مع اعتبار الدول الغربية المؤثرة ما سمي انتخابات نظمها النظام السوري من اجل اعادة انتخاب الرئيس الاسد لولاية جديدة انها مهزلة وتساوي صفرا وانها انتخابات غير شرعية لن تعترف بنتائجها، فإن ذلك يفترض اقله وفق هذه المواقف ان الاسد يغدو ابتداء من مطلع الشهر المقبل بعد انتهاء ولايته الحالية غير شرعي. ومع ان رؤساء دول ورؤساء حكومات دول غربية اعتبروا ان الاسد فقد شرعيته منذ الحمام الدموي قبل ثلاث سنوات، فإنه بقي في السلطة على قاعدة انه رئيس منتخب بانتخابات اعترف المجتمع الدولي بنتائجها. يتطلع الاسد بعد الامر الواقع الذي فرضه لتامين استمراريته في السلطة الى ان يحظى بعد بعض الوقت باعتراف دولي يكسبه الشرعية التي يحتاج اليها. في حين ان الغرب وازاء المواقف التي اتخذها مما سمي انتخابات يفترض الا يعترف به رئيسا شرعيا بل فرض نفسه بقوة السلاح او الترهيب والتخويف شأنه في ذلك شأن من يقيم انقلابا ويسيطر على السلطة في بلد ما فلا يحظى بالشرعية الا اذا اعترف الخارج به وتبقى شرعيته منقوصة ما دام لا اعتراف به ديبلوماسيا وسياسيا. ولذلك، فإن الاسئلة التي تثار في ضوء ذلك تتصل بطبيعة الخطوات التي يمكن ان تتخذها هذه الدول مثلا كأن تعمد الى اقفال السفارات التي تمثله حيث لا تزال قائمة في حال لم تقم بذلك حتى الان باعتبار ان دولا عدة اقفلت ابواب السفارات السورية واعتمدت ممثليات للمعارضة السورية. وهذا ينسحب على حتمية بحث هذا الامر في الامم المتحدة ان لم يكن في مجلس الامن حيث يرتقب ان تستمر روسيا والصين في استخدام الفيتو اذا اضطرتا الى ذلك لمنع اي اجماع في المجلس ففي الجمعية العمومية، حيث يعتقد ان غالبية الدول لن تعترف بشرعية الاسد انطلاقا من معادلة بسيطة وهي ان دول اصدقاء الشعب السوري التي كانت تجتمع من اجل دعمه وهي نددت بالنظام في مواجهة المعارضة لاستمراره في السلطة كانت تربو على 128 دولة. الامر الذي يعني ان انقساما في الجمعية العمومية كما في المجلس قد لا يسمح بموقف اجماعي يعتبر وجود الاسد كرئيس غير شرعي ما لم يتم العمل على تأمين غالبية من الدول تدعم هذا الاتجاه.
وليس امرا بسيطا الا يعترف بشرعية وجود رئيس من مروحة كبيرة من الدول المؤثرة اقليميا ودوليا، لكن الاسئلة تثار حول الخطوات التي يمكن اعتمادها تأكيدا او تثبيا لعدم الاعتراف بشرعيته. فهذه ورقة ستكون موضع خلاف جديد بين الدول الغربية وروسيا التي تدعم نظام الاسد وانتخاباته كما ايران علما انهما وحدهما مع فنزويلا من اعترف بالانتخابات التي نظمها الاسد وربما تنضم بعض الدول الاخرى التي دعمت استمرار النظام حتى الان.
وبحسب مراقبين ديبلوماسيين، فإن لا شيء كثيرا يمكن القيام به تثبيتاً لعدم شرعية الرئيس السوري بل يعتقد ان ما يسمى الواقعية السياسية ستفرض على هذه الدول ربما استمرار التعاطي مع امر واقع من دون الاعتراف به كما الحال مثلا في الدعوة الى مفاوضات بين اطراف الصراع في سوريا بين فريق مسيطر على السلطة وفريق يعارضه او يقف ضده او السماح لفريق السلطة ان يسمح بوصول مساعدات انسانية للمناطق التي يسيطر عليها او يحاصرها. هذه الواقعية السياسية هي التي تسمح بعدم تصعيد الخطاب او اللجوء الى اجراءات قد يكون ممكنا اتخاذها في ظل عدم وجود اتفاق على بديل منه. فيما لا يعتقد هؤلاء انه سيكون لاي دولة من الدول التي اتخذت مواقف قاطعة وحاسمة من عدم شرعية الرئيس السوري ان تعترف بشرعيته حفظا لماء الوجه على الاقل حتى لو استمر في موقعه سنوات، فهي ستسعى في حال فتح تفاوض جدي على ايجاد حل للحرب السورية الى الحصول على اخراجه من السلطة جنبا الى جنب مع محيطه الاقرب المسؤول عن الحرب نظرا الى استحالة الاقرار او القبول ببقائه لما يعنيه ذلك من هزيمة مباشرة لكل من طالب برحيله وغفرانا له عن عشرات لا بل مئات الالوف من الضحايا، الامر الذي لن يكون ممكنا في اي شكل من الاشكال وفق ما تقول مصادر معنية حتى لو تغير الحكام وتبدلت الحكومات. وسيكون ذلك في مقابل بقاء النظام وكيانه كما كانت تسعى روسيا من الاساس بحيث يضمن الامر مصالحها ومصالح ايران التي تعتبر الكاسب الاكبر والاساسي من تأمين استمرار الاسد في السلطة وتنظيم انتخابات ثبتت شرعيته الشعبية بحيث عززت موقعها في سوريا كدولة تحمي نفوذها ومكنت سيطرتها كما عززت اوراقها التفاوضية للمرحلة المقبلة متى فتحت ابواب التفاوض لحل في سوريا.
يراهن حلفاء النظام في المقابل على ان تصلب الدول الغربية سيتضاءل مع الوقت خصوصا في ظل لعب النظام اوراقه على نحو جيد في تحويل الثورة ضد حكمه الى ارهاب باتت كل الدول تتبناه بطريقة او باخرى وتتخوف منه على غرار المخاوف من جهاديين يأتون من الدول الغربية للقتال في سوريا. يقول هؤلاء ان النظام بات يستعيد ثقته بنفسه من خلال رفضه اتصالات استخبارية لملاحقة الارهابيين ما لم يعد الاعتراف بشرعية نظامه واعادة فتح السفارات. فهل تنجح الدول الغربية في تثبيت عدم شرعية النظام او تفشل في هذا التحدي ايضا؟