بدا غداة الاخفاق في انتخاب رئيس جديد للجمهورية عقب الجلسة الثالثة التي أطيح نصابها الاربعاء الماضي ان استنفارا سياسيا تتصاعد ملامحه تدريجا استعدادا لدخول المرحلة الحاسمة الاخيرة من المهلة الدستورية التي تشكلها الايام العشرة الاخيرة منها ابتداء من 15 ايار الجاري وهو موعد الجلسة الرابعة للمجلس قبل فترة الانعقاد الحكمي للمجلس. وعلمت “النهار” في هذا السياق ان المخاوف من الفراغ الرئاسي ارخت بثقلها على اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية ميشال سليمان والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بعد ظهر امس في قصر بعبدا والذي سبقه اول من امس اتصال من الرئيس سليمان بالبطريرك مهنئا اياه بسلامة العودة من زيارته للفاتيكان وفرنسا. وقد أبلغ الراعي سليمان انه “لا يقبل بقصر بعبدا من دون رئيس، واذا كان للدستور اعتباره فإن للقصر أولويته”.
كما علمت “النهار” ان اللقاء تطرق الى موضوع زيارة البطريرك الراعي للاراضي المقدسة في فلسطين المحتلة.
كذلك كشفت مصادر اطلعت على مضمون لقاء البطريرك الراعي ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في بكركي قبل ظهر امس لـ”النهار” أن الراعي أبدى استياءه ممن يقاطعون الجلسات الانتخابية لأنهم يدفعون البلاد إلى الفراغ ومن لا يريد الفراغ لا يقاطع الجلسات، ولا يمكن أن يطلب المرء شيئاً ويفعل نقيضه. وسأل جعجع مازحاً: “ألأنك ترشحت يقاطعون الجلسات؟ ما معنى الديموقراطية في هذه الحال؟ هل هناك علم جديد حول الديموقراطية لم نطلع عليه بعد؟”. وشكل موقف جعجع عقب اللقاء تطورا بارزا اذ ابدى استعداده لسحب ترشيحه اذا تم التوافق على اسم شخصية من قوى 14 آذار تحصل على أكبر عدد من الاصوات.
بنشعي وبكفيا
في غضون ذلك، واصل الرئيس امين الجميل تحركه، فزار رئيس تيار “المردة” النائب سليمان فرنجية في بنشعي وصرح على الاثر بأن هناك “شعورا مشتركا حول مسؤولياتنا وضرورة بذل كل الجهود للتفاهم بعضنا مع البعض لانتخاب رئيس قادر على مواجهة كل الاستحقاقات الداهمة”. أما فرنجية فكرر انه “ضد الفراغ ولا نخاف منه ولكن يجب ان نعمل معاً لتأمين حصول الاستحقاق قبل 25 ايار”. ولوحظ ان فرنجية ابدى “تشاؤمه” بانجاز الانتخابات في موعدها، لافتا الى ان “الانقسام العمودي يصعب الوصول الى اتفاق ضمن المهلة الدستورية”.
وعلمت “النهار” ان لقاء الرئيس الجميل والنائب فرنجية تخللته طروحات مماثلة لتلك التي قدمها الجميل خلال اللقاءين السابقين اللذين عقدهما مع جعجع والعماد ميشال عون، وهي اولوية الاستحقاق على الترشيحات وان يتم الاتفاق على أحد من الاقطاب الموارنة الاربعة لئلا يفرض مرشح آحر خارج اتفاقهم. وقد اتخذ فرنجية موقفا مماثلا لموقف عون في شأن حرية حضور جلسات الانتخاب او عدم حضورها. ووافق الجميل وفرنجية على انهما سيكونان مستعدين لتلبية دعوة البطريرك الراعي الى لقاء قمة مارونية اذا ما اراد بعد 15 من الجاري وربما في 17 منه.
ومساء امس عقد الجميل ورئيس “جبهة النضال الوطني” النائب وليد جنبلاط لقاء مطولا الى مائدة عشاء اقامه الجميل في بكفيا وتمحور اللقاء على سبل التوصل الى مخرج يضمن اجراء الانتخابات ضمن المهلة الدستورية. وعلمت “النهار” ان لقاء الرئيس الجميل والنائب جنبلاط جرى التمهيد له الاثنين الماضي وقد رافق جنبلاط في الزيارة النائب نعمة طعمة ونجله تيمور، فيما انضم لاحقا الى المجتمعين النائب سامي الجميل. وقد وصفت مصادر المجتمعين اللقاء بانه للتشاور في الاستحقاق الرئاسي من غير ان يعني تغييرا في مواقف الطرفين في الوقت الحاضر.
وفي موازاة هذا اللقاء، علمت “النهار” ان الرئيس الجميل يستعد لزيارة رئيس مجلس النواب نبيه بري في اطار مبادرته لانقاذ الاستحقاق، على ان يجري مشاورات مع اركان 14 آذار في شأن ما آلت اليه اتصالاته على هذا الصعيد.
بري
وسئل الرئيس بري امس عما اذا كان ثمة امكان لانتخاب رئيس جديد ضمن المهلة، فأجاب: “السؤال الذي يجب ان يطرح هو لماذا لم ننتخب رئيسا حتى هذا الوقت”. واضاف: “وجهت دعوة الى جلسة لاقرار سلسلة الرتب والرواتب الاربعاء المقبل والخميس لانتخاب رئيس لانه اليوم العاشر الذي يسبق انتهاء ولاية رئيس الجمهورية وحتى لا يقال ان المجلس لم يجتمع في هذه المهلة وسأستمر في توجيه الدعوات مع ان مهلة العشرة ايام لم تعد ذات قيمة لانني استخدمت صلاحيتي في توجيه الدعوة الى جلسة الانتخاب”. وعن الجدل الدائر حول امكان عقد جلسات تشريعية للمجلس بعد 25 ايار في حال عدم انتخاب رئيس جديد قال بري: “ان صلاحيات المجلس تشريعية وهي منفصلة عن انتخاب الرئيس”، مشيرا الى انه يدعو بالتوازي الى جلسات تشريعية وجلسات لانتخاب الرئيس. وأضاف: “ثمة أصوات تهدف الى تعطيل دور البرلمان واستعادة تجربة ما بعد استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي عندما امتنع نواب 14 آذار عن حضور الجلسات واستمررت من جهتي في القيام بدوري”.
السلسلة
أما في شأن سلسلة الرتب والرواتب، فرأت مصادر نيابية مواكبة لسلسلة الرتب والرواتب ان جلسة الاربعاء النيابية المخصصة لمناقشتها واقرارها تمثل امتحانا للمجلس في مقاربة السلسلة من دون مغامرات مالية قد تؤثر في الوضع الحكومي. وتحدثت عن وجود خبراء من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في بيروت وهم اجروا اتصالات مع وزير المال علي حسن خليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة والقطاعات الاقتصادية والمصرفية من اجل اعتماد التروي في مقاربة الموضوع وعدم ارتكاب المحظور. ونقل زوار بري عنه امس انه تبين له “ان ما قدمته اللجنة النيابية اخيرا ألحق ظلما واجحافا بالمواطنين وليس بالمستفيدين فحسب من السلسلة لأن زيادة واحد في المئة على الضريبة على القيمة المضافة ساوت بين الفقراء والاغنياء وطاولت المواد الغذائية والاستهلاكية ولم تركز على الكماليات”. وأفاد انه طلب من وزارة المال اعادة النظر في اقتراحات اللجنة بغية تحسينها على ان يقترحها على النواب بنداً بنداً الاربعاء المقبل.