IMLebanon

الرئاسة بين جعجع وعون

قبل نحو أسبوعين تقريباً، أعلن الدكتور سمير جعجع ترشحه لرئاسة الجمهورية… أتبعه الأربعاء الماضي بخطوة لافتة، وغير مسبوقة، بإعلان برنامجه الرئاسي لـ»الجمهورية القوية» وسط حشد سياسي وازن..

قد يكون الدكتور جعجع «تسرّع» بهذه الخطوة، كما قد يكون أصاب… فهو، وللمرّة الأولى في تاريخ الجمهورية، أراد أن يوجّه رسالة واضحة وصريحة، بأنّه المرشح الواثق من نفسه، القوي، إن لم نقل الأهم بين سائر المرشحين المتداولة أسماؤهم… كثير من المقرّبين من جعجع، ومن رفاقه في 14 آذار، يؤيّدونه بالمطلق، ومنهم من يتحفّظ، ومنهم من كان يتمنّى لو كان هو المرشح، خصوصاً من عنده تجربة رئاسية سابقة…

ليس من شك في أنّ موقف كتلة «المستقبل» لم يخرج عن هذا التنوّع… رغم أنّ الجميع يلتزم قرار الرئيس سعد الحريري، عندما يقرّر ويعلن خياره..

السؤال الذي يطرح نفسه هو هل كان المطلوب من الدكتور جعجع أن يتروّى قليلاً ويتمهّل في إعلان قراره، أو أنّ ما فعله كان عين الصواب؟

قد يكون من الصعب الإجابة الدقيقة والحاسمة… فالأيام الآتية وحدها تجيب على هذا السؤال، من غير أن ننكر جرأة جعجع في هذه الخطوة، وهي جرأة تكشف عن شخصية واضحة، ثابتة، جريئة وصاحبة مبدأ..

على المقلب الآخر، هناك النائب (الجنرال السابق) ميشال عون، الذي كان ذهب الى باريس والتقى هناك الرئيس سعد الحريري الذي استقبله رغم ارتكابات «جنرال الرابية» وتصريحاته السابقة ضد «المستقبل»، والتي لم تكن تخلو من العنف، من مثل إشارته لخروج الحريري بعبارة «ون وي».. ومن مثل إعلان الوزير جبران باسيل (صهر الجنرال) استقالته، كما والحملة التي استهدفت الرئيس فؤاد السنيورة تحت اسم «الإبراء المستحيل».

بعد كل هذه المواقف، وجدنا الجنرال عون يتوجّه الى باريس ويلتقي الحريري، فكان من تداعيات اللقاء تسهيل تشكيل الحكومة بعد أحد عشر شهراً من المماطلة والتعطيل ووضع العصي في الدواليب.

تشكلت الحكومة، وجاء نهاد المشنوق وزيراً للداخلية، واللواء أشرف ريفي، الذي لم يستطع الخائن نجيب ميقاتي أن يمدّد له في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي ستة أشهر… جاء وزيراً للعدل.. وبطرس حرب وزيراً للإتصالات، التي كان يقبض عليها الفريق الآخر، ويحجب «داتا» الاتصالات عن الأجهزة الأمنية، في ظروف دقيقة وبالغة الخطورة، من مثل حدث اغتيال اللواء وسام الحسن.. فباتت الوزارة بكاملها في يد الوزير حرب..

طبعاً، السؤال الذي يطرح بقوة، هو لماذا قدّم الجنرال عون كل هذه التسهيلات، وكل هذه التقديمات؟.. لسبب وحيد وهو الوصول لرئاسة الجمهورية التي يصوّب عليها منذ أمد طويل…

اللافت، أنّه وبخلاف المرشح جعجع، فإنّ عون لم يتفوّه بكلمة واحدة بعد عن قراره وعن برنامجه المستقبلي… رغم أنّ الرئيس نبيه بري أخذ قراره وحدّد الاربعاء المقبل موعداً لجلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية… وسط معلومات تتحدث عن أنّ نصاب الـ86 نائباً مؤمّن.. لكن المشكلة هي في أنّ الفريقين، على ضفّتي الثامن والرابع عشر من آذار، لم يحسما أمرهما نهائياً بعد.. والوسطيّون (كتلة جنبلاط، وكرامي والصفدي وميقاتي) يشكلون أحد عشر نائباً.

الخلاصة، وبعملية حسابية بسيطة، يتبدّى أنّ أي فريق من الفريقين الأساسيّين بحاجة الى توافق… فلا الثامن من آذار قادر على إيصال من يريد، ولا الرابع عشر من آذار كذلك.. من هنا، فإنّنا نرى أنّه من الصعوبة بمكان القول إنّ أياً من الفريقين قادر على الوصول الى النتيجة التي يتوخاها، ولا بد من التذكير، بأنّ حكومة الرئيس تمام سلام، اصطدمت على مدى شهور بصيغة الـ 6.9.9 التي كان يتمسّك بها «حزب الله» وحلفاؤه، الى أن حلّت نعمة التوافق بقبول الجميع بصيغة الـ 8.8.8 فكان إعلان التوافق وولادة الحكومة، فهل يتكرّر المشهد؟!