IMLebanon

الشغور «يتسلّل».. الى عيد الجيش

 

يمر العيد التاسع والستون للجيش اللبناني على ثكنة شكري غانم في الفياضية هذا العام خافتا، وخاليا من حماسة الاحتفال واليافطات والضيوف الوافدين للحضور والتهاني، التي كانت ترافقه طوال السنوات الماضية. فعلى بعد مئات الامتار من الثكنة يقبع قصر بعبدا خاليا من رئيس يقام الاحتفال تحت رعايته وبحضوره تقلد السيوف للخريجين، وعلى شرفه تُرفع الأنخاب والتمنيات بتكرار المناسبة سنويا. أما هذا العام وبسبب الشغور فقيادة الجيش إرتأت عدم إقامة إحتفال رسمي موسّع وإختصاره بحفل مقتضب بعيد الجيش وتخريج الضباط الجدد، يتولى خلاله قائد الجيش العماد جان قهوجي تسليمهم شهادات التخرج بدل السيوف، التي درجت العادة أن يقوم رئيس الجمهورية بتسليمهم إياها بوصفه القائد الأعلى للقوات المسلحة.

قد تكون ميزة الإحتفال بعيد الجيش أنها من المناسبات القليلة التي تجتمع فيها، كل مكونات الدولة جيشا وشعبا ومؤسسات، فمنصة الحضور في ثكنة شكري غانم، والتي كان يمر من أمامها الضباط الخريجون ووحدات الجيش الاخرى، كانت تستضيف الرؤساء الثلاثة ووزير الدفاع وخلفهم رؤساء الحكومات السابقون، ثم ممثلو السلك الدبلوماسي في لبنان ويليهم النواب والوزراء وقائد الجيش، وكبار الضباط ورؤساء الأجهزة الامنية والعسكرية ثم ممثلو الطوائف والمذاهب، وضيوف من المجتمع المدني وأهالي الضباط الذين كانوا يتبارون وديا في ما بينهم في التصفيق والزغردة لأبنائهم أثناء تسلمهم السيوف، ثم ينفجرون تصفيقا في نهاية الاحتفال، حين يمر رئيس الجمهورية لتحيتهم والى جانبه الضباط الخريجون. هذا المشهد الذي سيغيب هذا العام حاولت قيادة الجيش إستحضاره من خلال لوحات إعلانية ضخمة رفعت، وتظهر صورة للشارع اللبناني إلى جانب شعار الجيش شرف-تضحية وفاء، وقد ذيلت الصورة بعبارة «الحق إلنا والناس معنا»، وكأنها بذلك تريد التأكيد بأن الجيش هو الحامي الوحيد للشعب اللبناني، الذي يرفده بأبنائه ليكونوا سياجا حاميا لمشهد الدولة بكل مكوناتها، في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به البلاد والمنطقة على السواء.

في السنوات السابقة تنوعت الشعارات لمناسبة العيد لتتماهى مع السجالات الداخلية وتدلها على المخرج المناسب، ففي الوقت الذي كان السجال محتدما حول السلاح، أطل عيد الجيش بشعار « الجيش -السترة الواقية«، وقد ترجم الشعار برجل مدني يلبس السترة المرقطة فوق ثيابه المدنية، وتلاها في السنة التالية شعار «وعدي إلك وحدك» مع صورة لعناصر الجيش وفوقهم العلم اللبناني، فاللبنانيون مهما اختفلت مشاربهم السياسية، يبقى للجيش اللبناني حيز عميق في وجدانهم تترجم باليافطات التي ترفع والاحتفالات التي تعم المناطق احتفالا بعيد الجيش.

قد لا تكون المرة الاولى التي تجد قيادة الجيش نفسها مضطرة لإتخاذ هذا التدبير، ففي سنوات الحرب غابت الاحتفالات الكبيرة في سنوات عديدة بسبب الاوضاع الامنية،ففي السنوات الممتدة بين العام 1975 والعام 1985 كان يستعاض عن الإحتفال المركزي بإحتفال صغير في الثكنات، لكن دورات تطويع الضباط توقفت نهائيا بعد العام 1986 وحتى العام 1992 بسبب الانقسام السياسي والمناطقي الذي كانت تعيشه البلاد، ففي العام 1986 كان الرئيس أمين الجميل هو من قلد الضباط السيوف، لكن للمفارقة، ففي السنوات اللاحقة لم يكن توقف التطويع بسبب الشغور الرئاسي، بل بسبب انقسام البلاد بين «شرقية» و«غربية» وجبل». وقد بقي الوضع على هذه الحال إلى حين تطبيق اتفاق الطائف وحلول العام 1992 حيث إنتظم عمل الكلية الحربية على غرار باقي مؤسسات الدولة، وبات مجلس الوزراء يجيز لقيادة الجيش بتنظيم دورات تطويع تلامذة ضباط، وأول احتفال بعيد الجيش وتخريج ضباط بعد الحرب تم في العام 1994 في عهد الرئيس الراحل إلياس الهراوي، لتكر بعدها سبحة دورات التطويع والتخريج والاحتفالات بعيد الجيش، (فترة الشغور الرئاسي بعد إنتهاء ولاية الرئيس إميل لحود كانت من أيلول 2007 وحتى أيار 2008)، ولم يصادف حينها توقيت عيد الجيش، لتكون نهاية ولاية الرئيس ميشال سليمان هي المرة الاولى التي يغيب فيها الاحتفال بعيد الجيش وتخريج الضباط بسبب الشغور الرئاسي.