أنت تفرغ نفسك من الطعام أو من بعض من طعام لتعترف أنك فقير إلى خبز الله. الامساك رمز إلى فقرك اليه. انه ترويض النفس على فقر إلى ربها وإلى الآخرين. لذلك يوم غد، عشية دخولنا هذه الرياضة نستغفر الآخرين في طقوس كنيستي لأنهم ان غفروا لنا يؤذنون لنا بدخول الصوم فقراء ذلك اننا ان جعنا نروض أنفسنا على اننا جائعون إلى رحمة الله.
لا معنى للصوم الا اذا مارسته اقرارا بخطيئتك. هذا الاقرار بدء تبرئتك إلى ان يلبسك الله نفسه. أنت تجوع إلى الله لا إلى طعام. كل ممارساتنا ترويض إلى ان نتسربل الله بنعمته أي إذا ارتضانا. أنت لا تكسب الله بالصوم. هو يكسبك بمحبته. دائماً كان هو البادئ والإيمان ان تتقبل.
عشية غد الأحد يجثو كل منا أمام من حضر صلاة الغروب ويستغفره بكلام واضح ويقبله تقبيلاً حتى يدخل الصيام بالحب. الامساك هو المبتغى. توبتك إليه وإلى الله معاً تؤهلك للامساك. بلا إله عائد اليك أنت في نظام طعامي آخر. بلا وجه تحبه ما أنت بصائم. بلا وجه تحبه ليس لك فصح. بلا وجه تحبه لست بشيء.
ان تمسك يوم الاثنين المقبل عن طعام هو ان تمسك عن الخطيئة لأن الخطيئة كانت طعامك. ان تعف لا تعني شيئا الا اذا أردت بعدها لقاء مع وجه هو وجه ربك لأنه وحده يراك بحب.
ليس الطعام أو الامساك بشيء ولكنا نرجو ان امسكنا بحب الله ان نلتقيه لأن الموسم امتناع عن طعام الجسد لنستقبل الرب في الكيان. واذا كان الفصح فرحاً فالصيام استعداد للفرح كما تكون صلاة العرس عندنا استعدادا للزواج. لسنا ضد الجسد. نحن لترويضه. كيف نكون ضد الجسد وقد لبسه المسيح! نحن ضد اهتراء الكيان بالخطيئة لأن الخطيئة ضد محبتنا لله.
من صام يؤمن بترويض الجسد وليس ضده ولا يستطيع لأن الرب لبس جسداً. ليس الأكل ولا الإمساك بشيء. كل شيء ان تحب الله والصوم عندنا وسيلة نتربى فيها على هذه المحبة وقد فسرنا نحن في بدء المسيحية انك تصوم لكي تعطي المساكين ثمن الطعام الذي أمسكت عنه. ان أهملت الفقراء لست بصائم.
قال عظيم في المسيحية باسكال الفرنسي: «أحببت الفقر لأن المسيح أحبه». أنت تحرم نفسك لتحب. ما عدا ذلك شكل. نحن لسنا ضد اللذة. نحن ضد الاستلذاذ. لسنا ضد الجسد ولكن ضد السعي إلى الجسد سعياً مجنوناً.
هنا لا بد من ان يتنبه المؤمنون ان المطلوب الحقيقي في هذا الموسم ليس الامساك فحسب ولكن المطلوب وجه الله. أنت تربي نفسك على طلبه لأنه المتروك الأول. لذلك لا بد من تذكير أنفسنا ان رياضتنا الاولى ليست الامساك بل قراءة كلمة الله. نحن لا نجوع إلى طعام. هذا تتربى عليه. نحن نجوع إلى كلمة الله. لذلك كان لا بد لنا ان نفهم اننا نمسك عن أطعمة في سبيل أكل كلمة الله. الله، الله ولا شيء آخر. ولذا يؤذيني من أمسك عن أطعمة ولا يستمع إلى كلمة الله ويقرأها وبهذه القراءة وحدها تعوض جوعك.
ليس في المسيحية ممارسة الا في سبيل المحبة، محبة الله والاخوة. كل شيء آخر زينة. المحبة حتى لا تبقى كلاما يجب ترجمتها أفعالا ومن هذه الصوم. صح ان الصوم في غايته لله ولكنه في تنفيذه للإخوة، للعطاء.
الجسد منفصلاً عن القلب لا يعنينا. وان نحب الله ولا نترجم هذا عطاء للإخوة غالبا ما كان وهماً. ان كنت لا تحب أخاك الذي تراه كيف تحب الله الذي لا تراه. أنت مع الآخر في حضرة الله. ان أقصيت الآخر عن محبتك ليس لك اله. خذ الآخر معك واذهب إلى الله. حتى تصل.
المسيحي السطحي يظن انه يصل بممارسات. هذه قمة الأوهام. أنت تصل بالحب لأنه الغاية والوسيلة معاً. ولكن لا تنسَ ان الحب لا يبقى في الفكر وحده، يتجسد بالالتفات إلى الآخرين ان لم تخرج من غرفتك إلى الآخرين لست بمحب. لذلك طلب يسوع ممن أراد ان يحبه ان يترك أباه وأمه أي ان ينسلخ عن المودات التي تبعده عن الله. دائما يجب ان تذهب عن أشياء، عن ناس لتلتقي المسيح. لا بد لرؤية الله من ان تنسلخ. ان بقي من هذه الدنيا ما يلصق بك لا رؤية لك لله.