اتخذت العملية الامنية المزدوجة التي نفذت فجر الاحد في طرابلس طابعاً بارزاً لجهة استكمال الخطة الامنية الجارية في المدينة من جهة والمضي في مواجهة الاختراقات الارهابية وشبكاتها من جهة أخرى. وجاء نجاح هذه العملية المفاجئة ليترك انطباعات مريحة وسط مناخ قلق داخلياً واقليمياً بما يؤكد ان الانجازات الامنية الاستباقية تجري على وتيرة تفاهمات سياسية تتجاوز الانقسامات والخلافات السياسية داخل الحكومة وخارجها. واذا كانت عملية طرابلس ترتبط بالحفاظ على الاستقرار الداخلي، فان الانتشار العسكري الواسع للجيش في جنوب الليطاني بدا كأنه نجح في لجم ظاهرة اطلاق الصواريخ في اتجاه شمال اسرائيل في الايام الاخيرة. وقد سجل في هذا السياق انتشار للوحدات العسكرية في مختلف المناطق الحدودية تميز بكثافة الاجراءات المتشددة واقامة عشرات الحواجز الثابتة والظرفية.
أما العملية الامنية في طرابلس، فنجحت في قبض قوة من الجيش على احد المطلوبين الاساسيين في جرائم ارهابية وهو حسام الصباغ الذي تردد سابقا انه رأس تنظيم “القاعدة” في لبنان. وفي وقت متزامن تمكن فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي من تنفيذ عملية دهم كبيرة في مبنى “سيتي كومبلكس” في طرابلس لتوقيف المطلوب منذر الحسن المتورط في عمليات ارهابية كان آخرها تزويد الانتحاريين السعوديين في عملية فندق “دي روي” الاحزمة الناسفة وانتهت المواجهة معه بقتله بعدما رفض تسليم نفسه.
وعلمت “النهار” ان وزير الداخلية نهاد المشنوق بقيّ حتى فجر أمس الاحد يتابع العملية الامنية في طرابلس والتي تدخل في اطار الخطة الشاملة التي يجري تصويبها تدريجياً. وفي هذا الاطار يجري تشاور جدي، ستظهر نتائجه خلال أسبوع، بين مخابرات الجيش و فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي لحل مشكلة “وثائق الاتصال” التي لا تستند الى مبررات قانونية وكذلك لحل مسألة “لوائح الاخضاع” في الامن العام والتي يجري تنظيفها. ويعود أمر “الوثائق” و”اللوائح” الى عهد الوصاية السورية. من جهة أخرى، طلب الوزير المشنوق توقيف المتورطين في شريط الفيديو الذي يُظهر ولداً لبنانياً يعنّف ولداً سوريا فور بثه وقد تمّ ذلك. كذلك طلب وزير الداخلية إشراك وزارة الشؤون الاجتماعية والجمعيات الاهلية المعنية في التحقيق في قضية الشريط ومعالجة النتائج المترتبة عليه. وأبلغ “النهار” انه أجرى اتصالا مع “هيئة علماء المسلمين” الذين التقوا امس رئيس مجلس الوزراء تمّام سلام في اطار متابعة أوضاع طرابلس. وأوضح انه أشاد بـ”توازن موقف العلماء وتبصّرهم ومعالجتهم الامور بمسؤولية وطنية”.
لكن الاجواء المحتقنة في طرابلس دفعت وزير العدل اللواء اشرف ريفي الى التحذير مساء أمس من مغبة “بعض التوقيفات التي تحصل في شكل انتقائي من جانب بعض الاجهزة الامنية”، وشدد على “ضرورة تطبيق الخطة الامنية في شكل متوازن وعادل وعدم الكيل بمكيالين”.
