طويت ورقة تبني الرئيس سعد الحريري، ومن خلفه السعودية، ترشيح النائب ميشال عون ورئيس حزب القوات سمير جعجع، فيما لا يزال البطريرك بشارة الراعي مصراً على تسويق التمديد للرئيس ميشال سليمان. موازين القوى تؤشر إلى ان الفراغ هو حتماً ما سيحتل قصر بعبدا، لوقت يبدو طويلاً، بعدما جمّدت إجازة الملك السعودي ملف الرئاسة اللبنانية
صباح 25 أيار الحالي، يدخل موقع رئاسة الجمهورية اللبنانية في شغور، حتى إشعارٍ آخر. فمع اقتراب موعد انتهاء المهلة الدستورية المحددة لانتخاب رئيس جديد للبلاد، يبدو الاتفاق على اسم مرشح يملك فرصة حقيقية لنيل أصوات النواب، أكثر من متعذّر. وبدا واضحاً أيضاً أن التمهيد للفراغ صار واقعاً، وخصوصاً أن الجميع بات يردّد أن الحكومة الحالية تستطيع أن تشكّل عامل استقرار، أو أن «تكون صلاحيات الرئاسة في أيدٍ أمينة»، كما قال الرئيس تمام سلام أمس من السعودية.
وبعيداً عن التفاؤل الذي لا تزال تبديه دوائر التيار الوطني الحرّ، حول إمكانية سير الرئيس سعد الحريري بالنائب ميشال عون مرشّحاً توافقياً، لا تعكس الأجواء التي عاد بها سلام مساء أمس بشيءٍ من هذا القبيل. بل على العكس، فهم الحاضرون في العشاء الذي أقامه الحريري ليل أول من أمس على شرف سلام والوفد الوزاري المرافق، أن «حظوظ عون، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أيضاً، انتهت»، وأن «المرحلة التالية ستكون فرصةً للبحث في أسماء أخرى».
وقالت مصادر شاركت في اللقاء لـ«الأخبار»، إن الحريري وضع سلام في صورة لقاءاته في باريس، وأشاد بمواقف عون الأخيرة، و«محاولته التحول من طرف إلى الموقع الجامع». وقال إن «التفاهم مع عون جيد حول العديد من القضايا، وهو يعكس أجواءً إيجابية في البلد، كنا نتمنى لو حصل هذا التواصل سابقاً بدل أن يحدث الآن تحت ضغط الانتخابات الرئاسية»، ولمح إلى أن «هذا لا يعني أن يتخلى تيار المستقبل عن تحالفاته السياسية».
وعرّج الحريري على لقائه البطريرك بشارة الراعي في باريس، مشيراً إلى أن «الراعي طرح مسألة التمديد للرئيس ميشال سليمان عاماً أو عامين، حتى لا تبقى الرئاسة في حالة شغور إلى حين الاتفاق على رئيس جديد، لكن لا يبدو أن هذا الأمر سينجح قبل نهاية المهلة الدستورية». وأكد الحريري أنه «يوافق على من يُجمع عليه المسيحيون… لكن الموارنة غير متفقين»، مستبعداً أن يتمكن الراعي في المرحلة المقبلة من جمع الأقطاب الموارنة على اسم واحد. وأشار إلى أنه «إن لم يتم التوافق على انتخاب رئيس في المهلة المتبقية، فالوقت كفيل كي يدرك المرشحون صعوبة وصولهم، وبالتالي يفتح الباب أمام البحث في أسماء أخرى».
الراعي طلب من الحريري إبلاغ عون بأن الرياض لم توافق على دعم ترشيحه
وعلمت «الأخبار» أنه كان سبق للراعي أن طلب من الحريري إبلاغ عون أن السعودية لم توافق على دعم ترشيحه، فرفض الحريري. وتحت ضغط الراعي، أرسل مدير مكتبه نادر الحريري لمحاولة إقناع عون بالتمديد لسليمان، وطبعاً رفض عون. إلّا أن الراعي أعاد الطلب أمس خلال لقائه نادر الحريري، طالباً من الأخير إبلاغ عون رفض السعودية له، فأكد نادر الحريري أن «تيار المستقبل لا يضع فيتوات على أحد، ويسير بمن يتفّق عليه المسيحيون».
وبالعودة إلى زيارة سلام، فقد التقى الأخير والوفد المرافق أمس الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز في صالون الشرف في مطار جدّة، قبيل مغادرة الملك إلى المغرب. وقالت المصادر إن الملك وسلام تبادلا بدقائق معدودة كلاماً دبلوماسياً عاماً بشأن «ضرورة حفظ الاستقرار في لبنان». وخلال لقائه ولي العهد سلمان بن عبد العزيز، بحضور نائب وزير الخارجية عبد العزيز بن عبدالله، شكر سلام السعودية على دعمها للجيش اللبناني. وقالت مصادر سياسية لبنانية لـ«الأخبار» إن ملف الرئاسة اللبنانية سيكون مجمداً إلى فترة طويلة، على الأقل إلى حين عودة الملك السعودي من «إجازته في المغرب».
