IMLebanon

السيسي ومحاولات إعادة الدور المصري الى الريادة

ليس غريباً أن تكون روسيا المحطّة الخارجية الأولى لزيارات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خارج الخريطة العربية، ولا سيما أنّ الرجل قد وضع أُسساً متينة للعلاقات مع القيادة الروسية في زيارته السابقة خلال تولّيه وزارة الدفاع.

زيارة السيسي جاءت بعد ستة أشهر من حصوله على مباركة الكرملين في إنتخابات الرئاسة المصرية، الأمر الذي رأت فيه موسكو حينها بدايةً جديدة لضخّ دم جديد في العلاقات بين البلدين بعد أن تراجعت بشكل لافت وعلى كلّ المستويات خلال العقدين الماضيين.

جاء الرئيس المصري بعد أن تناول بشكل مسهب مع العاهل السعودي الملك عبدلله بن عبد العزيز ملفات المنطقة الساخنة، وفي مقدّمتها الأزمة العراقية والسورية والليبية والفلسطينية، ما يعني أنّ السيسي أتى الى سوتشي بحسب مراقبين وفي جعبته تصوّر واضح لرؤية ما يسمى محور الاعتدال حول إمكانية ترتيب البيت العربي بالتعاون مع موسكو، وذلك بعد أن أدرك المحور المذكور أنّ إزدواجية المعايير في السياسة الأميركية لم ولن تاتي بنتائج إيجابية.

وهذا ما عبّر عنه السيسي صراحة في إعلانه أنّه تعمّد أن تكون روسيا المحطة الأولى لزياراته الخارجية، في رسالة مفادها أنّ عصر القطب الواحد لم يعد موجوداً في قاموس السياسة المصرية.

بعيداً من التصريحات الرسمية التي رافقت وتلت لقاء الرئيسين بوتين والسيسي، والتي لم تخرج عن الإطار المتعارَف عليه فيما يتعلّق ببرامج التعاون في مختلف المجالات، باستثناء تأكيد بوتين دعم بلاده لمصر في حربها على الإرهاب، فإنّ زيارته لم تأتِ للتوقيع على صفقات أسلحة مع الروس بمليارات من الدولارات، كان قد أتّفق عليها خلال الزيارات المتبادَلة بين الطرفين خلال الأشهر الماضية، بل إنّ زيارته هذه تحمل في مضمونها أهدافاً سياسيةً قبل كلّ شيء.

إذ إنّها تنطلق من الرهان على تفعيل الحضور الروسي في المنطقة من البوابة المصرية، بعد تراجع الدور الاميركي في دول المنطقة بشكل عام، ولا سيما بعدما شعر السيسي بالدفء في روسيا في زيارته الاولى على الرغم من برودة مناخها، وذلك بعد أن أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعمه لترشح المشير للرئاسة في بلاد الكنانة، في الوقت الذي رفضت الإدارة الأميركية وحلفاؤها في القارة العجوز إقصاء الرئيس محمد مرسي عن السلطة، وامتنعت عن الاعتراف بالنظام المصري الجديد وخفضت مساعدتها العسكرية لمصر. الامر الذي دفع بالسيسي حينها الى البحث عن مصادر بديلة لتطوير القوّات المسلحة المصرية، فكانت موسكو الحضن الدافىء له في تلك المرحلة العصيبة.

مصادر سياسية روسية متابعة لزيارة الرئيس المصري تشير الى تطابق مواقف البلدين في ما يخصّ تسوية مختلف الأزمات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك في مسائل ضرورة وقف العنف في قطاع غزة وتسوية الوضع في ليبيا وسورية والعراق، بالإضافة إلى مكافحة الإرهاب الدولي.

وتؤكّد المصادر أنّ بوتين والسيسي إتفقا على التنسيق فيما يتعلّق بمواقف البلدين في المحافل الدولية، معتبرةً أنّ ذلك قد يساهم في التخفيف من الإحتقان السياسي الحاصل في منطقة الشرق الاوسط، ومن شأنه أن يساعد في إنجاح محاولات ايجاد حلول سياسية للأزمات العراقية والسورية والفلسطينية، على إعتبار أنّ القاهرة قادرة على ايجاد خيوط تواصل بين الأطراف المتنازعة هناك إنطلاقاً من قدرتها على التأثير في العالم العربي والمنطقة بشكل عام. وتعتبر المصادر أنّ نجاح السيسي في إعادة الدور المصري الى الريادة في المنطقة، يعني عودة التوازن السياسي والأمني الذي كان سائداً في المنطقة.