IMLebanon

الراعي لـ«حزب الله»: القدس لنا.. والفراغ مرفوض

جدل «خليوي» ينتهي بالتصويت لمصلحة اقتراح حرب.. ودرباس ينتفض لحقوق طرابلس
الراعي لـ«حزب الله»: القدس لنا.. والفراغ مرفوض

 

خشية اقتراب ساعة التسليم من دون تسلّم منتصف ليل الرابع والعشرين من الجاري، وعلى قاعدة «اللهم إنّي بلغت» أتت رسالة رئيس الجمهورية ميشال سليمان إلى مجلس النواب طالباً منهم «العمل بما يفرضه الدستور (…) تفادياً لمحاذير ومخاطر عدم انتخاب رئيس للجمهورية». فيما كان البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي ينطلق من الخشية نفسها حين توجّه إلى وفد «حزب الله» الذي زاره أمس في بكركي قائلاً: «الفراغ مرفوض رفضاً قاطعاً، فليتحمل كل طرف مسؤولياته، تفضلوا وانتخبوا رئيساً»، وفق ما كشفت مصادر مطلعة على مجريات اللقاء لـ«المستقبل»، لافتةً في ما يتصل بالاعتراض الذي نقله الوفد على زيارة البطريرك القدس إلى أنّ الراعي ردّ على هذا الاعتراض بالقول: «متمسكون بالزيارة، فالمسيحيون موجودون في القدس قبل الجميع ولن نتخلى عن شعبنا».

وإذ وصفت لقاء الراعي مع وفد المكتب السياسي في «حزب الله» برئاسة السيد إبراهيم أمين السيد بـ«الصريح جداً»، أكدت المصادر أنّ «الآراء لم تكن متطابقة بين الطرفين حيال العنوانين الأساسيين للزيارة، الانتخابات الرئاسية وزيارة القدس». وأوضحت أن البطريرك قال في العنوان الأول: «أرى فراغاً في الأفق في سدة رئاسة الجمهورية والفراغ من جانبنا مرفوض رفضاً قاطعاً. أمامنا بضعة أيام قبل انتهاء المهل الدستورية فليتحمل كل طرف مسؤولياته»، وأضاف: «ثمة نصوص دستورية، تفضلوا وانتخبوا رئيساً»، مشيرةً إلى أنّ وفد «حزب الله» أجاب بالإشارة إلى أنّ «الحزب حريص على التوافق ولن يشارك في الجلسات بانتظار ولادة هذا التوافق». الأمر الذي أفصح عنه السيّد لدى خروجه من بكركي قائلاً: «إذا لم يكن هناك رئيس متفق عليه فلن نُشارك» في جلسة الانتخابات الرئاسية المقبلة، جازماً رداً على سؤال بأنّ «في لبنان ليس هناك ديموقراطية مجردة»، ومشدداً في المقابل على وجود «مكونات سياسية تدخل في اعتبارات أي انتخاب».

أما في موضوع زيارة القدس، فنقلت المصادر أنّ وفد الحزب أعرب للبطريرك عن معارضته الزيارة باعتبار أنّ «الوضع المحلي كما الإقليمي لا يتقبلها لأنها لا تندرج في السياق العام لمسيرة البطريركية المارونية ولذلك فإن خطوة جديدة من هذا النوع لا بدّ أن تثير التساؤلات». حينها، تابعت المصادر، أبدى الراعي تمسكه بزيارة القدس «لاعتبارات دينية بحتة لا علاقة لها بالسياسة»، مشدداً على أنه سيؤكد خلال هذه الزيارة أنّ «المسيحيين كانوا موجودين في القدس قبل الجميع»، وأضاف: «لن نتخلى عن شعبنا أينما كان، فأنا بطريرك الموارنة أينما كانوا. هناك أراضٍ في القدس تابعة كنسياً للبطريركية المارونية وأنا مسؤول عن هذه الرعية الراغبة في أن ألتقي بها هناك لأبلسم جراحها». في حين أوضح السيد رداً على أسئلة الصحافيين في هذا الموضوع قائلاً: «قدّمنا رؤيتنا ووجهة نظرنا ووضعنا غبطته في أجواء ما نراه من تداعيات سلبية قد تنتج عن الزيارة التي ينوي القيام بها إلى الأماكن المقدسة».

عسيري

في سياق موازٍ في التوقيت ومنفصل في الجوهر والمضمون، برزت أمس زيارة السفير السعودي علي عواض عسيري إلى بكركي حيث سمع ثناءً من البطريرك الماروني على «دوره وجهوده الحثيثة المشجعة على عودة السياح العرب والسعوديين للسياحة والاصطياف في لبنان»، طالباً منه «نقل شكره إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز على المساعدة الأخوية التي أمر بتقديمها إلى الجيش اللبناني». بدوره شكر السفير السعودي الراعي على دعوته إلى الصرح البطريركي ووصف اللقاء معه بأنه كان «مفيداً جداً من الناحيتين السياسية والعلمية»، مؤكداً في ما يتصل بالاستحقاق الرئاسي أنّ «المملكة العربية السعودية تدعم أي توافق لبناني لبناني بامتياز» وذكّر بأنّ «هذا الاستحقاق يقع على عاتق المسيحيين في الدرجة الأولى»، آملاً في أن يثمر «التوافق المسيحي – المسيحي بالشراكة مع كل القوى السياسية»، ومعولاً في هذا السياق على «الجهود التي يبذلها غبطته والمخلصون من أبناء لبنان لإيجاد حلول لكل ما يشوب موضوع الاستحقاق الرئاسي».

