IMLebanon

«السلسلة» يدفنها «وزيرها».. والواردات المنهوبة

«مزاد علني» لمراقبة الامتحانات الرسمية!

«السلسلة» يدفنها «وزيرها».. والواردات المنهوبة

لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم السابع عشر على التوالي…

حتى أن الجلسة الرئاسية السادسة التي طار نصابها كالمعتاد، في انتظار جلسة سابعة في الثامن عشر من حزيران، غاب عن بال الحاضرين فيها والغائبين عنها، على حد سواء، أن لبنان جمهورية بلا رأس.

تقدمت «السلسلة» على الرئاسة، كعنوان وكفرصة للمزايدة السياسية. ذريعة تطيير الرئاسة عدم التوافق.. وذريعة تطيير «السلسلة» أن الدولة لن تنفق ما دامت الواردات غير متوفرة.

أغفلت الطبقة السياسية مسؤوليتها. ألغت السياسة والاقتصاد وحقيقة أن طيبة الشعب اللبناني لا تحجب حقيقة المليارات المهدورة في مغارات حيتان الكهرباء والفيول والأملاك البحرية والمخالفات والشركات العقارية والأرباح المصرفية. في الصناديق على أنواعها. في الالتزامات والمناقصات. في «سوكلين» وأخواتها. في اليانصيب و«اللوتو». في السوق الحرة. في «ايدال». في الكازينو. في الإدارات الموازية أو الإدارة الرديفة. في الحسابات الضائعة وسلف الخزينة غير القانونية والهبات المهدورة أو المفقودة والمدفوعات المجهولة الاتجاه. في الإعفاءات العشوائية والتهرب من الضرائب. في وضع اليد عشوائيا على أملاك الدولة.

صارت الدولة عبارة عن بقرة حلوب. الدولة لا تدفع المستحقات. الضمان يتأخر بالدفع وقطاع المستشفيات يفخخ الفواتير وهكذا دواليك في كل نواحي «المزرعة الجمهورية». يتقدم الأزلام ويحققون ربحية عالية لا يمكن أن يوفرها القطاع الخاص، ويأتي من يبكي ويقول أن إقرار «السلسلة» سيؤدي إلى إفلاس الخزينة وجعل لبنان «دولة فاشلة».

كان يمكن للبعض أن يكون أكثر حنكة. أن «يتاجر» بها «ميثاقيا». أن يتضامن مع بعض حلفائه المسيحيين، فلا يلبي الدعوة إلى التشريع إلا بعد انتخاب رئيس للجمهورية، أقله كما فعل عندما قاطع التشريع في زمن الشغور الحكومي، علما أن المقاطعة في الحالتين غير مفيدة، أقله من زاوية مصالح الناس.

ومن أسف شديد أن بعض حملة لواء «التغيير» كانوا سببا في إشعال فتيل «السلسلة». من زمن من أراد إنصاف جسم قضائي، بـ«نفخ» سلسلته.. بطريقة غير مسبوقة، لتكر سبحة المطالبات في الجامعة اللبنانية ومن ثم القطاع العام بشقيه الإداري والتربوي، مرورا بلجنة نيابية ذهبت بوعودها وأرقامها إلى حيث صارت العودة مستحيلة، وصولا إلى الوزير «السوبرمان» الساعي إلى حرق الوقت والمسافات.. والسياسة بأسلوب «التذاكي المكشوف» والخطاب المتعدد المضمون والاتجاه.. لكأن «المقاولات» صارت ممرا إلزاميا للسياسة وللوصول «من خارج الأصول»، حتى عند «التغييريين»!

ليل أمس، بدا أن المفاوضات لإنقاذ جلسة «السلسلة» اليوم، لامست الحائط المسدود، بعد رفض «المستقبل» إعطاء زيادة ست درجات للمعلمين (194 مليار ليرة) وزيادة سلسلة العسكر (120 ملياراً)، ولو مقسطة، انطلاقاً من أن ذلك سيرفع كلفة السلسلة من 1800 إلى 2150 مليار ليرة.

وقد حاول وزير المال علي حسن خليل ابتداع مخرج من خلال عدد من الاقتراحات، أبرزها زيادة تعرفة الكهرباء على الشطر الذي يفوق 500 ميغاوات إلى 300 ليرة بدلاً من 200 ليرة، وهو ما يؤمن نحو 450 مليار ليرة، تضاف إلى 150 مليار ليرة بدل رفع الضريبة على القيمة المضافة على الكماليات إلى 15 في المئة، أي أن الإيرادات ارتفعت من 1300 مليار ليرة بحسب مشروع اللجنة الفرعية إلى 1900 مليار ليرة.

وبالرغم من التقارب بين الإيرادات وكلفة «السلسلة»، إلا أن «المستقبل» أصر على التطابق بينهما، فاقترح الرئيس نبيه بري حسم 10 في المئة من أرقام «السلسلة» إلا أن «المستقبل» أصر على الرفض.

