IMLebanon

الراعي: لا أحد يحل محل الرئيس وســـوريا ترفض إقامة مخيمات للنازحين

الهزّات الأمنية التي ضربت البلاد، مضافاً إليها تعذّر انتخاب رئيس جديد نتيجة الأوضاع الداخلية والخارجية المعلومة، أدّت إلى طيّ صفحة الاستحقاق الرئاسي وفتحِ صفحتَي تفعيل العمل الحكومي وإجراء الانتخابات النيابية، خصوصاً أنّ المهَل الدستورية المتّصلة بهذه الانتخابات بدأت تطرق الأبواب، الأمر الذي يضع القوى السياسية أمام خيارَين لا ثالث لهما: التمديد مجدّداً لمجلس النواب أو إتمام الانتخابات النيابية.

أثبتَ التمديد النيابي أنّه خطوة غير شعبية، حيث يتوق الناس للتغيير وإتمام الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها، تمسُّكاً بالدستور والنظام الديموقراطي اللبناني، خصوصاً أن لا شيء يبرّر التمديد، حيث إنّ الأوضاع الأمنية، على رغم ما شهدته البلاد الأسبوع الماضي، ما زالت تحت السيطرة، وبالتالي مَن سيتحمّل من القوى السياسية كلفة تغطية التمديد شعبياً؟

وفي الوقائع أنّ رئيس تكتّل «الإصلاح والتغيير» العماد ميشال عون كان أعلن رفضَه التمديد وخوضه الانتخابات النيابية بخلفية رئاسية من منطلق أنّ اكتساحَه النيابي يؤهّله حسمَ الاستحقاق الرئاسي، ولكنّ مشكلة عون هي مع فريقه هذه المرّة لا أخصامه، لأنّ الأسباب التي دفعت «حزب الله» إلى ترجيح خيار التمديد ما زالت نفسها، ولا بل ما يواجهه اليوم في سوريا بعد الأحداث العراقية سيجعله أكثر تمسّكاً بالتمديد بغيةَ التفرّغ للقتال السوري.

وفي موازاة «حزب الله» يبرز موقف رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط المؤيّد لخيار التمديد، ولكن من منطلقات مختلفة عن الحزب، وتتصل برغبته تلافي الإحراج الذي تسبّبه له هذه الانتخابات لجهة تحالفاته مع مكوّنات 14 آذار وتأثيرها على علاقته مع قوى 8 آذار، وكيفية التوفيق بين وسطيته السياسية وتحالفاته النيابية.

وعلى المقلب الآخر المتّصل بقوى 14 آذار علمت «الجمهورية» أنّ رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع يؤيّد بقوّة إجراء الانتخابات النيابية لأسباب دستورية ومبدئية، وأنّه بدأ مشاوراته مع مكوّنات 14 آذار الحزبية والمستقلة لهذه الغاية، وتحديداً تيار «المستقبل» الذي تفيد معلومات «القوات» أنّه لن يصوّت للتمديد، وبدأ يعدّ العدّة لخوض هذه الانتخابات.

وكشفَت أوساط قريبة من جعجع أنّ كلّ الإحصاءات الصادرة أخيراً تؤكّد تقدّم «القوات» على «التيار الوطني الحر» نتيجة العمل التراكمي، كما التململ الشعبي بسبب التعطيل العوني للانتخابات الرئاسية، فضلاً عن موقف بكركي المنتقد علناً لهذا السلوك الذي أدّى إلى تفريغ موقع الرئاسة الأولى.

وقالت الأوساط إنّ عون يهوّل بالانتخابات، ولكنّه لا يريدها فعلياً، لأنّه يدرك حقيقة واقعِه الشعبي، وشدّدت أنّها ستذهب إلى النهاية في هذا الاستحقاق بغية كشف نيّات كلّ فريق، وتحميل الفريق الذي يريد تعطيل الانتخابات النيابية مسؤوليته، على غرار تحمّله تعطيل الانتخابات الرئاسية، وأكّدت أنّها ستدفع باتجاه تبنّي المشروع المختلط الذي وافقَت عليه 14 آذار وجنبلاط، ولكنّ أولويتها ستكون موعد الانتخابات على القانون.

