في وقت عاش لبنان أسبوعاً «متوتراً» أمنياً سببه ثلاثة تفجيرات ارهابية «ضلّت» أهدافها بفضل الحملة الاستباقية التي شنّتها الأجهزة الأمنية الرسمية، ونجحت من خلالها بـ «إحباط» محاولات «الارهابيين الانتحاريين» الوصول إلى أهدافهم المنشودة، إلا أن إرادة الحياة والقدرة الاستثنائية للبنانيين على تجاوز هذه التفجيرات إن تجلّت، فهي تجلّت بأبهى صورة لها في المهرجان الفني السنوي الذي تحييه «لجنة مهرجانات بيت الدين» في قصر المقر الصيفي للرئاسة اللبنانية الذي كان كرسيه شاغراً خلال العام الحالي وخلافاً للسنوات الماضية حين كان يشغله الرئيس العماد ميشال سليمان، فأراد رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط أن «يعبّر على طريقته» عن امتعاضه من هذا الشغور، فبرز على المنصة الكرسي المخصص عادة للرئيس شاغراً وفي وسطه «ارزة لبنان».
وإن كان الانتباه كلّه منصباً على الطلّة اللافتة للفنانة ماجدة الرومي، ألا أن رسالة الكرسي الشاغر كانت معبّرة جداً ولم تفت سيدة الفن الراقي المعروف عنها اهتمامها بالقضايا الانسانية والوطنية، فعبّرت هي أيضاً بعد أغنيتها «سيدي الرئيس» بكلمة كانت بمثابة «صرخة رجاء وطنية« طالبت فيها بانتخاب رئيس للجمهورية وعدم ترك الكرسي شاغراً أكثر من الشهر الذي مضى عليه عشية حفلتها الاستثنائية.
لقد سادت في الأيام القليلة الماضية أنباء عن جهود يبذلها النائب جنبلاط في محاولة لإخراج الأزمة الرئاسية من عنق الزجاجة التي دخلت فيها خصوصاً بعد اللقاء الذي جمعه بالرئيس سعد الحريري في العاصمة الفرنسية باريس، ومن ثم زيارته للكويت للقاء أميرها الشيخ صباح الأحمد الصباح برفقة مرشح «اللقاء الديموقراطي» لرئاسة الجمهورية النائب هنري حلو، وما يتم تداوله عن احتمال لقائه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مطلع الأسبوع المقبل. غير أنه وبعيداً عن التأويلات الاعلامية، فإن النائب جنبلاط كما تؤكد مصادره، ليس في وارد القيام بأي مبادرة «رئاسية» انطلاقاً من اقتناعه بأن «الأزمة» الرئاسية هي مارونية وهو لا يريد الدخول «بين البصلة وقشرتها».
وتكرّر المصادر الجنبلاطية ما سبق أن أعلنه جنبلاط شخصياً في أكثر من مناسبة، أن له الحق بصفته «لاعباً سياسياً حجمه معروف» أن يرشّح من يراه مناسباً للرئاسة لعدم إدخال البلاد مجدّداً في دوامة من الانقسامات التي «لا تسمن ولا تغني عن جوع» وأن لا يشكّل انتخابه «استفزازاً» لأي فريق من الفرقاء الآخرين على الساحة السياسية.
غير أن المبادرة الأهم التي بدأ جنبلاط مؤخراً في الدعوة إليها هي «المحافظة على لبنان الكبير» وأتبعها بضرورة المحافظة على لبنان «الجنرال غورو قبل فوات الأوان».
في ظلّ شغور كرسي الرئاسة في بعبدا، وبيت الدين، تعود الذاكرة إلى ما قاله الرئيس سليمان في المختارة بأن جنبلاط «بيضة القبان» والبلد يحتاج إلى «بيضتين«، بيت الدين والمختارة.
وفي ليلة الفن الراقي الجميل حضرت «بيضة» المختارة لكن «بيضة» بيت الدين كانت للأسف غائبة.