IMLebanon

” السفير” تنشر وقائع من الاتصالات الإيرانية السعودية

” السفير” تنشر وقائع من الاتصالات الإيرانية السعودية

التسوية الرئاسية مؤجلة ..وفرنسا تُمسك “الملف”

كتب المحرر السياسي:

إذا كان التوافق السعودي ـ الإيراني قد ساهم في تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام في الأسابيع الأخيرة، فإن الاستحقاق الرئاسي، وبرغم الدعوة ـ الإحراج التي قام بها رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى أول جلسة انتخابية الاربعاء المقبل، ينتظر بدوره التشاور الدولي ـ الإقليمي الذي بدأت تطل مؤشراته من أكثر من عاصمة إقليمية ودولية.

ولعل التعويل هذه المرة، وأكثر من أي استحقاق رئاسي مضى، على فتح أبواب الحوار بين طهران والرياض، حتى لا يستمر بالواسطة، عن طرق قنوات دولية أو إقليمية عدة..

وفي هذا الإطار، كشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ”السفير” أنه منذ وصول سفير السعودية الجديد في إيران عبد الرحمن الشهري إلى طهران في منتصف شباط حتى الآن، عقدت سلسلة اجتماعات دورية بينه وبين عدد من المسؤولين الإيرانيين، ناقشت سبل إعادة بناء مناخات جديدة من الثقة بين البلدين وصولا إلى حصول زيارات متبادلة بين المسؤولين السعوديين والإيرانيين.

وقالت المصادر إن كبار المسؤولين الإيرانيين أبلغوا كل من راجعهم بأنهم يرحبون بتعزيز علاقاتهم مع كل دول الخليج ولا سيما السعودية، وأنهم قاموا منذ وصول الرئيس الشيخ حسن روحاني إلى سدة الرئاسة، بإرسال إشارات إيجابية متتالية ورددوا مراراً أن روحاني مستعد لزيارة الرياض.

وتضيف المصادر أنه كان مقرراً أن يقوم نائب وزير الخارجية الايراني مسؤول الملف العربي حسين أمير عبد اللهيان بزيارة الرياض قبل اسابيع عدة، لكن تقرر تأجيل الزيارة لأجل المزيد من التحضير.. ولأسباب داخلية سعودية، علماً أنه زار الكويت والإمارات.

وأشارت الى أنه ستكون هناك زيارة قريبة لأحد كبار المسؤولين في وزارة الخارجية الإيرانية “في إطار خطوات بناء الثقة، على أن تليها زيارة لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الى الرياض”، وأملت “أن يكون لهذا التواصل تأثير إيجابي على مستوى العلاقات الثنائية والأزمة السورية والملف اللبناني”.

وشددت المصادر على أهمية التحضير الجيد لأية زيارة، وعلى وجوب أن يتم الاتفاق مسبقاً على جدول الأعمال والخطوات المستقبلية، لإعادة بناء الثقة وتطوير العلاقات على أسس واضحة وسليمة، وعدم الاكتفاء بالزيارات الشكلية، أو تكرار بعض الأمور التي حصلت سابقاً وأدت إلى انعدام مناخ الثقة بين البلدين.

وأفادت المصادر أن إعادة ترميم البيت الخليجي، وخصوصاً بين قطر والسعودية، يمكن أن تشكل عنصراً إيجابياً في هذا الاتجاه، وقالت إن قطر والكويت تلعبان دوراً إيجابياً على خط العلاقات الإيرانية السعودية، “وهناك أيضاً تحرك روسي لتقريب وجهات النظر بين طهران والرياض”.

وتقول المصادر إن الأميركيين أعطوا إشارة واضحة للسعوديين، خلال زيارة الرئيس باراك أوباما الأخيرة الى السعودية وبعدها، بأن مسار التفاوض حول الاتفاق النووي النهائي بين طهران ومجموعة خمسة + واحد، هو مسار نهائي ولا عودة عنه، وثمة اتفاقية باتت شبه منجزة وستوقع قبل نهاية حزيران المقبل، وعلى السعوديين أن يرتبوا أمورهم، وأن يبادروا الى تطبيع علاقاتهم مع الإيرانيين، لأن ذلك سينعكس إيجاباً على صعيد أكثر من ساحة في المنطقة.

يذكر أن الوزير ظريف كان ينوي زيارة السعودية خلال جولته الخليجية في الصيف الماضي، وحينها طلب موعداً للقاء الملك عبدالله بن عبد العزيز، وكان الجواب السعودي أن اللقاء غير متاح، ولاحقاً نصحته دولة خليجية بأن لا يطلب، لا هو ولا أي مسؤول ايراني، موعداً من الملك، على أن يُترك أمر هذا الترتيب الى لحظة الزيارة نفسها.

