حدَثان مسيحيّان بارزان يستأثران بكلّ الجوّ السياسي في لبنان: الحدث الأوّل الانتخابات الرئاسية التي دخلت في حال من الجمود مع بدء العدّ العكسي لانتهاء ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، والتي من المتوقّع استمرارها ما لم يدخل المجتمع الدولي بقوّة على خط هذا الاستحقاق، وقد لفتَ عشيّة جلسة الغد التي يرجَّح تأجيلها لغياب النصاب ما قاله نائب الأمين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم الذي دعا إلى «التوافق على الرئيس، لأن لا إمكانية ميثاقية وقانونية وعملية لانتخاب رئيس من دون هذا التوافق». وأمّا الحدث الثاني فيتمثّل بالزيارة المرتقبة للبطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي إلى الأراضي المقدّسة ضمن الوفد المرافق للبابا فرنسيس، والتي تتعرّض لانتقادات يقابلها توضيحات من دون أيّ تراجع عن الزيارة. وعلى خط الأزمة السورية برز ما أعلنه المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا دانييل روبنستين مع بدء وفد الإئتلاف السوري المعارض برئاسة أحمد الجربا زيارةً إلى العاصمة الأميركية: إعتبار مكاتب المعارضة السوريّة في الولايات المتحدة بعثاتٍ أجنبية. وتقديم مزيد من المساعدات للمعارضة لتغيير الواقع على الأرض من أجل زيادة إمكانية مشاركة النظام في حوار مفيد ومخلص، حيث لفتَ إلى أنّ هناك وعياً في واشنطن لأهمّية تغيير الواقع على الأرض، وقال: نحن ملتزمون كلّ الإلتزام لإحراز هذا التقدّم.
لفحَت ألسِنةُ لهبِ حريق بطشاي محيط قصر بعبدا، فانضمّ رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون فجأةً إلى نادي الغائبين عن جلسة الحوار الوداعية، ليرتفع عددهم الى ثمانية، على رغم تصميم رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان أن يختم عهده الذي ينتهي بعد نحو 19 يوماً بجلسة حوار بدت أشبه بجلسة وداع، فودّعه رئيس «اللقاء الديمواقراطي» النائب وليد جنبلاط على طريقته، فاعتبر أنّ سليمان نجح بالبقاء رئيساً للجميع من دون انحياز، وأنّ التاريخ سينصفه لإنجازاته».
وفي حين لم يأتِ البيان الختامي لجلسة الحوار على تحديد أيّ موعد جديد للحوار، أكّد مجدّداً «أهمّية استمرار عمل هيئة الحوار كسبيل لتلافي النزاعات وضرورة ترسيخ منطق الحوار»، ودعا إلى «مواصلة البحث للتوافق على استراتيجية دفاعية»، وشدّد على «أهمية تطبيق اتفاق الطائف واحترام الاستحقاقات الدستورية».
وأكّد أحد المشاركين في الحوار لـ»الجمهورية» أنّ الجلسة كانت لطيفة، وأنّ الحاضرين تناوبوا على مدح سليمان والإشادة بجهوده، وكان لافتاً ما أثاره رئيس مجلس النواب نبيه بري خلالها، إذ قال: «سمعتُ في الأمس كلام فخامة رئيس الجمهورية الذي يحذّر فيه من المثالثة ومن مؤتمر تأسيسي. وإنّي، باسم اللبنانيين عموماً وباسم المسلمين خصوصاً، أؤكّد أنّنا مع المناصفة وضدّ أيّ شكل من أشكال تغيير هذه المناصفة، ولا نرضى إلّا أن يكون للمسيحيين نصف المشاركة».
جلسة الانتخاب
إلى ذلك، تنعقد جلسة الانتخاب غداً من دون أيّ تغييرعن سابقتها، في ضوء غياب أيّ جديد داخليّ وخارجي على خط الانتخابات الرئاسية.
عسيري وزاسبكين
وعشيّة الجلسة، زار السفير السعودي علي العواض عسيري قصر بعبدا، وعرض مع سليمان العلاقات الثنائية والوضع العربي، في حين استبعدَ السفير الروسي ألكسندر زاسبكين أن ينتهي التشاور الداخلي في شأن الاستحقاق الرئاسي قبل 25 أيار، وقال بعد زيارته وزير العمل سجعان قزي: «إنّ المجتمع الدولي له دور في الاستحقاق الرئاسي اللبناني في مجال تنقية الأجواء العامّة من دون التدخّل في التفاصيل». وأكّد أنّ «علينا فقط ان نشجّع جميع الأطراف لإيجاد القواسم المشتركة».