وكرّرت الأوساط أنّها ضد التمديد النيابي، وكشفَت أنّها ستبدأ بعَقد اجتماعات تنظيمية لماكيناتها الانتخابية.

مخيّمات للنازحين

وفي حين عرض رئيس مجلس النواب نبيه بري مع سفير الولايات المتحدة الاميركية ديفيد هيل للأوضاع والمستجدّات الراهنة في لبنان والمنطقة، بحثَ وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل مع سفراء الدول ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن المعتمدين لدى لبنان، في إقامة مخيّمات للنازحين السوريين على الحدود.

وقال باسيل إنّ البحث شكّل «بداية حديث رسميّ في موضوع النازحين السوريين من أجل إعادتهم إلى سوريا»، ورأى أنّ «هذا الأمر يدخل ضمن سياسة تحييد لبنان عن الصراعات في المنطقة، ولا يمكن للبنان أن يحلّ قضية النازحين بنفسه من دون أن يناقش الأمر مع السلطات السوريّة لكي تتحمّل المسؤولية في هذا المجال».

وفي موقف يكشف الجهات التي حالت دون تنظيم أوضاع اللاجئين السوريين في لبنان، رفضَ السفير السوري علي عبد الكريم علي بعد لقائه باسيل «إقامة مخيّمات للّاجئين على الحدود مع لبنان»، وأضاف: «نحن ضدّ إقامة المخيّمات، وسيتمكّن السوريون من العودة، لا سيّما وأنّ سوريا بلدٌ واسع وكبير، وفيه مجال لاستيعاب كلّ أبنائه».

مصادر سلام

وفي الشأن الحكومي، عبّرت مصادر رئيس الحكومة تمام سلام لـ»الجمهورية» عن أملها في أن تعطي الانطلاقة المتجدّدة للحكومة، بعد فترة جمود دامت نحو أربعة اسابيع، دفعاً ونشاطاً في عجلة العمل الحكومي، إذ لا يجوز، بعدما ابتُلينا بشغور رئاسي أدّى إلى فراغ سياسي، أن نُبتلى بفراغ في السلطة التنفيذية، مع التأكيد مجدّداً أنّ الحكومة لا تعمل وكأنّها باقية للأبد، فانتخاب رئيس جمهورية جديد في يد القوى السياسية ومجلس النواب، ولكن لا يجوز في هذه الفترة ان تبقى الحكومة مكتوفة الأيدي، خصوصاً في ظلّ الأوضاع الأمنية الراهنة.

وجدّدت مصادر سلام تأكيدَها أنّ العنوان العام في المرحلة المقبلة هو اعتماد التوافق في عمل الحكومة، وعدم الذهاب الى مكان خلافي. وإذ أكّدت وجود رغبة لدى كلّ الأطراف السياسية بالعمل الجدّي، أشارت إلى أنّ تعطيل العمل الحكومي لا يوصل إلى أيّ مكان ولا يسرّع عملية انتخاب رئيس جمهورية جديد.

الراعي

وفي إطار المواقف الضاغطة التي يواصلها، شنَّ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي أمس هجوماً عنيفاً على كلٍّ من المجلس النيابي والحكومة، مُحمّلاً إياهما مسؤولية الفشل في انتخاب رئيس جمهورية جديد».

فهو صلّى أمس «من أجل المسؤولين وخصوصاً النوابِ «كي يكفّوا عن الإمعان في طعن الدستور والميثاق الوطني، بحرمان الجمهوريّة اللبنانية من رئيسٍ يضفي الشرعيّة على جميع مؤسسات الدولة، وفي تعطيل السير المنتظم للحكومة والبرلمان»، مؤكّداً أنّه «لا يستطيع أحد أن يحلّ محلّ رئيس البلاد، كما لا يمكن لأيّ عضو في الجسد أن يحلّ محلّ الرأس».