مجلس الوزراء
في غضون ذلك، علمت “النهار” ان الدعوة التي وجهها رئيس مجلس الوزراء تمّام سلام لعقد جلسة للمجلس قبل ظهر الخميس المقبل قد أُرفقت بجدول أعمال آخر جلسة. وكشف مصدر وزاري مواكب ان السبب الذي دعا الرئيس سلام الى اتخاذ قرار بمعاودة جلسات مجلس الوزراء ليس حلحلة طرأت على الملفّين العالقين وهما الرواتب والجامعة اللبنانية، بل الرغبة في ان يكون مجلس الوزراء جاهزاً لمواجهة مرحلة بدأت تكبر فيها الثغرات الامنية وتتكثف التحركات الديبلوماسية وتتسع دائرة الحروب في المنطقة. وافاد المصدر ان سفراء الدول الكبرى وممثل الامين العام للامم المتحدة في لبنان ابدوا اهتماماً بنشاط الحكومة اللبنانية كمحاور للمجتمع الدولي وكقناة اتصال معه في شأن المساعدات المقررة للبنان سواء لتلبية حاجاته أم لاعانته على تحمل اعباء اللاجئين السوريين. كما كشف المصدر ان ثمة مسعى ليزور الامين العام للامم المتحدة بان كي – مون الموجود حاليا في المنطقة لبنان، خصوصا ان لبنان يمثل المكان الاكثر كثافة للقرارات الدولية منذ العام 2005، وسط تخوّف من اتساع وتيرة المواجهات على الحدود الشرقية بين لبنان وسوريا وتحذير الجهات الامنية من حصول عمليات ارهابية واغتيالات على رغم ان الاوضاع الامنية مضبوطة.
الراعي و”محبّو التعطيل“
اما على صعيد ازمة الفراغ الرئاسي، فبرز امس موقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي والذي اتسم بأهمية كبيرة، إذ كشف للمرة الاولى علناً لدى رئاسته قداسا في عيد القديس شربل في عنايا في حضور الرئيس السابق ميشال سليمان انه كان “يتمنى استمرار” سليمان على رأس الدولة الى حين انتخاب رئيس جديد ” لكن محبي الفراغ رفضوا أيضاً هذه الامنية”. وحمل بشدة على هؤلاء من غير أن يسميهم قائلاً: “لست أدري كم هو كريم في أعينهم وطن مبتور الرأس وكم هي محترمة عندهم سدة الرئاسة وقد آثروا اقفال القصر الجمهوري”.
وكشفت مشاورات جرت أمس بين عدد من الاقطاب الموارنة ان لا جديد حتى الآن في المعطيات المتعلقة بالاستحقاق الرئاسي، علماً ان اوساط الرئيس سعد الحريري بدأت مشاورات مع حلفاء “المستقبل” داخل 14 آذار وخارجها ابتداء من أول من أمس السبت. ولفتت مصادر مطلعة الى ان خطاب البطريرك الراعي امس تعامل مع الرئيس سليمان وكأنه لا يزال رئيسا للجمهورية.
برّي والحريري
الى ذلك نقل زوار رئيس مجلس النواب نبيه بري عنه أمس ان موقفه مطابق لكلام الرئيس الحريري في التصدي للاعمال الارهابية . وفي ما يتعلق بكلام الحريري عن ضرورة اجراء الانتخابات الرئاسية قبل الانتخابات النيابية، قال بري: “أنا متمسك مثله باجراء انتخابات رئيس الجمهورية قبل أي استحقاق آخر، كما اوافقه الحرص على رئاسة مجلس النواب في قوله بعدم امكان انتخاب رئيس للمجلس قبل انتخاب رئيس الجمهورية، ولا يمكننا أيضاً تسمية رئيس الحكومة قبل انتخاب الرئيس لانه ملزم اجراء التشاور مع رئيس المجلس والنواب لتسمية رئيس الحكومة”.
وفي ما يتعلق بموضوع دفع رواتب الموظفين مع اقتراب نهاية شهر رمضان، قال بري ان “من يتحمل مسؤولية عدم دفع الرواتب هو من وقع ومن ثم تنصل من توقيعه، وللعلم فان مجلس الوزراء أقر مشروع قانون بتشريع صرف مليار و450 مليون ليرة باقية من مشروع آخر أيام حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وأحيل على مجلس النواب وأقرته لجنة المال والموازنة، لكن بعض من وقّع المشروع يرفض المشاركة في جلسة تشريعية وينقلب على التزاماته”. وشدد على ان “لا رواتب من دون قانون وبعيداً من أي مخالفة”.
طرابلس: قنبلة قرب منزل رئيس شعبة المعلومات
أفادت معلومات أمنية ليل امس ان مجهولين القوا قنبلة يدوية في محيط منزل رئيس شعبة المعلومات في الشمال المقدم محمد عرب في طرابلس. وسجلت في الوقت نفسه اشتباكات بين الجيش وعدد من المسلحين في باب التبانة.