في المقلب الآخر، قالت مصادر فاعلة في قوى 8 آذار لـ«الأخبار»، إن «السعودية بمماطلتها في عدم إعطاء جواب رسمي طوال المدة الماضية لعون، أرادت أن تترك عون مرتبطاً بها حتى تنهي المهلة الدستورية من دون خلافات كبيرة، وبعد انقضاء المهلة الدستورية لكل حادث حديث، وستحمّله مسؤولية الفراغ». وأعادت المصادر التأكيد أن «عون هو المرشح الوحيد لقوى 8 آذار حتى الآن». بدورها، قالت مصادر في تكتل التغيير والإصلاح إن موقف الحريري الأخير «يعكس تراجعاً. فبعدما كان موقفه منحصراً في تأييد جعجع للرئاسة، صار اليوم يساوي بين جعجع والجنرال عون، فيما لا يزال حلفاؤنا متمسكين بترشيح الجنرال».
بري يخشى التدخلات
من جهته، قال الرئيس بري أمام زواره مساء أمس إن رسالة رئيس الجمهورية لمجلس النواب حق دستوري له، بموجب المادة 53، وسيصار إلى تلاوتها في الجلسة ومناقشتها، وبعدئذ يكون القرار للنواب. وكشف أن الرسالة التي لم توزع على النواب، تتناول أهمية الاستحقاق والميثاقية وتحضّ على إجراء الانتخابات الرئاسية، وأن مضمون الرسالة لا يتضمن انتقاداً مبطناً للمجلس، نظراً إلى أهمية الاستحقاق، وعزا توجيهها إلى تأخر انتخاب الرئيس الجديد.
وعن جلسة الانتخاب غداً الخميس، قال بري «لا جديد في مسار الاستحقاق، وفي حال لم يكتمل النصاب، فسأدعو إلى جلسة قبل ظهر الجمعة تبعاً لأجواء جلسة الخميس، وكنت في صدد توجيه دعوة إلى جلسة السبت، لكن رئيس الجمهورية سيقيم احتفالاً وداعياً ظهر هذا اليوم، وإذا تبيّن أن هناك إيجابيات نحو انتخاب الرئيس، فسأدعو إلى جلسة قبل ساعة من انتهاء المهلة الدستورية (ليل 24 أيار)». وسُئل بري عن لقاءاته الأخيرة مع عدد من السفراء، وهل أثاروا معه الاستحقاق؟ فقال: «ما صرّحوا به لدى مغادرتهم هو نفسه ما دار في الحديث، وقد عبّروا عن رغبتهم في إجراء الانتخابات في المهلة الدستورية. حتى الآن، كنت أطلب من السفراء عدم التدخل، لكنني أخشى بعد 25 أيار تدخلاً مباشراً وواسعاً في الاستحقاق». وفي السياق، أكد الوزير السابق سليم جريصاتي أن كتلة التغيير والإصلاح تشارك في جلسة الخميس إن تم الاتفاق على مرشّح، في حين علمت «الأخبار» أن الكتلة عدلت عن موقفها من المشاركة المؤكّدة في جلسة الخميس بعد نصائح تلقتها من قوى 8 آذار عن إمكانية حصول «خداع» في الجلسة.
جنبلاط «مكمل» في ترشيح الحلو
وفي السياق ذاته، أكّد النائب هنري الحلو أن كتلة اللقاء الديموقراطي ستشارك في جلستي اليوم وغداً، ولفت في مؤتمرٍ صحافي عقدته الكتلة، بعد لقائها في منزله في بعبدا، إلى أن «لدينا فرصة حتى آخر الأسبوع ليكون الاستحقاق لبنانياً». وأشارت مصادر نيابية في الكتلة إلى أن النائب «وليد جنبلاط قرّر أن يكمل في ترشيح الحلو، وحين يتغيّر الوضع، يبنى على الشيء مقتضاه»، فيما أشارت مصادر ثانية في الكتلة إلى أن «متابعة الحلو ترشّحه ضرورية للمحافظة على الأصوات الوسطية كي لا تتشتت».
وبدا لافتاً حضور تيمور وليد جنبلاط الاجتماع، إضافة إلى أمين السر العام في الحزب التقدمي الاشتراكي ظافر ناصر.
جولة وداعية للسفير الإيراني
من جهة أخرى، جال السفير الإيراني في بيروت غضنفر ركن آبادي على عدد من المسؤولين بينهم برّي ووزير الخارجية جبران باسيل في زيارة وداعية، بعد أن أمضى في بيروت أربع سنوات. ويصل اليوم إلى بيروت السفير الإيراني الجديد محمد فتح علي، ويستهل نشاطه بزيارة باسيل قبل ظهر اليوم.