء الانتخابات النيابية في موعدها بغض النظر عن شكل القانون. وهنا يراهن رئيس تكتل التغيير والإصلاح على «تسونامي» آخر يزيد من حجم كتلته النيابية الأكبر ليزيل كل الحواجز التي تعترض وصوله الى بعبدا؛ فضلاً عن رهانه الحديث على تحالف ما مع تيار المستقبل يغيّر خريطة المجلس النيابي برمته. أما اذا ما لم تتحقق «الآمال العونية» بهذا التحالف، فيبقى التعويل البرتقالي على الأقضية التي خسرها كاملة: البترون والكورة والأشرفية. يتحدث العونيون عن اختراقات في اللوائح الآذارية مستفيدين من شدّ العصب المسيحي عبر معركة الأرثوذكسي أولاً، وخلاف مفترض بين قريطم ومعراب، ثانياً، نتيجة رغبة جعجع في مضاعفة مرشحيه على حساب قوى 14 آذار. وتشير الأرقام في هذه الأقضية إلى أن الفارق بين لائحتي قوى 8 و14 آذار قارب ألفي صوت في الانتخابات السابقة، «وهو عدد الأصوات التي يمكن أن يخسرها المستقبل في حال استبدل مرشحاً مستقلّاً بمرشح حزبي»، تقول أوساط الرابية. وبالتالي، «يمكن للتيار تحقيق خرق، أقله بنائب واحد في كل قضاء، إضافة الى نائب في المتن الشمالي هو ميشال المر، على اعتبار أن تحالف عون ـــ المر لم تعد تنقصه الا الصورة، ونائب خامس من الطاشناق في دائرة بيروت الثانية ليزيد عدد نواب تكتل التغيير والإصلاح من 27 نائباً الى 32 نائباً في حدّه الأدنى». ورغم المبالغة والتفاؤل غير المنطقي بخرق ولو بنائب واحد في هذه الأقضية والحسابات الغريبة العجيبة التي تتردد في مطبخ الرابية، يقول أحد نواب التكتل أن «تكرار نتائج عام 2009 كافية لتأكيد هوية ممثل المسيحيين الحقيقي مرة جديدة».

قد يكون الاستحقاق النيابي عنوان المعركة العونية في الأشهر الثلاثة المقبلة، الا أن هذه المعركة تحمل في طياتها عنواناً آخر هو الانتخابات الرئاسية. فبعد فشل الخطة «أ» في ايصال عون الى القصر الجمهوري، يمكن للخطة «ب» أن تفرض موافقة القوى السياسية على تنصيبه رئيساً بقوة التمثيل المسيحي. ولكن، فيما تنشغل الرابية بالإعداد لمعركتها النيابية المفترضة، هناك من القوى السياسية من أنجز الفقرة التي تتيح التمديد للمجلس النيابي لمرة ثانية. مهلاً، لم يهمل عون هذا الاحتمال أيضاً، تقول الخطة «ج» ان «لا نفع للعلاقة التشاركية تحت سقف الطائف إذا لم يطبّق»، وبالتالي أهلاً بالمؤتمر التأسيسي.