الطريق الى بعبدا دونها عقبات إقليميّة
وحواجز من المختارة وعين التينة بري «يمون» على الزعيم الاشتراكي
ومخاوف جنبلاط من حصول تسوية
في زمن الاستحقاق الرئاسي « لا كلام يعلو» على كلام المعركة الرئاسية وما يدور في الكواليس والمطابخ السرية من «طبخات» بعضها اصبحت ناضجة والبعض الآخر لا يزال يحتاج الى الكثير من مقومات النضوج، وفي زمن الاستحقاق الرئاسي التائه والمعطل يتم نسج الكثير من الروايات حول الأساليب والتكتيكات التي يتبعها اللاعبون الاساسيون في الاستحقاق الرئاسي، فثمة ربط بين كل ما يحدث على الساحة السياسية والاستحقاق الرئاسي، بدءاً من يوم البحث عن شكل الحكومة ووزرائها والتنازلات التي قدمها كل الافرقاء السياسيين وربطاً بالتعيينات التي حصلت بدون كباش الى السلسلة حديث الساعة والتي استدعت تبدلاً واضحاً وانقلاباً في مواقف بعض السياسيين.
فما يحصل تقول مصادر متابعة للاستحقاق ليس من العدم بل مدروس بعناية وباتقان الطباخين الماهرين في الاستحقاق، وبالتالي فان ثمة من يقوم بتدوير الزوايا، فليس عبثاً ان تنطلق المفاوضات بين المستقبل والرابية بعد سنين طويلة من الحرب العلنية والقاسية وفي ظل الخلافات السياسية العميقة، وليس عادياً ان تصل الأمور الى حد قبول سعد الحريري بميشال عون في قصر بعبدا لولا المنع السعودي ولولا اشكالية الحلفاء المسيحيين، فلولا هاتين النقطتين الساخنتين لوصلت الاتصالات بين الزعيمين كما تقول المصادر الى المنطقة الآمنة، خصوصاً ان الرابية اعطت المستقبل ما يشبه العفو وصك البراءة عن كل أخطاء الماضي والتجاوزات والتراكمات من اجل صفحة مختلفة في العلاقة ومن اجل تحقيق الهدف الرئيسي لزعيم الرابية الذي يريد ان يكون الرئيس المسيحي والتوافقي.
ولكن على ما يبدو تؤكد مصادر «التيار الوطني الحر» ان زعيم الرابية لم يهدأ بعد في محاولاته الحثيثة لإبعاد شبح الفراغ عن موقع الرئاسة الأولى وعن كل المحاولات التي من شأنها الدفع لئلا يطول الفراغ كثيراً رغم ادراك وقناعة الأخير بان القرار في الاستحقاق الرئاسي ليس محلياً فقط، لكن الرابية تسعى الى لبننة الاستحقاق والى توسيع مروحة اتصالاتها الداخلية من اجل فتح ثغرة في الجدار الرئاسي المسدود، وعليه وبموازاة الخطوط المفتوحة والتي لم تقفل بعد مع المستقبل وبالعكس يمكن ان تتبلور وتثمر مفاجآت، فان الجنرال تضيف المصادر يقوم بتوسيع مروحة اتصالاته الداخلية وعليه كانت الزيارة الى عين التينة والتي لا يمكن ان تكون إلا في السياق الرئاسي وربطاً بالعمل التشريعي للمجلس النيابي. في حين يتم الوصل بين ما وصلت اليه مفاوضات عون مع المستقبل.
واشارت المصادر الى ان الجنرال يدرك الدور الفاعل لرئيس المجلس وتأثيره الى حد ما على قرار الزعيم الاشتراكي، خصوصاً ان بري وجنبلاط غالباً ما يلتقيان في الاستحقاقات عند تقاطع المصالح نفسها.ورئيس الاصلاح والتغيير الذي اصدر تعميماً عونياً بتهدئة الجبهة مع جنبلاط يدرك جيداً لانه زعيم لا يرغب بوصوله ولا بوصول سمير جعجع الى قصر بعبدا، ومن هنا يستمر ويتمسك البيك الدرزي بترشيح النائب هنري حلو الذي لا يمكن ان يصل الى الكرسي الرئاسي طالما هو لا يحظى إلا بتأييد المختارة وحدها.
من هنا سعى عون كما تقول المصادر نفسها الى عين التينة متجاوزاً كل التحفظات والتشنجات الماضية مع حليف الحليف الذي يعتبر ايضاً جسر التلاقي مع زعيم المختارة.
ولكن ذلك لا يعني ايضاً تقول مصادر مقربة من المختارة ان رئيس المجلس يمكن ان يمون كثيراً على الزعيم الاشتراكي الذي يملك حساسية كبيرة على ترشيح عون، وقد تكونت لدى جنبلاط مخاوف كثيرة مؤخراً، فزعيم المختارة منذ لقاء باريس بين الحريري وعون يخشى من تسوية يتم إعدادها بين بيت الوسط والرابية وتقوم على التالي: وصول عون الى قصر بعبدا مقابل تسليم سعد الحريري الوضع الاقتصادي على غرار ما حصل في حقبة رفيق الحريري، وبالمقابل ايضاً ابقاء سلاح حزب الله على حاله واستمرار الحزب في معاركه السورية. فما يجري في الكواليس متقاطعاً مع التنازلات الكثيرة للرابية في موضوع الحكومة والتعيينات وسلسلة الرتب والرواتب من عوامل القلق التي تؤرق زعيم المختارة وتقض مضجعه. وبالمقابل ثمة شعور جنبلاطي بأن الرابية يمكن ان تهدي المستقبل القانون الانتخابي الذي لطالما يريده تيار المستقبل قبل الانتخابات الرئاسية. من هنا ولهذه الأسباب فان ميشال عون يقوم بتوزيع الأدوار ومد الجسور ويعتمد سياسة النفس الطويل في التعاطي مع الملف الرئاسي، وفي هذا الاطار كانت زياراته الى عين التينة لان كسب ود رئيس المجلس في زمن الاستحقاق من الضرورات ومستلزمات المرحلة الراهنة، ولأن «ابو مصطفى» له «انتيناته وراداراته»، فلا يمكن تجاوز عين التينة في الاستحقاقات، ورئيس المجلس هو ايضاً لا يريد تعطيل المؤسسات وان لا يكون الفراغ الرئاسي على جثث المؤسسات.