مجلس الوزراء

حكومياً، أقر مجلس الوزراء سلة تعيينات إدارية جديدة شملت تعيين فيصل شاتيلا رئيساً لمجلس إدارة مستشفى رفيق الحريري الحكومي، معين حمزة أميناً عاماً للمجلس الوطني للبحوث العلمية لمدة سنتين، ياسر ذبيان رئيساً لمجلس الإدارة ومديراً للمؤسسة العامة للأسواق الاستهلاكية ومديراً عاماً، يحيى خميس مديراً عاماً لتعاونية موظفي الدولة، في حين غابت التعيينات العسكرية بسبب خلافات سياسية.

أما النقاش الذي احتل الحيز الأبرز في الجلسة التي دامت خمس ساعات، فتوزع بين بند خفض تعرفة التخابر على شبكتي الخليوي وبند ملف النازحين. في البند الأول أفادت مصادر وزارية أنّ جدلاً دار في الجلسة بين وجهتي نظر، الأولى عبر عنها وزيرا الخارجية والمالية جبران باسيل وعلي حسن خليل مفادها أنّ هذه التخفيضات ستؤدي إلى خفض إيرادات الخليوي في الخزينة العامة، فيما أصرّ وزير الإتصالات بطرس حرب على أنّ التخفيضات ستدخل أموالاً أكثر إلى الخزينة وأيّده في ذلك عدد من الوزراء بينهم وزيرا التنمية الإدارية نبيل دي فريج والعدل أشرف ريفي الذي وصف هذا الإنجاز بأنه يأتي بأهمية إنجازات الحكومة الأمنية، وعلّق ممازحاً على الجدل الدائر بين الوزيرين حرب وباسيل بالقول: «وكأننا أمام تقاصف بالأفكار بين البترون الفوقا والبترون التحتا». وفي حين استعان باسيل بأرقام من وزيري تكتل «التغيير والإصلاح» السابقين نقولا صحناوي وشربل نحاس، بينما استند حرب إلى أرقام أعدّها مستشاروه الاختصاصيون في الوزارة الحالية، علمت «المستقبل» أنّ النقاش انتهى إلى التصويت على هذا البند فجاء لصالح اقتراح حرب بنسبة 13 وزيراً من أصل 22 وزيراً كانوا حاضرين في الجلسة.

أما في ملف النازحين، فقد لفتت المصادر الوزارية إلى أنّ «نقاشاً طويلاً دار حول هذا الملف بعدما عرض وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس الخطة التي وضعها في ورقة عمل بالإضافة إلى استعراض نتائج اجتماع اللجنة الوزارية المختصة أول من أمس في السرايا الحكومية»، وإذ أشارت إلى أنّ النقاش انطلق بدايةً حول ما يمكن تنسيقه مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية وحول المكان الأنسب لإقامة مخيمات للنازحين، كشفت المصادر أنّ جدلاً دار بين الوزراء درباس من جهة وباسيل وسجعان قزي من جهة ثانية بشأن العبارة المقترح استخدامها في التعامل مع النزوح السوري بين «الحد» من الدخول أو «منع» الدخول وهي العبارة التي طالب بها كل من باسيل وقزي، في حين اقترح درباس ربط دخول النازحين بشرط الدواعي الأمنية في المناطق الحدودية.

وعن مكان إقامة المخيمات، جدد باسيل المطالبة بإقامتها على الحدود السورية تحت إشراف الأمم المتحدة، بينما اقترح درباس وغيره من الوزراء أن تكون ضمن الحدود اللبنانية. وأشارت المصادر إلى أنه «في ضوء تباعد المواقف استقرّ الرأي على تأجيل بت الملف إلى الأسبوع المقبل لكي يُصار إلى اتخاذ قرار رسمي بهذا الخصوص مع إقرار التدابير اللازمة، وسط اقتراح عدد من الوزراء إسناد تحديد من يحق له بالنزوح من عدمه إلى وزارة الداخلية.

درباس

وفي سياق آخر، برز في جلسة الأمس عدم إقرار البند المتعلق بصرف 60 مليون دولار لطرابلس بسبب اعتراض بعض الوزراء على هذا الاقتراح، ما دفع الوزير درباس إلى القول لـ«المستقبل»: «أشعر بحزن ومرارة ما بعدها مرارة، لأنني كنت قد اضطررت إلى مغادرة الجلسة بسبب تعرض يدي لحرق بسبب القهوة الساخنة مطمئناً إلى أنّ الـ60 مليون دولار من أصل مبلغ الـ100 مليون دولار المقر لطرابلس سيوافق عليه في الجلسة لمد سكة الحديد من المرفأ إلى الحدود السورية وردم 550 ألف متر مربع في البحر لتكون مقراً للمنطقة الاقتصادية الخاصة بالإضافة إلى إقامة محطة تسفير في التل».

وأضاف درباس: «ظننت أنّ مجلس الوزراء سيتبنى هذا الموضوع لما أصاب طرابلس ولأنّ المبلغ لم يُصرف في الحكومة السابقة، وإذ أؤكد ثقتي التامة بأنّ رئيس الحكومة تمام سلام دافع عن حقوق المدينة بكل شهامة، إلا أنّ تأجيل إقرار هذا الموضوع أتى بمثابة احتقار لحقوق هذه المدينة المناضلة وكأنّ ثمة من يريد أن يعيدها إلى ما كانت عليه من دورات الفوضى والعنف لأنّ من لا يحفظ مدينة طرابلس بـ60 مليون دولار لا يحفظ وطناً ولا قيماً»، خاتماً حديثه بالقول: «هذا أول الغيث، وبعد الغيث لنا كلام آخر، فأنا تشاورت في هذا الأمر مع النواب سمير الجسر ومحمد كبارة وأحمد كرامي ونحن متضامنون حيال تأمين هذه الحقوق بحيث ستكون كلمة طرابلس واحدة».