IMLebanon

الشغور الرئاسي يهدد الحكومة بالخطاب الطائفي

الشغور الرئاسي يهدد الحكومة بالخطاب الطائفي

عون والحريري.. من الرئاسة إلى النيابة؟

لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم السابع على التوالي.

الكل يترقب عدّاد الانتظار.. ولا مبادرات في المدى المنظور، سواء من الداخل أو الخارج.

فالحوار السياسي ـ الرئاسي، الذي “ملأ الدنيا وشغل الناس”، بين العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري، ما زال معلقاً وقد يتغير جدول أعماله في أية لحظة، وفي الوقت نفسه، يمضي الرئيس نبيه بري في إجازته الأوروبية الخاصة، فيما تمكن رئيس الحكومة تمام سلام من اجتياز اختبار جمع حكومته في السرايا الحكومية، في أولى جلسات “موسم الشـغور الرئاسي”، لكن نتيجتها كانت إقرار جميع الحاضرين بعجزهم على التوافق حول من يحق له دستورياً دعوة الحكومة للانعقاد وبالتالي تحديد جدول أعمالها، في انتظار جلسة جديدة تقرر موعدها الثلاثاء ومعها جولة جديدة من الارتجال الدستوري، في غياب المرجعية الحاسمة في هذا الاتجاه أو ذاك.

وها هو النائب وليد جنبلاط يستعد لزيارة باريسية قريبة، يلتقي خلالها الرئيس الحريري، محاولاً التأكد من مدى صلاحية جسوره الوسطية، بعدما كادت تطيح بها “المعادلة الثلاثية” التي أطلقها “جنرال الرابية”، وفي الوقت نفسه، محاولة التدقيق بما تناهى إليه من معطيات حول نية “المستقبل” تمديد حواره مع “العونيين” لكن هذه المرة ليس في اتجاه قصر بعبدا، بل على طريق الانتخابات النيابية أولا، حيث لن يجد الطرفان بداية أفضل من محاولة رسم تفاهم انتخابي في دائرتي الشوف وعاليه!

أما “حزب الله”، فقد التزم “عقيدة الصمت” رئاسياً، تاركاً لحليفه الماروني أن يذهب حيث يشاء، للفوز بـ”الترشيح التوافقي”، وكأنه بذلك يرد على منطق ما، روّجت وتروّج له “14 آذار”، بأن الحزب ومعظم “قوى 8 آذار” ليسوا أصحاب مصلحة في وصول “الجنرال” إلى قصر بعبدا…

في ظل هذا المشهد المتناقض المستند فقط الى ما يمكن أن ينتجه حوار الرابية ـ باريس، إلى أين يمكن أن تؤول الأمور؟

الواضح أن مصالح اللبنانيين كمواطنين ليست أولوية في “أجندات” الطبقة السياسية، وإلا لكان الكل قد قارب المسائل السياسية والدستورية بنظرة مختلفة، وخير دليل هو تطيير سلسلة الرتب والرواتب.. ومن بعدها الامتحانات الرسمية التي باتت مهددة، بعد قرار “هيئة التنسيق النقابية” بمقاطعتها تكليفاً وأسئلة وحضوراً وتصحيحاً ونتائج، الأمر الذي يعني أن عشرات آلاف الطلاب اللبنانيين باتوا مهددين بمستقبلهم إذا لم يبادر مجلس النواب إلى استدراك الموقف، ناهيك عن قطاعات اجتماعية أخرى لها مطالبها، وأبرزها الأساتذة المتعاقدون مع الجامعة اللبنانية.

غير أن المقلق أكثر من هذا وذاك، هو واقع أن الفراغ الرئاسي، إذا طال، قد يستدرج استنفاراً غير مسبوق من شرائح مسيحية وازنة، أطلت تباشيره من جلسة مجلس الوزراء، وخصوصاً عبر “مطالعات” وزراء “تكتل التغيير”، بعناوين ميثاقية، لتستدرج سريعاً ردود فعل من جانب عدد من الوزراء أبرزهم وزير الصحة وائل ابو فاعور الذي حذر من أن استمرار الارتجال والمزايدات بات يشكل تهديداً لاتفاق الطائف، فيما حذر وزير الداخلية نهاد المشنوق من إضعاف مجلس الوزراء الذي يجب أن ينطلق بكامل صلاحياته وليس فقط التصدي لأمور استثنائية “لأن هذا الإضعاف هو إضعاف للجمهورية وليس لموقع رئيس الجمهورية”.

أما الرئيس سلام، فقد بدا خطابه في جلسة الأمس، مختلفاً الى حد ما، مع ما كان قد أعلنه عبر “السفير”، أمس، اذ حاول تدوير الزوايا، ولو أنه رفض أية محاولة للمسّ بصلاحياته في ما خص دعوة مجلس الوزراء ووضع جدول أعماله، داعياً بالتالي الى ممارسة الحكومة صلاحيتها وكالة عن رئيس الجمهورية “بكثير من العناية والتبصر”.

