IMLebanon

السنيورة: أنا الحكومة!

على رغم تولّيها صلاحيات رئيس الجمهورية بعد الفراغ الرئاسي، تجد حكومة الرئيس تمّام سلام صعوبة في ملئه بما يمنعها من أداء دورها في عدد من الملفات الرئيسية، أبرزها سلسلة الرتب والرواتب الذي يتولاه نيابة عن رئيسها، «رئيس حكومة الظلّ» فؤاد السنيورة

تغرق حكومة الرئيس تمام سلام في دوامة الخلاف على نقطة إصدار المراسيم والسعي إلى الحفاظ على الحد الأدنى من التوافق داخلها، ما يجعلها غائبة عن أداء دورها الأساسي في عدد من الملفات الحساسة، في مقدّمها ملف سلسلة الرتب والرواتب. تبدو السلطة التنفيذية كأنها اختارت سحب يدها من الملف، مخلّفة وراءها فراغاً يملأه رئيس كتلة تيار المستقبل فؤاد السنيورة، الذي يتولى مناقشة السلسلة بدلاً من رئيس الحكومة.

ويبدي نواب استغرابهم «لغياب الحكومة ورئيسها في موضوع السلسلة»، لافتين الى أن لسلام وحكومته «الحق في طلب إعادة درس مشروع السلسلة من جديد وتعديلها»، لكن حتى «اللجان التي شُكلت لا تأخذ رأي الحكومة في الاعتبار في هذا الأمر». نأي سلام بنفسه عن هذا الملف أفسح في المجال أمام السنيورة لـ«وضع يده» على السلسلة. ويقول نائب بارز إن «السنيورة سلب سلام صلاحيته وألغى دوره ورأيه»، لافتاً الى أن «تولّي رئيس كتلة المستقبل النيابية مناقشة السلسلة لا يلغي ضرورة أن يتحرك بالتشاور مع سلام. إلا أن هذا التشاور لا يحصل إلا لوضع رئيس الحكومة في الصورة ليس إلا، وكأن بالسنيورة يقول أنا الحكومة وأنا من يقرّر عنها». ويشير النائب إلى «أننا بتنا نشعر بأن هناك فراغاً في رئاسة الحكومة». «يكفي الحكومة ما لديها من همّ»، يقول مصدر وزاري من 14 آذار، مبرراً «تقاعس» سلام. وينفي أن «يكون الرئيس السنيورة قد مارس أي نوع من الضغط على رئيس الحكومة لرفع يده عن الموضوع». يُذكّر بأن «الأخير هو من رفض اقتراح عدد من النواب؛ من بينهم جورج عدوان، أن تتولى الحكومة إعادة النظر بالسلسلة، لأنه لا يريد تسلّم كرة النار وحرق أصابعه، ولا سيما أن أزمة السلسلة سابقة لولادة حكومته، ولا يريد الالتهاء بها عن أمور أهمّ».

ولكن، لماذا السنيورة هو من يكون دائماً في الصورة، ولماذا يراجعه سلام في كل شاردة وواردة، وتكون له الكلمة الفصل في النهاية؟ لأنه «رئيس الظل». في «العرف السائد»، منذ أن بسط الرئيس الراحل رفيق الحريري يده على مفاصل الدولة، فإن «أي ملف مالي أو اقتصادي، يعني حتماً السنيورة الذي يعرف خفايا هذه الملفات وتفاصيلها باعتراف الخصوم قبل الحلفاء»، كما أن قدرته على «تفصيل هذا النوع من القضايا لا يملكها سلام»، بحسب وزير سابق معني بمالية الدولة، مضيفاً: «سلام لا يستطيع حمل هذا الثقل مقارنة مع السنيورة الذي يفرض نفسه. والرئيس سلام، في أحسن الأحوال، يطلق موقفاً سياسياً توافقياً يحميه من اشتباك يمكن أن يندلع مع الأطراف السياسية داخل حكومته. وحتى في الاجتماعات التي يعقدها فريق 14 آذار في بيت الوسط، ويشارك فيها سلام لمناقشة أمور الدولة، يظهر السنيورة الآمر الناهي».

في المقابل، تنفي مصادر مقرّبة من سلام كل ما يُحكى عن تقاعس أو تجاهل. فعدم وضع الحكومة يدها على الملف يعود إلى كونه «موجوداً في مجلس النواب، واستعادته ستؤدي إلى تمييعه». وتؤكّد أن «المشروع لا يحتاج إلى إعادة درس، وليس المطلوب أن تسترجعه الحكومة، لأن هذا الأمر ليس في مصلحتها ولا مصلحة أصحاب الحقوق». رغم ذلك، تشدد المصادر على أن الحكومة «على اطلاع دائم على كل التفاصيل التي تصل إليها عبر اللجان، وهي تعطي رأيها عبر الوزير علي حسن خليل». الحكومة «تعرف ماذا تفعل»، و«لا تقبل تنظيراً من أحد» كما يقول المصدر. فمن يدرك تفاصيل الملف «يعلم أن عودة السلسلة إلى الحكومة تعني عودة الملف بأكمله إلى النقطة الصفر، وهذا أمر غير منطقي لأن عدداً كبيراً من بنودها تمّ التوافق حوله، والكرة في ملعب النواب».