بدا واضحا ان رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد المتقاعد ميشال عون قد قطع الامل من دخول سباق الرئاسة الى بعبدا، لاسيما ان اقتراحه تعديل قانون الانتخاب على اساس ان تجري مباشرة من الشعب، خلق حالا من عدم التفاهم على التعديل، «لان الجنرال يفضله على اساس الصوت الشيعي الموعود به»، فيما جاء من ينصح عون بالعمل على اجراء الانتخابات النيابية، الامر الذي جعله يستنجد برئيس مجلس النواب نبيه بري، على الرغم من الذين نصحوه بخطورة وضع يده تحت بلاطة «ابو مصطفى»، حيث لا مجال لان يقبل الاخير بايصال الجنرال الى بعبدا قبل ان يعرف بماذا سيبادله الاخير، في حال حمل لقب فخامة الرئيس؟!
الذين مع عون نصحوه بان يضع رصيده كما هو سائد في خزنة حزب الله الذي يحرص على عدم اغضابه مهما تغيرت المعطيات السياسية، لان الجنرال غير مستعد لان يصحح علاقته مع كتلة المستقبل على رغم ما بذله من جهود وما اطلقه من تعهدات، وفي الحالين لم يسمع اية كلمة يفهم منها ان الرئيس سعد الحريري في وارد التخلي عن تحالفه مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي عرف قبل سواه ان تفاهمه مع القطاع السياسي السني افضل له من كل ما عداه، خصوصا في حال كان تقويم منطقي لبقاء عون في الحساب السياسي الشيعي؟!
واذا كان من مجال لعقد جلسة نيابية تشريعية من غير الخوض في الانتخابات الرئاسية، يكون عون قد راهن على مفهومه السياسي – الدستوري والقانوني، على امل عدم المجيء على ذكر ما يصح القول عنها انها انتخابات رئاسية مقابل تكرس الجهود راهنا لاجراء انتخابات نيابية، مع انه يعرف تماما ان الانتخابات النيابية لن تكون لمصلحته، بحسب اجماع المقربين منه الذين يتوقعون ان يخسر اكثر من ثلث كنزه النيابي جراء افتضاح امره في مناطق مسيحية مشتركة مع السنة والشيعة، وهذا واضح المعالم وسبق لعون ان سمعه من شخصية مسيحية روحية ابلغت الاخير ان عدد نوابه سيتراجع بنسبة الثلث، الامر الذي يجعل عون يراهن على خطأ ما سمعه قياسا على معلومات سياسية وردته عطفا على «سونداج» نفذته مؤسسة ابحاث متخصصة مفاده ان عون مرشح لان يزيد من عدد نوابه وليس العكس؟!
المهم في هذا الظرف السياسي الحساس ان الانتخابات النيابية لا مجال لارجائها، مهما كانت المواقف من الانتخابات الرئاسية، اما اقتراح البطريرك الماروني الكارينال مار بشارة بطرس الراعي عقد جلسات يومية لانتخاب رئيس الجمهورية فقد اصبح من الماضي، لان الرئيس نبيه بري الذي رفض تلبية طلب البطريرك ابلغ بكركي انه لن يتأخر عن الدعوة الى الانتخابات الرئاسية فور شعوره بتوفر الرغبة في حضور الجلسة الانتخابية من خلال تأمين حضور الثلثين، وكل كلام غير ذلك يعني بالنسبة الى رئيس مجلس النواب خوضا في المجهول، خصوصا ان قوى8 اذار ومعها حزب الله، غير راغبة في ان يصل المرشح الاخر سمير جعجع الى رئاسة الجمهورية؟!
وما هو اكثر اهمية من كل ما عداه، هو ان ينعكس الفراغ الرئاسي على دور مجلس النواب ومجلس الوزراء، حيث لا مجال بتاتا لسد الفراغ الرئاسي بعكس كل من يزعم ان بوسعه القيام بالمطلوب منه مقابل السير قدما بالبلد من غير رئيس جمهورية. وهذا القول سمعه كثيرون في معرض التخويف من الفراغ الرئاسي، فضلا عن ان الرئيس بري يظهر من خلال دعواته الى جلسات الانتخاب وكأنه غير راغب في ان يمنع وصول هذا المرشح او ذاك الى بعيدا، طالما بقيت مفاتيح اللعبة السياسية في عين التينة؟!
وقياسا على التباينات السائدة يبقى القول ان هناك نسبة مرتفعة من قوى 8 اذار تتطلع الى التمديد مجددا لمجلس النواب، وبين هؤلاء من يؤكد ان الرئيس نبيه بري في هذا الوارد لانه يعرف ان ثمة استحالة امام انتخاب رئيس للجمهورية، كذلك بالنسبة الى ايجاد قانون انتخاب نيابي مختلف عن قانون الستين المرفوض من شريحة كبيرة من الذين لا يرحبون باجراء الانتخابات النيابية حيث لكل من هؤلاء اجتهاده السياسي والدستوري، خصوصا ان ما يسري مفعوله على التمديد الاول يمكن ان يسري مفعوله على التمديد الاتي الذي من المرتقب ان يحبذه نواب في قوى 14اذار وهذا غير مستبعد من جانب الذين يعانون من صعوبة العودة الى مجلس النواب الجديد (…)
كذلك يمكن ان يسري مفعول التمديد الجديد والمرتقب على الرئيس نبيه بري خشية حصول تطورات من شأنها ان تبعده عن رئاسة مجلس النواب، اضافة الى استحالة تحكم الاخير بمجريات سياسية معينة من شأنها التأثير في مجريات اللعبة السياسية السنية في البلد.