ويستدل من هذا النوع من النقاش وما يمكن أن تشهده الجلسة المقبلة، أو ما يرافقها أو يليها عبر المنابر، على بداية تبلور خطاب سياسي ـ إعلامي غير سليم، بعناوين دستورية من نوع صلاحية مؤسسة مجلس الوزراء على تنصيب نفسها مجتمعة بديلا مؤقتاً لرئاسة الجمهورية المفقودة، من دون إغفال حقيقة الشلل الذي أصاب مؤسسة مجلس النواب منذ تاريخ الخامس عشر من أيار الماضي.. وحتى إشــعار مفتوح.

وقالت مصادر وزارية لـ”السفير” إن قضية توقيع المراسيم استغرقت نقاشاً مطولا في مجلس الوزراء وانقسمت حولها الآراء بين داع لتوقيع المراسيم من جميع الوزراء، وبين مطالب بأن يوقع عليها ثلثهم أو نصفهم زائداً واحداً، من دون أن تحسم النتيجة.

وأشارت المصادر الى أن وزراء “التيار الوطني الحر” ركزوا على مسألة الميثاقية التي اختلت نتيجة الشغور الرئاسي، وهي نقطة استوجبت رداً من وزير المال علي حسن خليل الذي اكد ان لا رابط بين الشغور الرئاسي والميثاقية، مشدداً على استمرارية عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية، ولاقاه في ذلك الوزير حسين الحاج حسن الذي اكد ان عدم انتخاب الرئيس تم لأسباب سياسية، ولا يجب ان نعطل مجلسي النواب والوزراء على حساب مصالح الناس.

وقال وزير “المردة” روني عريجي إننا نوافق على اولوية عدم تعطيل المؤسسات، لكننا انتقلنا من حكومة عادية الى حكومة استثنائية، وهناك اسئلة دستورية تتطلب أجوبة حتى لا يتعرض الميثاق الى الاهتزاز.

وقال الوزير “الكتائبي” سجعان قزي “إننا ضد تعطيل المؤسسات الدستورية وعلى وجه الخصوص مجلس الوزراء، الذي يجب ان يتصرف في فترة الشغور بأنه سلطة بالوكالة وليس بالأصالة عن رئيس الجمهورية ويتناول أموراً استثنائية”. وأثار قزي التظاهرة التي رافقت اقتراع النازحين السوريين في لبنان، معتبراً انها “استفزت مشاعر فئات لبنانية واسعة وأساءت الى سيادة لبنان، لكأن سوريا ترسل رسالة تقول فيها إنها ما زالت موجودة، ولذلك أدعو الأجهزة الأمنية الى اتخاذ تدابير لعدم تكرار هذه التظاهرات لدى إعلان فوز بشار الأسد”(ص2).

مفاجأة.. من سوريا

من جهة ثانية، كشف مرجع أمني واسع الإطلاع لـ”السفير” أن ثمة مفاجأة على صعيد إماطة اللثام عن مصير حوالي سبعة لبنانيين مفقودين في سوريا على الأقل، بعد بروز معطيات إيجابية تدل أنهم ما يزالون على قيد الحياة، وقال إن الدوحة تلعب دور الوسيط بين الحكومة اللبنانية من جهة وبعض فصائل المعارضة السورية المسلحة من جهة ثانية.

وفي موضوع المطرانين المخطوفين بولس اليازجي ويوحنا إبراهيم، قال المرجع لـ”السفير” إن هذا الملف يخضع لعملية بيع وشراء، بدليل أنه كلما اقترب بعض الوسطاء من محاولة تحديد المجموعة الخاطفة، ينتقل المطرانان إلى مجموعة جديدة، وبالتالي ما زلنا ندور في حلقة مفرغة، أي تحديد الجهة الخاطفة، نافياً وجود أية دلائل تؤكد صحة ما تم تداوله من معلومات حول مقتل أحدهما.

وفي سياق أمني آخر، كشف المرجع أن عمليات رصد شبكات عملاء إسرائيل في لبنان مستمرة من قبل جميع الأجهزة الأمنية، وخير دليل تمكن المديرية العامة للأمن العام في الآونة الأخيرة من إلقاء القبض على عميلين للعدو في فترتين متباعدتين تم تسليمهما إلى القضاء المختص.

وأكد المرجع الأمني أن لبنان صار بمنأى عن التفجيرات والسيارات المفخخة بنسبة 90 في المئة، وذلك نتيجة الوضع السياسي الذي رافق ولادة الحكومة الحالية وكذلك نتيجة تفكيك الشبكات الإرهابية وإقفال معابر الموت الحدودية وتراجع التعبئة السياسية والمذهبية وتجفيف بعض المنابع، إلا أن نسبة العشرة في المئة المتبقية تبقي القلق موجوداً، خاصة أن البيئة الحاضنة ما تزال موجودة خصوصاً في بعض المخيمات.