وقال الراعي إنّ مجلس النواب «ملزَم بالانعقاد الدائم اليومي، بحكم المواد 73 و 74 و 75 من الدستور، لكي ينتخب رئيسًا للبلاد، والحكومة تسدّ الفراغ المؤقّت السريع، بحكم المادة 62 طيلة هذا الانعقاد. فلا يحقّ للمجلس النيابي أن يلتئم أسبوعيًّا أو كلّ أسبوعَين ويتمادى في عدم القيام بواجبه، ولا الحكومة يحقّ لها أن تُجزّئ صلاحيات رئيس البلاد. وطالما الإمعان في المخالفة مستمرٌّ، لغايةٍ في النفس، فالمجلس النيابي والحكومة مسؤولان عن تعطيل شؤون المواطنين وحاجاتهم، وعن تردّي أوضاع لبنان الاقتصاديّة والسياسيّة والاجتماعيّة والأمنيّة».

فتفَت

وأكّد عضو كتلة المستقبل النائب أحمد فتفت لـ»الجمهورية» أنّ الخوف من عودة التفجيرات الى لبنان يبقى موجوداً ما دام «حزب الله» غير مستعدّ «للتنازل عن جنونه بالتدخّل في سوريا، وهو جرَّنا للأسف الى حرب إقليمية كنّا في غنى عنها، ولكن سنظلّ نأمل في لحظة من اللحظات أن ينزل عقل الرحمن على رأسه ويقتنع بحماية لبنان والعودة الى إعلان بعبدا وتسليم سلاحه إلى الدولة».

وأوضحَ فتفت «أنّ الإرهاب مُدان ومرفوض من الجميع رفضاً باتاً، أخلاقياً ودينياً وسياسياً، ولكن عندما نقول إنّ هناك مسؤولية على الحزب لا نكون بذلك نبرّر، على العكس، نحن ندين الإرهاب وندين إرهاب الحزب أيضاً في الداخل والخارج، فنحن نُشخّص المرض لنجد العلاج الحقيقي» .

واعتبر أنّ تحصين الوحدة الوطنية كما يدعو الحزب «لا يكون عبر الاستقواء بالسلاح، وإذا أراد هو تحصينها فليبرهن عن ذلك وليأتِ إلى جلسة انتخاب رئيس جمهورية وليبدأ من هنا».

وعن إمكانية عودة السخونة إلى محاور طرابلس، قال: عندما سحبَ «حزب الله» يدَه وغطاءَه عن الحزب العربي الديموقراطي هدأت محاور المدينة والتقى الأهالي، فبالتالي، لن تشتعل هذه المحاور مجدّداً إلّا إذا أراد هو إشعالها، وأخشى ان يكون تحريضه الإعلامي ضد المدينة مقدّمة لذلك». ولفت الى انّ البعض «يضخّم الامور، مؤكّداً أنّ طرابلس عصيّة على كلّ تطرّف، وقد أثبتَت ذلك مراراً».

وتعليقاً على اعتماد التوافق قاعدةً للعمل الحكومي، قال فتفت: إفتعلنا مشكلة من حيث لا مشكلة، بل من خلفية سياسية، لأنّ قضية التواقيع بدعة، ولنقلْ إنّها بدعة حسَنة إذا كانت ستُسيِّر العمل الحكومي، لكن من الأساس لم يكن من لزوم لهذه المشكلة، فجميعنا نعرف أنّ المراسيم تصدر حكماً بعد 15 يوماً من دون توقيع رئيس الجمهورية، لكن يبدو أنّ الجميع أدركوا أنّ هناك مصلحة في أن تهدأ الأمور.

ولم يُبدِ فتفت تفاؤلاً في إمكان انتخاب رئيس جمهورية جديد قريباً «ما دام العماد ميشال عون على عناده ولا يردّ على أحد وحتى على البطريرك الماروني، وبالتالي ستكون جلسة الانتخاب الأربعاء المقبل مثل سابقاتها».

مهمّة انتحاريّي «دو روي» تبدّلت

وفي الوقت الذي تتواصل فيه التحقيقات في «مشروع الإنتحاري» السعودي الثاني الذي اعتقل خلال دهم فندق «DUROY ، قالت مصادر مطلعة لـ»الجمهورية» إنّ الانتحاريَين كانا قد وصلا الى بيروت لتنفيذ مهمة غير تلك التي كُلّفا بها قبل يومين من دهم الفندق المذكور، ما أدّى إلى تعطيل المهمة الجديدة بتنفيذ عملية انتحارية في مطعم الساحة على طريق المطار، وتحفّظت المصادر على ذكر المهمة الأولى التي كانا سيقومان بها.

