IMLebanon

الشيعة العراقيون اتفقوا على العبادي فهل يفعلها الموارنة؟

هل ينعكس الحل السياسي للازمة العراقية، بانتاج سلطة جديدة فيها من مكونات «بلاد الرافدين» لرئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب ورئاسة الحكومة، على لبنان الذي يشبه به العراق في نظامه السياسي الطائفي لجهة توزيع السلطات على الطوائف والمذاهب، وهو انتاج اميركي صنعه الحاكم الاميركي على العراق بول بريمر، ليبقى الصراع الطائفي والمذهبي فيه مستعراً، وكل طائفة ومذهب يشعران انهما بحاجة لحماية او وصاية خارجية، وان الحلول تأتي دائماً من الخارج.

وقد عرف لبنان في ازماته وحروبه المفتوحة دائماً، بفعل نظامه الطائفي، وشعور طوائفه ومذاهبه بالغبن والحرمان والتهميش، تدخلا خارجياً لتبريد محاور القتال فيه، الجاهزة دائماً للاشتعال، والتي تتوقف بفعل تدخل خارجي عسكري وسياسي، هذا ما حصل في العام 1958 بعد معارك عسكرية داخلية بين اللبنانيين توقفت بتدخل عسكري اميركي، ثم بتوافق اميركي ـ مصري على انتخاب قائد الجيش اللواء فؤاد شهاب رئيساً للجمهورية، ثم في العام 1969 عندما بدأت المعارك بين الجيش والفصائل الفلسطينية المسلحة لتتوقف بعد اتفاق القاهرة، وتتجدد في العام 1973 لينضم ملحق اتفاق ملكارت على الاتفاق الاول، لينفجر لبنان حرباً اهلية منتصف عام 1975، ولم تتوقف الا في العام 1990 بعد اتفاق الطائف، لتعود الخلافات مجدداً بعد الانسحاب السوري من لبنان واغتيال الرئىس رفيق الحريري وانقسام اللبنانيين بين 8 و14 آذار سياسياً ليترجم معارك عسكرية بدأت في العم 2006 متنقلة بين المناطق، لتندلع في 7 أيار 2008 لتتوقف بعد اتفاق الدوحة الذي امّن انتخاب رئيس للجمهورية قائد الجيش العماد ميشال سليمان.

هذه القراءة لتاريخ ازمات لبنان بعد الاستقلال، تؤكد وفق مصادر سياسية عاشت هذه المراحل، ان ما جرى في العراق لا بدّ ان ينعكس ايجاباً على لبنان الذي كان يتأثر ليس فيما يجري في سوريا الاقرب جغرافياً، لكن بما يحصل في بغداد، اذ ان الاطاحة بالملكية في تموز 1958 بانقلاب نفذه عسكريون وشيوعيون وعروبيون، ترك ارتداداته في لبنان واندلعت ازمة التجديد للرئىس كميل شمعون، التي انتهت بتسوية خارجية، كما ان غزو الجيش العراقي الى الكويت في عام 1990، واخراجه منه بقوات التحالف الدولي ومشاركة سوريا فيها، سّهل تنفيذ اتفاق الطائف برعاية سورية وغطاء دولي وعربي وتحديداً اميركي ـ سعودي.

فما حصل في العراق باطاحة رئىس الوزراء نوري المالكي المدعوم اميركياً وايرانياً واتى بموافقتهما في العام 2009، وتنحية اياد علاوي الذي فازت كتلته باصوات اكثر من كتلة المالكي، فان رفع الغطاء الاميركي ـ الايراني عن المالكي وبتأييد سعودي، ودعم وصول حيدر العبادي المنتمي الى «حزب الدعوة» الذي ينتسب اليه المالكي، يشبه كما تقول المصادر ولادة حكومة الرئيس تمام سلام التي تعثرت عشرة اشهر، لتبصر النور فجأة وتنازل الاطراف عن شروطها، فقبل الرئىس سعد الحريري مشاركة «حزب الله» في الحكومة ووافق الاخير على صيغة 8 + 8 + 8، بعد ان كان يطرح صيغة اخرى 9 + 9 +6، وكانت التسوية بمباركة اميركية ـ ايرانية ـ سعودية ـ قطرية.

وما يطرح اليوم تضيف المصادر هو رئاسة الجمهورية التي سيكون اخراجها كما حصل مع الحكومة في لبنان، وفي اقصاء المالكي في العراق، وان الحل سيكون مطبوخاً في الخارج، مع رفض اقصاء شريحة او طائفة عن السلطة بابعاد ممثليها الحقيقيين والفعليين عنها، كما تقول المصادر، وان الادارة الاميركية تتجه في لبنان الى ان تكون رئاسة الجمهورية من حصة المسيحيين الممثلين لبيئتهم، وان الاقصاء لهم لا يفيد، وان ما حصل معهم بعد اتفاق الطائف يجب الا يتكرر، وان خطأ المالكي المتشدد باقصاء السنة في العراق، واستمراره في اجتثاث ما تبقى من حزب البعث وشخصيات انتموا اليه مدنيين او عسكريين، اوصلت العراق الى ما وصل اليه من سياسة اقصائية لا يجب ان تتكرر في لبنان، اذ تشير المصادر الى ضرورة قراءة ما اعلنه الرئيس الاميركي باراك اوباما مؤخراً، بدعوته الشيعة الى عدم التشدد في العراق وممارسة نظرية الغالب، وهذا الامر ستطبقه الادارة الاميركية في لبنان، ولقد ساهمت عبر سفيرها ديفيد هيل بتشجيع الحوار بين العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري الذي لم يضع «فيتو» على رئيس «تكتل الاصلاح والتغيير» وترك الامر لاتفاق المسيحيين على مرشح واحد، بعد ان ايد حليفه سمير جعجع من موقع الشراكة السياسية في 14 اذار، وان الرئيس نبيه بري طلب ذلك، وان الشيعة في العراق كما المسيحيين في لبنان منقسمون على اسم رئىس الحكومة، ورفض تنظيمين يرأسهما مقتدى الصدر وعلي الحكيم عودة المالكي، واتفقوا على العبادي وبمباركة المرجعية الشيعية في العراق السيد السيستاني التي نالت تأييد ايران بشخص المرشد العام السيد علي الخامنئي.

وتسأل المصادر هل تطبق في لبنان التسوية التي حصلت في العراق ويتفق المسيحيون على مرشح منهم يمثل الكتلة النيابية الاكبر، وهي «كتلة الاصلاح والتغيير» برئاسة العماد عون.

وهذا الأمر تقول المصادر مرتبط بقدرة المرجعية الدينية المارونية وهي البطريرك الراعي على ان يقول كلمته، وهو جمع الزعماء الموارنة الاربعة، وطالبهم بالتنافس، لكن المرشحين عون وجعجع لم يؤمنا الاكثرية النيابية التي يحتاجانها للفوز. وهنا تبدو العقدة التي لا يمكن ان تحل لان البحث يتم عن رئيس يدير ازمة كما قال النائب جنبلاط ولا يحلها، فهل هذا المطلوب خارجياً؟