«المستقبل» اللبناني ينتظر توافق حليفيه.. وحزب الله يشترط رئيسا مدافعا عن «المقاومة»
«14 آذار» يؤكد مشاركته بالانتخابات بموقف موحد.. وجنبلاط «يختار في الدقيقة الأخيرة»
بيروت: كارولين عاكوم
تنشط الاتصالات السياسية في لبنان على أكثر من خط بين الأفرقاء، الحلفاء منهم والخصوم، بشأن الانتخابات الرئاسية التي تفتتح جلساتها الأربعاء المقبل، قبل انتهاء ولاية الرئيس الحالي ميشال سليمان في 25 مايو (أيار) المقبل.
ورغم أن «صورة» الرئيس المقبل ضبابية في ظل غياب التوافق، واستبعاد حصول الانتخابات الأسبوع المقبل، يمكن القول إن فريق «8 آذار» حسم تقريبا هوية مرشحه لصالح رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، رغم عدم إعلانه ترشيحه رسميا إلى الآن، بينما تتكثف الجهود في أوساط الحلفاء في فريق «14 آذار»، في ظل تعدد المرشحين. وأتت عطلة عيد الفصح في لبنان لتعطي دفعا لهذه المشاورات، ولا سيما بعد إعلان رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع ترشحه، وتوقع إعلان رئيس حزب الكتائب الرئيس السابق أمين الجميل ترشحه أيضا في الساعات المقبلة، بينما لم يعلن حليفهما الرئيس «تيار المستقبل» موقفه النهائي بهذا الشأن، علما أن معلومات أشارت إلى أن القرار النهائي لـ«تيار المستقبل» يتوقف على نتائج المباحثات بين الحليفين المسيحيين المتنافسين (القوات والكتائب).
وفي حين حدد رئيس كتلة حزب الله النيابية محمد رعد، أمس، مواصفات المرشح للرئاسة بأن يكون حافظا لخيار المقاومة ومدافعا عنه، بينما من المنتظر أن يعلن تكتل «التغيير والإصلاح» الثلاثاء المقبل، في اجتماعه الدوري، موقفه النهائي بشأن ترشيح عون وحضوره جلسة الانتخاب، أكد النائب في كتلة القوات اللبنانية أنطوان زهرا، أن قوى «14 آذار» ستذهب مجتمعة وبموقف موحد إلى جلسة الانتخاب الأولى الأربعاء. وأوضح في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «نية التوصل إلى مرشح توافقي موجودة لدى هذا الفريق والمشاورات بين كل أطرافه مستمرة، بما في ذلك، حزب الكتائب اللبنانية». ورفض زهرا التعليق سلبا أو إيجابا على المعلومات التي أشارت إلى تبني رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري ترشيح جعجع، مكتفيا بالقول إن «الأجواء مع تيار المستقبل إيجابية جدا». وعد زهرا أن ترشيح الجميل لا يعني انقساما في فريق «14 آذار»، قائلا: «ترشيحه، ليس لمواجهة جعجع بل ينطلق، وفق ما يقول الكتائب، من أنه يستطيع استقطاب مؤيدين من خارج (14 آذار)»، ونفى أن يكون تعدد أسماء المرشحين من الفريق نفسه، من شأنه أن ينعكس سلبا على حظوظ الجميع، مضيفا: «لا أظن ذلك، لأنهم ليسوا مرشحين في مواجهة بعضهم، وهم سيخوضون التصفيات الأولية وفي النهاية سيبقى من يتوافق عليه».