ونفى مصدر مطلع ان يكون التحقيق قد توصّل الى خيوط عن مكان وجود المدعو المنذر خلدون الحسن المشتبه بتأمينه الأحزمة الناسفة والمتفجّرات لشبكة فندق «DUROY « والذي عمَّم الأمن العام صورته، موضحاً أنّ ما تمّ تداوله في بعض وسائل الإعلام حول المقاهي المستهدفة لا يزال معلومات أوّلية يتمّ التأكّد منها.

وكان تنظيمٌ يطلق على نفسه اسم «ولاية دمشق – القلمون» التابعة للدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) تبنّى التفجير الانتحاري الذي وقع في فندق DUROY .

وتوجّه التنظيم في بيان نُشر على صفحته على «تويتر»، إلى «حزب الشيطان وجيشِه العميل في لبنان»، بالقول: «ما هذا إلّا أوّل الغيث»، مضيفاً: «أبشِروا بالمئات من الاستشهاديّين».

متفجّرات في عكّار

في هذا الوقت، عَثر الجيش على كمّية من المتفجّرات في عكّار، وأعلنت قيادة الجيش أنّه «نتيجة التحقيق مع الموقوف محمود خالد، الذي اعترَف بوجود كمّية من القذائف والذخائر مطمورة في قطعة أرض له في بلدة فنيدق – عكّار، دهمَت قوة من الجيش أمس (أمس الاوّل) المكان المذكور، حيث عثرت على مواد متفجّرة وقذائف هاون وحشوات، بالإضافة إلى كمّية كبيرة من الكرات المعدنية التي تُستعمل في تجهيز الأحزمة الناسفة. وقد تمَّ تسليم المضبوطات إلى المرجع المختص لإجراء اللازم».

وأكّد مصدر رفيع مُطّلع على مسار التحقيق لـ»الجمهورية» أنّ التحقيقات الأوّلية أظهرت أنّ محمود خالد، يُلقّب أيضاً بـ»أبو عبيدة»، ومتورّط في أعمال إرهابية، فيما ترجّح المعلومات الأوّلية علاقته بالتفجيرات الأخيرة.

تجدّد الإشكال في صيدا

وفي السياق الأمني، عزَّز الجيش اللبناني انتشارَه قرب مسجد دار الأرقم والشارع المؤدّي إليه، بعد تزايد الهرج والمرج بين شباب «الجماعة الإسلامية» المعتصمين أمام المسجد وعناصر «سرايا المقاومة» التي اعتدت بالضرب على الشيخ خليل الصلح إمام مسجد الأرقم، وذلك على خلفية استمرار الإشكال الذي وقع بينهما أمس الأوّل بسبب تعليق لافتات عن شهر رمضان المبارك. وأمس، تدخّل الشباب والمُصلّون لحماية الصلح، وحضرت عناصر من مخابرات الجيش ومن شعبة المعلومات.

وتقدّم الصلح بدعوى ضدّ المعتدين أمام مخفر صيدا، علماً أنّه يتعرّض لمضايقات من هذه العناصر منذ فترة، على حدّ قول المسؤول السياسي لـ»الجماعة الإسلامية» في صيدا بسّام حمود.

وفي وقت طاردَت قوى الأمن الداخلي العناصر المعتدية بعدما فرّوا إلى جهة مجهولة، اجتمع المجلس التنفيذي لهيئة علماء المسلمين في صيدا، ودان «الإعتداء على مسجد الأرقم وعلى أبناء حيِّ الزُّهور»، واعتبر أنّ الإعتداء يطاول كلَّ المساجد والمسلمين وحرمة الشَّهر الكريم». ورأى أنّ «تمادي هذه الجهة المأجورة بالاعتداءات يُنذر بفتنة مستطيرة، لذا على المسؤولين أن يلعبوا دورهم في لجمِها ومحاسبتها قبل أن لا ينفع الندم!»،