IMLebanon

الراعي يدعو “داعش” الى “تفاهم انساني”  

رأى البطريرك الماروني  الكردينال مار بشاره بطرس الراعي أن «نوّابُ الأمّة يطعنون مرّةً أخرى، واليومَ بالذات، كرامةَ رئاسة الجمهورية وكرامةَ الشعب اللبناني ولبنان، بعدمِ اكتمال النصاب والإحجام عن انتخاب رئيس للجمهورية، وبخاصة بعد مرور أربعة أشهر تماماً من 25 آذار إلى 25 تموز، من دون أن يتمكّنوا من اتّخاذِ أي مبادرة إيجابية، أو أي مبادرة عملية إنقاذية شجاعة من الفريقَين المتنازعَين 14 و8 آذار ومن الفريق الوسطي، لا على صعيد المرشّحين، ولا على صعيد طرح للحلول».

مصالح شخصية

الراعي، وخلال عشاء اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، أضاف: «أإلى هذا الحدّ هم مكبّلون في قراراتهم وآرائهم وحرياتهم، ومرتهنون لمصالحَ شخصية أو فئوية من الداخل، ولارتباطاتٍ مؤسفة مع الخارج؟ ألا يرون انهيارَ المؤسسات الدستورية؟ ألا يدركون الأخطارَ الاقتصادية والاجتماعية والأمنية؟ ألا يسمعون أنينَ الشعب وصراخَ الموظفين، والمعلّمين والطلّاب وأساتذة الجامعة اللبنانية، وسواهم من المواطنين المقهورين والفقراء؟ هل يقدّرون ثقل المليون ونصف المليون من النازحين السوريين على الأرض اللبنانية، وما يقتضون من مستلزماتٍ وواجبات، وما يشكّلون من أعباءٍ وأخطار ديموغرافية واقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية وأمنية؟»

وطالب الراعي، رئيس المجلس النيابي ونوّابَ الأمّة الالتزامَ بالدستور الذي يوجبُ على المجلس أن ينتخب فوراً رئيساً للجمهورية، أي أن يلتئم يوميّاً لهذه الغاية ولا يكون إلّا هيئة انتخابية لا اشتراعية، بحكم المواد الدستورية 73 و74 و75 الواضحة وضوح الشمس. وكم يؤسفُنا أن يكون نصابُ الثلثَين، الذي لا يفرضه الدستور، بل توافق عليه اللبنانيون قد تحوّلَ عن غايته»، مضيفاً: «لقد توافقوا على حضور ثلثَي أعضاء المجلس النيابي لانتخاب رئيسٍ للجمهورية بنصف عدد أعضاء المجلس زائداً واحداً، لكي تُعطى هالةٌ للرئيس المُنتخَب، وطمأنينةٌ للناخبين فأصبح نصابُ الثلثَين وسيلةً لتعطيل الانتخاب وحرمان الدولة من رأسها، من دون أن نعلم حتى متى، لكنّنا نعرفُ أن هذا يشلّ البلاد ويقوّضُ أوصالَها ويحطّم آمالَ الشعب لا سيّما شبابه وأجياله الطالعة»، متابعاً: «نتساءل أيُّ قيمة تبقى لنصاب الثلثَين؟ وهل النصابُ هو بعد في خدمة رئاسة الجمهورية، أم جعلها رهينةً له».

رئيس غني بشخصيته

وقال: «نردّد على مسامع الجميع أن البطريركية تريد رئيساً غنيّاً بشخصيته وأخلاقيته وتجرّده وتاريخه، رئيساً قادراً على تحمّل مسؤوليات الظرف الحاضر، ويكون على مستوى التحديات الداخلية والإقليمية والدولية، فمثل هذا الرئيس يأتي فقط بنتيجة عمليات الاقتراع اليومية والتشاور بين الكتل النيابية، وأن الرئيس الذي يُنتخب بهذه الطريقة، وبها فقط، يكون الرئيس الأفضل والأنسب والمنشود.

وفي الملف العراقي، رأى الراعي أنه «لم يكن أحد يتصوّر ما آلت إليه البلاد من نزاع وحرب وخراب وقتل ودمار على أيدي مكوّنات هذا الوطن، ولم يخطر على بال أحد أن تعود منظّمة «داعش» أي الدولة الإسلامية في العراق والشام، بالإنسانية والمدنية إلى هذا الحدّ من التراجع إلى الوراء، حتى الوصول إلى تهديد المسيحيين الآمنين المخلصين لوطنهم، المقيمين في الموصل العزيزة، وطردهم من بيوتهم وأراضيهم ومصادرة كلّ ممتلكاتهم، وإخراجهم منها فقط بالثياب التي عليهم، وسلبهم كل ما يحملون من مال أو حلى أو أمتعة، من دون أي شفقة أو رحمة أو أدنى شعور إنساني».

تحاور وتفاهم

ووجه الراعي رسالة لـداعش بالقول: «واحدة فقط تجمعنا بكم هي إنسانية الإنسان، تعالوا نتحاور ونتفاهم على هذا الأساس، فلا قيم الدّين تجمع بيننا وأنتم تنقضون جوهر الإسلام وتعليمه؛ ولا فن السياسة الشريف، فأنتم تعتمدون لغة السلاح والإرهاب والعنف والنفوذ، أما نحن فلغة الحوار والتفاهم واحترام الآخر المختلف، ولغة التعددية في الوحدة، ولغة الديموقراطية وحقوق الإنسان. ونسألكم ماذا فعل المسيحيّون في الموصل وكل العراق العزيز سوى الخير والتقدم والازدهار، على جميع المستويات الثقافية والاقتصادية والإنمائية والحضارية، لكي تعاملوهم بمثل هذا الحقد والتعدّي؟ لماذا تهدمون ثقافة وحضارة بنيناهما معاً، مسيحيين ومسلمين، منذ 1400 سنة من الحياة المشتركة؟ ألم يكن المسيحيون في أساس النهضة الحديثة في العراق؟ ولماذا تهدمون التراث العراقي الثمين من كنائس قديمة تعود إلى القرن الرابع والخامس، ومخطوطات نفيسة أصبحت ملك البشرية، وهي في عهدة السلطة المدنيّة، وتستفيد منها على كلّ صعيد؟

أما في الملف الفلسطيني، فقد أعلن الراعي تضامنه مع الشعب الفلسطيني، ومع الكنيسة التي في فلسطين، «وندعم مطالبهم المحقّة، مطالبين منظمة الأمم والشرعية الدولية، بعودة اللاجئين إلى أراضيهم الأصلية، وبإقامة الدولة الفلسطينية المستقلّة، وعاصمتها القدس، وفقاً لمبدأ الدولتَين، وبإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية الأخرى، وكلّ أنواع التمييز العنصري، وبإقرار نظام خاص للقدس، المدينة المقدسة للديانات الثلاث: اليهودية والمسيحية والإسلام. على هذا الأساس يرتكز كلّ حلّ سياسي».

وفي الملف السوري، شدد الراعي على أنه يجب إنهاء مأساة شعب يُطرد بعنف من أرضه ووطنه. وقد بلغ عدد النازحين من بيوتهم وأراضيهم العشرة ملايين. إنّها حرب عبثية يقع ضحيتها الأبرياء. فمن واجب الإخوة السوريين، نظاماً ومعارضة، حلّ مشاكلهم بالطرق السلمية، بمؤازرة الأسرة الدولية والدول الصديقة».