مبادرة كتائبية إنقاذية
وخلافاً لما ذُكر، لم يعلن رئيس حزب الكتائب اللبنانية أمين الجميّل ترشّحه للرئاسة، وهو حذّرَ أمس من الفراغ الرئاسي، مُعلناً أنّه سيقوم بـ»سلسلة اتصالات بدءاً من الغد (اليوم)، وسيلتقي قيادات من كلّ الإصطفافات، للبحث في سُبل الخروج من هذا المأزق وإنقاذ الاستحقاق الرئاسي»، وقال: «إنّ الكتائب «سترفع شعار إنقاذ الجمهورية وتدافع عنه من خلال إنقاذ الانتخابات الرئاسية».
وعلمت «الجمهورية» أنّ الجميّل سيبدأ اليوم تحرّكه بزيارة الأقطاب المسيحيّين الثلاثة الآخرين: عون ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية.
باسيل
ومن برلين دعا وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل إلى إجراء الاستحقاق الرئاسي في موعده للحفاظ على وحدة لبنان، معتبراً أنّ عدم احترام إرادة المسيحيّين في استحقاق هم معنيّون به في المقام الاوّل، يُسقط موقع الرئاسة ومعه لبنان.
«التيار الوطني الحر»
توازياً، جدّدت مصادر بارزة في «التيار الوطني الحر» لـ»الجمهورية» تأكيدها أنّ رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون لم يترشّح بعد لأنه لا يريد قطعَ الطريق أمام أيّ أحد، ولا يريد أن يكون مرشّح محرقة ولا أن يرشّح نفسه فقط للترشيح، بل أن يأتي رئيساً.
وإذ أكّدت المصادر أنّ المفاوضات بين «التكتّل» وتيار «المستقبل» مستمرّة ولم تتوقّف، أوضحَت أن لا شيء نهائياً ومحسوماً حتى الآن بعد. وأشارت إلى أنّ نصاب جلسة الانتخاب اليوم لن يكتمل مع استمرار غياب التوافق على مرشّح رئاسي.
من جهة ثانية، توقّفت المصادر عند الهجوم الذي شنَّته النائب ستريدا جعجع على عون ووصفِها إياه بأنّه ليس سيّد قراره، ورهَنَ نفسه للإيرانيين، وتيّاره تابع لـ»حزب الله»، وقالت هذه المصادر لـ»الجمهورية»: «هل تعتبر السيّدة جعجع أنّ العماد عون عندما استقبلها في الرابية أخذ أوامر من إيران؟ وهل إنّ تيار «المستقبل» وحزب الكتائب وقوى 14 آذار الذين شاركوا في الحكومة الحاليّة على غرار ما تألفت، أخذوا إذناً إيرانياً؟ وهل استأذنَت «القوات» إيران، عندما رفضَت استقبال وفد الـ»تكتّل «؟
وأضافت المصادر: «لا نستطيع أن نستمرّ على هذا المنوال، فالكلام الديماغوجي والشعبوي الذي لن يوصل الى أيّ مكان، لم يعُد يؤثّر في الرأي العام أوّلاً، ونعتقد أنّ على «القوات» أن تجلس مع نفسها وتهدّئ أعصابها، لأنّه إذا كان هناك فعلاً من ذرّة أمل لدى رئيسها سمير جعجع في الوصول الى سدّة الرئاسة فإنّه يحتاج الى الجميع لكي ينتخبوه.
«حزب الله»
في غضون ذلك، جدّد «حزب الله» مطالبته برئيس جمهورية يحفظ المقاومة، فدعا نائب الامين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم الى «التوافق على الرئيس لأن لا إمكانية ميثاقية وقانونية وعملية لانتخاب رئيس من دون هذا التوافق»، ورأى «أنّ الرئيس العاجز الذي لا طعم له ولا لون ومن دون موقف لا ينفع لبنان، وكلّ من يدعو له فإنّه يخطئ خطأً كبيراً، لأنّ هذا الرئيس لا يكون قادراً على إدارة البلد، ونحن نريد رئيساً يستثمر قوّة لبنان بجيشه وشعبه ومقاومته».
وقال رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد: «لا نريد رئيساً يساوم ويمارس حفظه للسيادة بحسب البورصة الدولية والاقليمية، بل نريد رئيساً يحمي المقاومة ويتبنّى خيارها»، واعتبر أنّ من يعطّل الانتخابات «هو الذي استفزّ اللبنانيين وطرح مشروعاً معادياً لخيارهم الوطني، ولن يكون رئيس للجمهورية في البلاد إلّا إذا كان على وفاق ووئام مع شعب المقاومة وخيارها». من جهته، أكّد مسؤول العلاقات الدولية في الحزب السيّد عمّار الموسوي» أنّه لا يمكن، بل يستحيل، أن يكون هناك رئيس عدوّ للمقاومة أو غير مؤمن بها، أو قد يكون متآمراً عليها، وقال إنّ الحزب» يسير خلف حليفه الذي يمثّل الشريحة الأكبر من المسيحيّين».
