وزير العمل الاستاذ سجعان القزي معروف عنه انه خطيب مفوّه وكاتب مميز، لكنه في عمله الوزاري لا يمثل هذه الصفات بل هو يتصرف كأنه لم يدرس المواضيع التي يفترض فيه معالجتها، كما يتخذ مواقف لتسيير الاتفاق في مجلس الوزراء سرعان ما يتراجع عنها.
لا شك في ان الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يحتاج الى اصلاحات جذرية منها تشكيلة مجلس الادارة، لكن الوزير لا يستطيع إقالة أي من اعضائه، فتعيين هؤلاء يخضع لموافقة مجلس الوزراء بالنسبة الى ممثلي الدولة والهيئات العمالية والقطاع الخاص في ما يخص ممثليهم.
لقد شاركت بناء على تكليف من رئيس مجلس الوزراء في انجاز دراسة ما بين صيف 2005 ونهاية تلك السنة عن الاصلاحات المطلوبة، وادرج في ما يلي نص تقرير وضعته كعضو في مجلس الادارة الى رئيس الوزراء بعد سنتين وشهرين من مشاركتي في المجلس وقبيل استقالتي من عضويته. وأرى ان القضايا المعروضة لا تزال مطروحة انما لا شك في أن هنالك اختلافاً في الارقام بين الوضع عام 2008 والوضع اليوم.
“أقدم رؤوس اقلام عن اهم المشاكل بحسب قناعتي من مراقبة الاوضاع عن كثب خلال سنة وشهرين من فترة مشاركتي في عضوية مجلس ادارة الصندوق.
الإطار القانوني
إن تشكيل مجلس ادارة الصندوق الوطني بحسب القواعد المعمول بها لا يمكن ان يؤدي الى قيام مجلس ادارة فعال. فهناك عشرة ممثلين للعمال تنتخبهم هيئات عمالية، ثمة شك في قانونية هيكليتها، يواجهون عشرة ممثلين لأرباب العمل، وبالتالي، هناك مواجهة مصلحية بين الفريقين. وكان من المفترض ان يكون ممثلو الدولة الفريق الضامن للتوازن، لكنهم، وان كانوا قد اختيروا لكفاياتهم، كثيرا ما دفعوا الى اتخاذ مواقف محازبية، علما بان العضو الفرد الاقرب إلى حزب او هيئة، الاستاذ عادل عليق، كان من افضل اعضاء مجلس الادارة ومن اكثرهم انتاجية.
ان مجلس الادارة بتشكيلته الحالية وبنظامه وعلاقته مع وزارة الوصاية عاجز عن تحقيق أي اصلاح حقيقي، واذا نظرنا الى موضوع ادخال برامج المعلوماتية لضبط تقدمات الصندوق، وتوضيح حقوق المواطنين، ومعاصرة التطورات الدولية في هذا المضمار، نجد التالي:
تأخر المصادقة على اقرار التعاقد على تنفيذ برامج المعلوماتية سنة على الاقل، ومن بعد اجريت التلزيمات، لكن بدء تحقيق النتائج ينتظر 18 شهرا. هذا في حال توافر فريق من الخبراء لدى الصندوق ينسقون العمل مع الجهات المتعاقد معها. وحتى تاريخه، تمت تسمية خبير واحد من ستة خبراء مطلوبين، وهذا الامر بالتأكيد سيؤخر عملية تنفيذ برامج المعلوماتية بانضباط والتأخير في تعيين الخبراء الآخرين ارتبط بالاعتبارات المذهبية.
ولا شك، دولة الرئيس، في أنكم تذكرون توصية اللجنة التي كلفت وضع برنامج اصلاحي منذ صيف 2005، واوصت اللجنة بتعيين اربعة خبراء في الاحصاء والشؤون الاكتوارية والمالية والادارية ليساندوا عمل المدير العام ورئيس اللجنة الفنية، وليقدموا تقارير دورية مفيدة الى مجلس الادارة، وحتى تاريخه لم يعين أي خبير لهذا الغرض.
أما نظام تعيين اعضاء مجلس الادارة فيجب ان يتعدل سواء بالنسبة الى عدد الاعضاء بحيث يصبح بين 10 و 12 عضوا، أم بالنسبة الى طريقة الاختيار التي يجب ان تتجاوز الاعتبارات الحزبية والطائفية. ويجب اسقاط حق أي عضوين ينتسبان إلى فريق معين في ممارسة حق الفيتو على قرارات المجلس.
