توحشُن ذلك الذي تلثّم وفصل رأس الصحافي الأميركي جيمس فولي هو صورة عن ثقافة مريضة. أمثاله – وما أكثرهم – لا ينتمون الى البشر ولا حتى الى ما يمكن تدجينه. يشكلون خلايا سرطانية تتفشى في جسد الإسلام في العالم العربي. يا ليت العرب يتقدمون بما هو عملي للمساهمة في الجهود الدولية، قريباً عبر مجلس الأمن للأمم المتحدة، لاستئصال الداء الأخطر على الإنسانية في القرن الحادي والعشرين.
قتل جيمس فولي جريمة موصوفة ترتكب كل يوم بحق الصحافيين والإعلاميين في ذلك الجزء المظلم من العالم. ترمز الى الوحشية المفرطة لمجاهدي “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش) و”جبهة النصرة” و”القاعدة” وغيرها من الجماعات الإسلامية التي تؤوي المفترسين والمتعطشين الى الدماء المقيمين في المنطقة والوافدين من كل أصقاع الأرض. تكفيريون يجمعهم الإيمان بالتطهير الديني والمذهبي. بذل صحافيون حياتهم ليخبروا الرأي العام بما يجري. حمل أكثرهم مظالم الناس وتطلعاتهم في مجتمعات فقيرة ومظلومة وجريحة وتداس الكرامات فيها. جاء بعضهم من قيم تحرم ليس فقط التمثيل بالقتلى، بل أيضاً نقل هذه الصور المقززة والمثيرة للإشمئزاز. فإذا بهؤلاء الإسلاميين الظلاميين يفتكون بالصحافيين أيضاً، تارة بتهمة أنهم “جواسيس” وطوراً لأنهم ينتمون الى جنسيات معينة أو لأن لديهم أفكاراً مختلفة. ما هي التهمة التي قتل من أجلها جيمس فولي؟ لماذا يقتل هذا العدد من الصحافيين في البلدان التي يتبختر فيها المجاهدون الإسلاميون؟ كيف يمكن العيش مع من يعتقدون أنهم أولياء الله والناطقون باسمه في هذه الدنيا؟ وحشية الإسلاميين لا تعطي شهادة “حسن سلوك” لأي من أنظمة الاستبداد في الشرق الأوسط. فعلامات الاضطهاد للناس وللصحافة – بوسائل مختلفة ومبتكرة أحياناً – لا تمحي كيفما التفت. لا تزال ظاهرة علامات القهر عبر السنين في كل الدول العربية.
تذكر الصور المأسوية لقتل جيمس فولي بالأخطار المتزايدة التي يواجهها الصحافيون كل يوم في سوريا وفي العراق. يدل الى وحشية “الدولة الإسلامية” المسؤولة عن آلاف الانتهاكات في حق الشعبين السوري والعراقي. تهدد هذه الأخطار اللبنانيين أيضاً. يمتد هذا الخطر الى مصر وليبيا واليمن. لذلك يبدو أن مجلس الأمن لن يكتفي على الأرجح بأن يطالب بمحاسبة المسؤولين عن قتل جيمس فولي وتقديم مرتكبي هذه الأفعال الإرهابية الى العدالة. بدأ العمل الجدي من أجل الزام كل الدول، وفقا للقانون الدولي والقرارات الدولية ذات الصلة، بالتعاون الفعلي ليس فقط من أجل تحقيق هذا الهدف، بل أيضاً من أجل العمل الجدي على هزيمة الدولة الإسلامية” و”جبهة النصرة” وغيرهما من الجماعات التي تشيع التعصب والكراهية. هذه المواجهة تتطلب خبرات وقدرات على المستويات المحلية والدولية، وقد تطول عشرات السنين.
الإسلاميون المتطرفون يحولون الشريعة الإسلامية شريعة غاب. هذا الخطر أكبر على العرب والمسلمين منه على أي مجتمعات ودول أخرى.