حرب في معراب
وفي إطار التشاور على خط 14 آذار، زار وزير الاتصالات بطرس حرب معراب أمس، مُعلناً أنّ 14 آذارعلى كامل تنسيق وتشاور لخوض معركة الرئاسة من أجل النجاح فيها، معتبراً أنّ «من حقّ الجميّل وجعجع الترشّح، ولكن لا يحق لأحد الترشّح في معزل عن الجوّ العام لقوى 14 آذار، وإلّا سنكون محكومين بخسارة المعركة».
سلسلة الرتب
وعلى خط سلسلة الرتب والرواتب، تسلّمت «هيئة التنسيق النقابية» نسخةً من التقرير النهائي الذي أعدّته اللجنة النيابية حول مشروع السلسلة، ورفعته الى رئيس مجلس النواب نبيه بري. وأعطِيت الهيئة مهلة 24 ساعة لدراسة مضمون التقرير وإبداء الرأي. ومن خلال ردّة الفعل الأوّلية بدت هيئة التنسيق مصدومة بالنقاط الجديدة التي تضمّنها الاقتراح والذي ينسف السلسلة من أساسها وفق تعبير أحد النقابيين.
وفي معلومات لـ»الجمهورية» أنّ برّي سيدعو إلى جلسة للهيئة العامة يوم الجمعة المقبل لمناقشة مشروع السلسلة وإقراره.
وبحسب المعطيات، تضمّن التقرير المرفوع إلى مجلس النواب خفضَ كلفة السلسلة من 2400 مليار ليرة إلى 1800 مليار، إلغاء اقتراح تقسيطها وإلغاء المفعول الرجعي مع إمكانية تمويلها اعتباراً من 1/7/2014 في ظلّ مشروع متكامل مع إصلاحات، عدم إقرار الضريبة على التوظيفات المصرفية، لكنّها أبقت على اقتراح زيادة الضريبة على ربح الفوائد من 5 إلى 7 في المئة، إلغاء الدرجات السِتّ الاستثنائية للمعلمين وإعطاء 5 درجات لموظّفي القطاع العام مع زيادة الرواتب بين 20 و25 في المئة.
وتقترح اللجنة زيادة دوام العمل لموظفي القطاع العام إلى الثالثة والنصف يوميّاً باستثناء يوم الجمعة إلى الحادية عشرة مع إلغاء العمل يوم السبت. كذلك أبقَت اللجنة على وحدة التشريع للتعليم العام والخاص.
وتعقيباً على مضمون تقرير اللجنة النيابية، قال أمين عام المدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار لـ»الجمهورية» إنّ هذه المقرّرات ترحم المدارس وأهالي الطلاب. وإذ أكّد أنّ هناك زيادة على الأقساط المدرسية، أشار الى أنّه «لا يمكن الآن إعطاء رقم على هذه الزيادة المتوقّعة، لأننا لم نحتسبها بعد، كما لم نطّلع على كامل بنود تقرير اللجنة النيابية المكلّفة إعداد السلسلة».
زيارة البابا
وفي سياق التحضيرات لزيارة البابا فرنسيس، أكّد الناطق الرسمي باسم الكنيسة الكاثوليكية خلال الزيارة البابوية إلى الأردن الأب رفعت بدر، أنّ «أهمّية زيارة البابا فرنسيس إلى المملكة الاردنية الهاشمية تكمن في أنّها أوّل زيارة من اختياره لبلد شرق أوسطي.
فهذه الزيارة في اللغة الرسمية الفاتيكانية هي زيارة حجّ واحدة للأرض المقدّسة، ومن بينها الأردن الذي يحتوي العديد من المواقع الدينية الهامّة عالميا».
وأشار بدر في حديث لـ»الجمهورية»، إلى أنّ «الاردن يمثّل الكثير بالنسبة للبابا، فهو بلد مفتوح الابواب أمام الجميع. وقد أشاد البابا القدّيس يوحنا بولس الثاني عام 2000 بحُسن الضيافة والانفتاح اللذين يتمتّع بهما المجتمع الاردني. وفي الواقع إنّ هذه ضريبة المحبّة التي يدفعها الأردن باستضافة العديد من الأخوة والأشقّاء المنكوبين، وبخاصةٍ من العراق وسوريا، لكي تبين الصورة الاصيلة لهذا البلد الذي يأتيه البابا فرنسيس ليلتقي بفئات المجتمع كافة، فهنالك لقاءات رسمية مع الملك عبدالله الثاني والرسميّين، وهنالك لقاء مع الكنيسة المسيحية الحيّة من خلال القدّاس الأوّل الذي يرأسه البابا في الأردن والشرق الاوسط. وهنالك لقاء خاص وحميم مع الفئة المتألّمة «.