بين مهزلة الانتخابات الرئاسية السورية ومفخرة الانتخابات المصرية يواصل لبنان المراوحة القاتلة في مسخرة “انا او لا أحد”، التي اشار اليها بطرس حرب في حديثه عن موقف النائب ميشال عون، الذي لا يتردد في مطالبة سعد الحريري بأن يحسم أمره لجهة تأييده رئيساً ام لا، في حين لا يحسم عون أمره فيعلن ترشيحه أو يستنكف!
وهكذا كانت احداث يوم الاحد مزيجاً متناقضاً بالنسبة الى المواطن اللبناني، الذي واكب بارتياح وقائع احتفال تسلّم الرئيس عبد الفتاح السيسي، التي عكست احتراماً لقواعد الديموقراطية في حضور عربي ودولي، حيث جرت عملية راقية للتسليم والتسلّم بين رئيسين للمرة الأولى في تاريخ مصر، بدأت بأداء القسم في المحكمة الدستورية العليا ثم بالتسليم والتسلّم في قصر الاتحادية ثم في خطاب العهد في قصر القبة.
شاهد اللبنانيون ايضاً بألم المزيد من البراميل المتفجرة تتساقط على رؤوس السوريين، بينما كان النظام يوزّع صور الاحتفالات المفبركة بانتصار بشار الاسد في انتخابات مسخرة، طغت عليها صناديق الموت لا صناديق الاصوات، ليظهر الاخضر الابرهيمي من النسيان ويبشّرنا بأن سوريا تتجه لتكون دولة فاشلة تتنازعها تنظيمات ارهابية ستجعل منها بؤرة أسوأ من الصومال وحتى افغانستان… فهل سمع باراك اوباما، الذي وقف يمضغ العلكة في احتفالات النورماندي كمهرج وليس كرئيس اقوى دولة؟
ولأننا في مهزلة “انا أو لا أحد” وفي انتظارات عون ان يبقّ الحريري بحصته التي والأغلب انها ستكون من خشب لا من ذهب، ولأن عدم انتخاب رئيس جديد هو انتهاك خطير للميثاق والدستور والحقيقة، كما قال الكاردينال بشارة الراعي، علينا ان نتذكر ان لبنان الذي كان رائداً في احترام قواعد التعاقب الديموقراطي للرؤساء كما في احترام الدستور، يتجه في ظل ازمة الاستحقاق المؤجل، او بالاحرى المفشّل، الى الانهيار.
وتواكب الأزمة سلسلة من المشاكل والاضرابات، التي يبدو واضحاً ان هناك من نفخ في رياحها وأطلق شياطينها دفعة واحدة، ربما توصلاً الى القول في النهاية أنّ هذا النظام قد فشل كما ترون، وهذا الدستور معطل كما تعلمون، فلماذا الدوران في حلقة مفرغة ونحن جميعاً امام إما الانهيار الكامل وإما المؤتمر التأسيسي الذي يمكن ان يعيد الاستقرار عبر اعادة توزيع السلطات والحصص!
مصر تكتشف ديموقراطية التعاقب السلمي على السلطة، وفي لبنان يتم تعليق الديموقراطية في مشنقة التوافق الذي يعني التعطيل، ولهذا عندما شارك الرئيس نبيه بري في احتفال تنصيب السيسي، كان عرضة لسؤال واحد طرحه عليه كل من الامير سلمان بن عبد العزيز والشيخ صباح الاحمد الصباح والملك عبدالله الثاني:
متى تنتخبون رئيساً للجمهورية؟ وبري لم يرد على عادته: ان غداً لناظره قريب!