IMLebanon

الشيخ عطوي.. مقاوم بالفطرة

لافتات الترحيب بالشيخ حسين عطوي وصوره تملأ طرقات بلدته الهبارية في العرقوب، ومعظم أهل البلدة يشعرون بالفخر، وهم يرشدون «الغرباء» إلى منزل «البطل».

يبادل عطوي الجميع بابتسامة لا تقوى عليها آثار العملية الجراحية التي أجراها في فكه. آثار الحروق على يديه ورجليه لا تزال حاضرة. الأوجاع كذلك. الشهرة الإعلامية حاضرة أيضاً، لكن الأستاذ الجامعي لم يعتدها بعد، برغم 22 يوما، هي فترة النقاهة التي أمضاها في المستشفى العسكري. كان طموحه محدوداً عندما أقدم على تجهيز ستة صواريخ في منطقة عين عرب. كل ما فكر به حينها أن يقوم بواجبه… ازاء غزة، مثلما قام بواجبه الى جانب «حزب الله» والمقاومة في تموز 2006 وبالطريقة ذاتها.

ينكر عطوي كل ما تردد عن رغبته بتوجيه رسالة صاروخية عنوانها «كسر حصرية المقاومة». يسأل: من هو حسين عطوي ليحرج «حزب الله»؟ ويضيف «أنا جزء من نسيج المقاومة الاسلامية وليس لدي عقدة من يقاوم».

بالنسبة اليه، إنها مسألة ثأر مفتوح مع الإسرائيلي، ومتى يستطيع إليه سبيلا لن يتردد. هي ردة فعل على الجرائم الإسرائيلية. أسئلة أولاده وخوفهم من جدار الصوت الذي ينتج عن اختراق الطائرات الإسرائيلية ليس تفصيلاً في حياته. الإجابة دائماً واحدة: «هذا عدونا».

الثأر قائم، بالنسبة لحسين، «صورة والدي يحمل أشلاء أمي في العام 1977 لا تفارقني. آثار تموز 2006 لم تمح. لا أحد يحاسب العدو على جرائمه منذ العام 1948 حتى الآن».

يتوقف الشيخ ملياً عند حرب الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل في قطاع غزة المحاصر. لكن تلك الحرب ليست هي من أطلق الشرارة الأولى لصواريخ عطوي على المستعمرات. قبل غزة، كان محمد أبو خضيرة. ينفعل عندما يعيد نسج مشاهد الفتى الفلسطيني يحترق وكيف أجبر على شرب البنزين.

كانت الساعة 12 ليلاً عندما دنت ساعة الصفر. 6 صواريخ أعدت لتنطلق آلياً عند السادسة صباحاً. «هل كل شيء على ما يرام»؟ يدقق عطوي منبّها رفاقه إلى سلكَي الصاروخين وقد تشابكا… وما أن سعى إلى فصلهما عن بعضهما حتى وقعت الواقعة. فارق الوعي نحو دقيقة، كانت كافية ليعرف لاحقاً أن أحد الصاروخين قد انطلق فيما الآخر كاد يرديه. أسرع مع «شركائه» للتواري عن الأنظار خوفاً من استهداف إسرائيل للمكان. كان يعرف أن حروقاً عدة أصابته وأن وجهه مدمى.

وصل حسين إلى منزله، ثم نقل إلى مستوصف في منطقة البقاع الغربي قبل أن ينتهي به المطاف في المستشفى بعد نصيحة طبية. لم يتوار كما كان يمكن أن يفعل من يشعر أنه يقوم بعمل غير قانوني. لم يتأخر الوقت إلا وكان في قبضة الجيش. هو مقتنع أن سرعة اكتشاف أمره مردها وشاية شخص صادف أن رآه أثناء مغادرة مكان «العملية».

الصواريخ الأربعة الباقية ظلت مكانها لأن إسرائيل ظنت أنها قد تكون عملية تمويه لعملية تسلل تجري في مكان آخر، فقصفت ذلك المكان. فيما انطلقت ثلاثة صواريخ من الأربعة في الموعد المحدد لها صباحاً.

في المستشفى العسكري. لم يعرف عطوي ما هي التهمة الموجهة اليه: «هل يعقل أن يحاكم مواطن لأنه يقاوم إسرائيل. البيان الوزاري نفسه يؤكد على حق اللبنانيين في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة».

التهمة الأول كانت خرق القرار 1701. ولكن هذا القرار تخرقه إسرائيل يومياً ولا أحد يحاسبها. قال له المحقق العسكري «عملك ليس مرفوضاً إنما نحن مجبرون على الالتزام بالقرار». أنهى علاجه بعد 16 يوماً من الاعتقال، إلا أن أحداً لم يسع إلى نقله إلى زنزانة، فانتقل من المستشفى إلى منزله مباشرة (ترك بموجب سند إقامة على أن يخضع للمحاكمة لاحقا).

«في اليوم الثالث لاعتقالي، جاءني أحد العسكريين وقال لي مؤيدا «قد توضع في الحبس وقد يطلق سراحك، لكنني لن أسمح لنفسي أن أبقيك مقيداً»، وبالفعل فك قيدي» يقول عطوي.

في الظروف الحالية قد لا يكرر الشيخ الواقعة، لكن إذا اعتدت إسرائيل على لبنان مجدداً لن يغادر بلدته «لأن لدي الكثير لأقدمه». قناعته أن شهادة الدكتوراه والمنصب الأكاديمي لم ولن يكونا عائقاً أمام واجبه كمقاوم، «لأن ما قمت به مفخرة تفوق كل الشهادات».