من جهته، قال النائب في تيار المستقبل، جمال الجراح، إن تعدد المرشحين في صفوف فريق «14 آذار»، ليس إشارة سلبية بل على العكس من ذلك، مؤكدا في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن المباحثات بين الحلفاء لم تتوقف وأن «14 آذار» سيخوض المعركة الانتخابية بمرشح توافقي واحد. وعما إذا كان قرار «المستقبل» لجهة دعم جعجع أو الجميل يتوقف على ما ستتوصل إليه مباحثات الكتائب – القوات، قال الجراح إن «الاتصالات شاملة ضمن الفريق الواحد وكذلك بين الحليفين المسيحيين، والأجواء إلى اليوم إيجابية وأنا واثق أننا سنصل إلى التوافق في الأيام القليلة المقبلة». كذلك توقع النائب في «المستقبل» سمير الجسر مشاركة رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري الموجود خارج لبنان منذ عام 2011. واستبعد الجسر أن تشهد الجلسة الأولى انتخاب أي رئيس لأن العملية تستوجب أصوات ثلثي أعضاء المجلس وهذا غير موجود لأي مرشح سواء من قوى «8 آذار» أو «14 آذار».
في المقابل، أعلن النائب وليد جنبلاط أنه سيعلن عن موقفه النهائي في الدقيقة الأخيرة، وقال في حديث لمجلة «الأسبوع العربي» إنه «سيكون لنا في المجلس النيابي خيار انتخاب من هو الأفضل في المرحلة الحالية. وكذلك لنا خيار الامتناع».
ورأى جنبلاط أن «هذه أول مرة نحن متروكون لأنفسنا، أي أن قرار انتخاب رئيس يعود في جزء كبير منه إلى اللبنانيين، باعتبار أن العالم العربي غارق في فوضى عارمة فهناك دائما عامل خارجي يدخل على الخط، ولكن في الاستحقاق الحالي فالعامل الداخلي هو المسيطر».
وعن ترشح جعجع رسميا، وترشح عون «شبه الرسمي»، والترشيحات المحتملة الأخرى، قال جنبلاط: «أختار في الدقيقة الأخيرة بعد التشاور مع ضميري ومع شركائي. أتشاور أولا مع رئيس مجلس النواب بري ومع (تيار المستقبل) وجهات أخرى. لن أعلن شيئا حول هذا الموضوع وأفضل أن يكون هناك مرشحون علنيون وبرامج خصوصا اجتماعية – اقتصادية. سواء كان هناك ترشيح أو لا. لا يمكنني أن أصوت لشبح».
وينقسم البرلمان اللبناني بشكل شبه متساو بين فريقي «14 آذار» و«8 آذار»، وبينهما كتلة وسطية مؤلفة من 11 نائبا في «جبهة النضال الوطني» التي يرأسها النائب وليد جنبلاط، بالإضافة إلى ثلاثة نواب عن طرابلس هم الرئيس السابق للحكومة نجيب ميقاتي وحليفه النائب أحمد كرامي والوزير السابق محمد الصفدي.
في المقابل، رأى رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد أنه لا يمكن الاتفاق على رئيس ما لم يحصل التوافق على تسوية، محذرا من مغامرات غير محسوبة.
ورأى في كلمة له في احتفال تأبيني في بلدة حومين الفوقا في الجنوب أن «بعض الترشيحات ممن ليس أهلا لها قد يعوق إجراء هذا الاستحقاق، فالبلد لا يتحمل مشكلة وتصادما بين خيارين وطنيين والوقت لا يتسع لتسوية سياسية كبيرة حول هذين الخيارين»، آملا أن «يجري الاستحقاق الرئاسي في موعده الدستوري». وقال رعد إن «المرشح الذي نريده هو الذي يكون حافظا لخيار المقاومة ومدافعا عنه وحريصا على وحدة اللبنانيين وما يتوافقون عليه لتسيير أمورهم الداخلية، أما بالنسبة للمسائل الوطنية الكبرى فإن الخروج عن خيار المقاومة إلى أي خيار آخر هو خيار يهدد السيادة الوطنية ويضع البلاد على شفير هاوية جديدة، لذلك نحن ننصح بأن يتعقل المعنيون بهذا الاستحقاق فلا يعملون على مغامرات غير محسوبة، والمطلوب هو أن نعبر ببلدنا إلى شاطئ حفظ سيادته في مرحلة تعصف بالسيادات الكيانية في منطقتنا».