وتكشف المصادر أنه بعد زيارة المستشار الرئاسي الفرنسي ايمانويل بون الى واشنطن برفقة السفير ايريك شوفالييه (سفير فرنسا السابق في سوريا) في مطلع نيسان الحالي، تم التفاهم على وضع الأميركيين في أجواء الحوار المفتوح بين الفرنسيين والإيرانيين، خصوصاً وأن ثمة تفاهماً سعودياً ـ أميركياً على تفويض فرنسا إدارة الاستحقاق الرئاسي اللبناني.

ويتعامل الفرنسيون على قاعدة أن المستشار بون هو من يدير الملف الرئاسي اللبناني باسم فرنسا والسعودية والولايات المتحدة، وهو زار لبنان ثلاث مرات في أقل من سنة، كما أن مسؤولا فرنسياً في الخارجية (مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جان فرانسوا جيرو) زار طهران مرتين، كما عقد لقاء في باريس بين مدير الشؤون السياسية في وزارة الخارجية جاك أوديير ونائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون الأوروبية ماجد تخت رافنشي.

ويقول الفرنسيون إنه ليس صحيحاً أنهم خاضوا في أية أسماء، ولكنهم استقبلوا عدداً من المرشحين أو ممثلين عنهم وكانوا في موقع المستمعين، وأنهم فهموا من الأميركيين الأمر نفسه (قال الأميركيون والفرنسيون إنهم لا يفضلون اسماً على آخر).

أما الإيرانيون، تضيف المصادر الواسعة الاطلاع، “فقد أبلغوا جهات دولية وإقليمية أنهم يريدون أن تجري الانتخابات الرئاسية في موعدها لأنها ستؤدي إلى تعزيز الاستقرار الذي بدأنا نشهد فصوله مع ولادة الحكومة الجديدة، كما أن إجراء الانتخابات سيترك تداعيات إقليمية إيجابية، وقد فهمنا من خلال لقاء سفيرنا في بيروت غضنفر ركن أبادي مع العديد من القيادات اللبنانية، وخصوصاً المسيحية، أن تحسين العلاقات الإيرانية ـ السعودية عنصر إيجابي لمصلحة الاستقرار وتفادي الفراغ الرئاسي”..

ويردد السعوديون كلاماً مشابهاً للكلام الإيراني، فهم يريدون للانتخابات الرئاسية أن تجري في موعدها الدستوري، وقد حاول عدد من المرشحين استدراج المملكة لاتخاذ مواقف، فكان أن عبّر بعض المسؤولين عن مواقف شخصية، لكن الموقف النهائي لم يتقرر، اذ أنهم ما يزالون في طور التشاور، سواء على الصعيد الداخلي أو مع جهات معنية بالملف إقليمياً ودولياً.

وعندما سألت شخصية لبنانية الأمير مقرن بن عبد العزيز قبل أيام قليلة بصفته ولياً لولي العهد، عن موقفه من الاستحقاق الرئاسي أجاب بالحرف الواحد: “نحن لا نخوض بالأسماء، فهذه مسؤولية اللبنانيين وكل ما يعنينا هو وصول رئيس ضامن للاستقرار”.

ومن الواضح أن السعوديين ليس بمقدورهم تجاهل إقدام رئيس “القوات” سمير جعجع على ترشيح نفسه للانتخابات، خصوصاً وأنهم استثمروا كثيراً مع حلفائهم الخليجيين لأجل تعزيز دوره وإضعاف خصمه ميشال عون، ولكنهم يواجهون معضلة وجود تخمة مرشحين عند حلفائهم (مسيحيو “14 آذار”)، خصوصاً في ظل قرار الرئيس امين الجميل بإعلان ترشيحه الاثنين المقبل بعد انعقاد المكتب السياسي الكتائبي، فضلا عن وجود مرشحين آخرين.

ومن المتوقع أن يزور السفير الأميركي ديفيد هيل العاصمة السعودية مجدداً للقاء بعض المسؤولين السعوديين، وذلك في ظل همس سعودي عن قرب رفع الملف الرئاسي الى الملك عبد الله بن عبد العزيز.

تدل هذه المعلومات أن الملف الرئاسي ما زال قيد التداول الأولي، وأن ظروفه السياسية لم تنضج، ولذلك يصبح السؤال: هل ان الحوار السعودي الإيراني اذا انطلق قريباً، يمكن أن يؤسس لتسوية إقليمية لم تنضج ظروفها في سوريا ولكنها تبدو في متناول اليد لبنانياً؟

 يجيب عن هذا السؤال قرار “حزب الله” و”المستقبل” غير الحاسم حتى الآن بشأن المشاركة المكتملة في جلسة الثالث والعشرين من نيسان، فهل هما ينتظران حدود التوافقات الممكنة قبل تاريخ الخامس والعشرين من أيار.. وعلى الأرجح بعده؟

 ويفترض أن يجيب عن هذا السؤال أيضاً قرار سعد الحريري بالعودة الى بيروت، وهي عودة مؤجلة حتى إشعار آخر، تقول مصادر واسعة الاطلاع، وتحديداً إلى حين اكتمال التوافق الإقليمي والدولي على شخص الرئيس اللبناني المقبل.