كذلك يجب توضيح علاقة وزارة الوصاية بالصندوق الوطني. فهذا الصندوق ليس هيئة تابعة للدولة بل يجب ان يكون، كما ينص قانونه، بمثابة هيئة مستقلة ذات هدف اجتماعي رعائي. وقد اصبحت العلاقة مع وزراء العمل مقيدة للصندوق وقرارات مجلس الادارة. ولا شك في ان عملية انتظار موافقة الوزير على التعيينات الحساسة لتفعيل الصندوق قد اخرت الخطوات الاصلاحية، والبرهان متمثل في موضوع الخبراء الاربعة، وموضوع برامج المعلوماتية، وإصدار البطاقة الصحية، وموضوع خبراء الصندوق للتنسيق مع الشركات المتعاقد معها لتطبيق برامج المعلوماتية.
دولة الرئيس، اضافة الى قوانين قولبة عمل الصندوق، هناك قضايا ادارية جذرية ابرز وجوهها ما يلي:
حاليا، حقوق المضمونين عن تعويضات نهاية الخدمة غير معروفة وغير محددة. وهناك تباين في قواعد احتساب الحقوق بين مضمونين عملوا الفترة ذاتها وهم منتسبون الى الصندوق.
وحاليا، تأخير توافر البطاقة الصحية الذكية التي تؤمن صورة عن التاريخ الطبي للمضمون امر يسمح باستمرار التلاعب في الاستفادة من الضمانات الصحية من دون انضباط.
وحاليا، عمليات تعويض المضمونين عن نفقاتهم الصحية لا تزال بدائية مشينة بحق المضمونين ويشوبها فساد يغطيه بعض الاداريين المنتفعين.
وحاليا، عمليات اصدار براءات الذمة غير منضبطة، واصحاب المؤسسات يعلمون الى اين يجب ان يتوجهوا ولمن يجب ان يسددوا الجزية كي يحصلوا على افادات براءة الذمة، وهذه الافادات ستعطل يوما ما حسابات الصندوق التي نعتبر انها عرضة للتشكيك لأسباب عديدة.
هناك مشكلة ادارية عملية تتمثل في تكليف 12 مديرا العمل بالإنابة، وفي اقتراب سن التقاعد لعدد ملحوظ من المديرين، ومن الارجح ان يحتاج الصندوق الى تعيين ما يزيد على 40 الى 50 اداريا خلال السنتين المقبلتين، فخلال السنة المنصرمة لم يتمكن الصندوق من التعاقد مع خبير واحد من السلة المطلوبة لتنفيذ برامج المعلوماتية او توفير المعلومات الاحصائية او الاكتوارية، فكيف تعالج قضية فقدان المديرين؟
جدير بالذكر هنا، دولة الرئيس، ان مجلس ادارة ما، ووزيراً ما قررا في السابق توفير ما يسمى المساعدة الاجتماعية عند تقاعد موظفي الصندوق، وهذه المساعدة تفوق في غالب الاحيان التعويض القانوني المستحق، وحيث ان غالبية المديرين يعملون مع الصندوق منذ اكثر من 30 سنة، فان عبء التعويضات والمنح الاجتماعية سيمثل عبئا كبيرا على موارد الصندوق في السنوات المقبلة مع تزايد اعداد المتقاعدين، وتأثير هذه التعويضات التمييزية لم يحتسب حتى تاريخه.
ان الحاجة الى تصنيف الوظائف في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالتنسيق مع تنفيذ برنامج متطور ومتوسع للمعلوماتية امر ملح الى حد بعيد، واستمرار النظام من دون اصلاح كهذا لن يكون سوى على حساب ابتزاز الدولة ومواردها، كما يحصل حاليا.
دولة الرئيس،
اقل المطلوب للاستمرار في مساندة الدولة لأعمال الصندوق يجب ان يكون التالي:
– تنفيذ برنامج للمعلوماتية وإقرار البطاقة الصحية الذكية وتجاوز الممارسات العثمانية المستمرة.
– خفض عدد اعضاء مجلس الادارة وتوفير استقلالية اكبر عن وزارة الوصاية لتسهيل العمل.
– انجاز دراسة لتوصيف الوظائف وترابطها والاستحقاقات الكبيرة المتعلقة بجداول التقاعد خلال السنتين او الثلاث المقبلة.
– تبيان واضح لأعداد المضمونين وحقوق المنتسبين لضمان نهاية الخدمة وذلك تمهيدا لتطبيق قانون ضمان الشيخوخة.
– انهاء مسرحية ضمان السائقين العموميين على الشكل المعمول به، والتحقق من المؤسسات التي انتسبت الى الصندوق عام 2006 وفاق عدد المؤسسات التي تنتسب في سنوات الخير.
دولة الرئيس،
اني ادرك تمام الادراك ان هذه المذكرة لا تغطي سوى بعض المساوئ في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.