عند هذا الحد، بلغت المفاوضات الحائط المسدود. واتفقت الكتل النيابية في «14 آذار» على مقاطعة جلسة اليوم، ومعها «كتلة التضامن الوطني» التي تضم الرئيس نجيب ميقاتي والنائب أحمد كرامي.

وفيما حسمت «الكتائب» موقفها باكرا بعدم دستورية الجلسة في ظل الشغور الرئاسي، بررت «القوات» عدم حضورها بعذر تحول المجلس إلى هيئة ناخبة، على حد تعبير سمير جعجع، أما كتلة «المستقبل» فقد أعلنت بلسان رئيسها فؤاد السنيورة أن «السلسلة» ستؤثر سلباً في المالية العامة، مؤكدا «أننا لن نوافق على دفع لبنان نحو الإفلاس».

في المقابل، توافقت «كتلة الوفاء للمقاومة» و«كتلة التنمية والتحرير» و«تكتل التغيير والإصلاح» على المشاركة في جلسة اليوم، ولاقاها إلى منتصف الطريق رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط الذي قرر عدم المشاركة شخصيا، لكنه أوعز إلى أعضاء كتلته بالنزول على قاعدة «اننا لن نصوت في كل الحالات إلى جانب السلسلة، ومن يريد أن يفعل عكس ذلك عليه أن يتحمل مسؤولية النتائج الكارثية لهكذا مغامرة» على حد قول جنبلاط لـ«السفير»، مشيرا إلى أن المسألة عبارة عن مزايدات بمزايدات «لا أكثر ولا أقل».

وإذا صح «البوانتاج» الذي أجري ليل أمس، فان أقصى حد ممكن للحضور لن يتجاوز 63 نائبا.. علما أن نواب كتلة جنبلاط ممن سيحضرون الجلسة، بات مرجحا انسحابهم لتطيير النصاب إذا طرحت «السلسلة» على التصويت في اللحظة الأخيرة.

وبدت معضلة «8 آذار» مضاعفة، إذ إن عددا من نوابها عادة لا يشاركون في جلسات كهذه، من «الأقطاب» إلى «المهاجر الجزيني الدائم» وصولا إلى من يعتبرون زعامتهم أكبر من مقعد نيابي!

وحده وزير التربية الياس بو صعب ظل يقول الشيء وعكسه. فقد أعلن أنه يؤيد مطالب «هيئة التنسيق» ثم دعا الكتل النيابية لعدم إعطاء الأولوية لانعقاد الجلسة، لأن الامتحانات ستجري في موعدها ابتداءً من صباح الخميس المقبل. ولاحقا أعلن أن الأساتذة المتعاقدين في التعليم المهني عرضوا خدماتهم، ثم تبين أنه استعان بمنسقين في «التيار الوطني الحر» لإقناع الأساتذة بالموافقة على المشاركة في المراقبة، مقابل إغراءات مادية ومعنوية.

أما «هيئة التنسيق» فخصصت تحركها أمس، للرد على مواقف بو صعب، وعلى «الخطة غير المسبوقة» بإجراء الامتحانات الرسمية بمساعدة من المتعاقدين، ولجان الأهل في المدارس الخاصة، ومعلمين من المدارس الخاصة، في ظل الرسائل النصية القصيرة التي انتشرت في البلد، وتدعو كل من يرغب في المشاركة في مراقبة الامتحانات للاتصال على رقم معين، لتسجيل اسمه، أو التوجه نحو المنطقة التربوية التي يتبع لها.

وكشف نقيب «المعلمين في المدارس الخاصة» نعمه محفوض أن «سيارة توقفت أمس في ساحة حلبا، ودعا من فيها كل من يحب أن يراقب تسجيل اسمه». وتحدث نقابيون أن بعض المتعاقدين في التعليم المهني، عمدوا إلى حمل لوائح معهم، وجالوا على زملاء لهم لتسجيل أسمائهم. وأكدت مصادر متابعة أن نسبة الذين تسجلوا للمشاركة في المراقبة لم يتجاوز عددهم عشرة في المئة من نسبة المتعاقدين، البالغة نحو 26 ألف متعاقد في التعليم الثانوي والأساسي والمهني.

وليلا، أصدرت «رابطة الأساتذة المتعاقدين في التعليم المهني والتقني» بيانا أهابت فيه «بكل المتعاقدين ألا تأخذهم التهويلات والوعود الوهمية التي أطلقها عليهم وزير التربية»، وأعلنت انها لن تكون خنجرا في ظهر «هيئة التنسيق».

واللافت للانتباه ما صدر أمس عن المفتشية العامة التربوية، من دعوة لـ«أفراد الهيئتين الإدارية والتعليمية في المدارس والثانويات الرسمية، إلى القيام بواجبهم الوطني والوظيفي المتعلق بالامتحانات الرسمية، تحت طائلة الملاحقة القانونية للمتخلفين عن القيام بهذا الواجب».

وقال مصدر تربوي لـ«السفير» إن المقصود بالملاحقة القانونية، هم المدراء والأساتذة والمعلمون، الذين يرفضون التقيد بدعوة وزير التربية، وتبدأ العقوبة من حسم راتب أو تأخير تدرج .