بالأمس، وفي مؤتمر صحافي صرّح مارتن شيفر، المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية قائلاً: «حتى نكون صادقين من الصعب جداً تخيّل أنه يمكن تجاهل كل هذا تحت مسمى الواقعية السياسية ليقول أحد الآن إن تنظيم «داعش» أسوأ من الأسد، ومن ثم علينا الآن التعامل مع جهة ليست بمثل هذا السوء»، وبالأمس أيضاً صرّح، وفي مؤتمر صحافي وزير خارجيّة نظام الإرهاب وليد المعلّم قائلاً: «سورية هي مركز الائتلاف الدولي لمكافحة الإرهاب، ومن هو جاد فليأت للتنسيق مع سورية»!!
وفي سياقِ الحديث نودّ أن نسأل، ما الفرق بين الإرهابيْن الأسدي والداعشي؟! ما الفرق بين ذبح الصحافي الأميركي جيمس فولي على يد «داعش»، وبين عثور راعي غنم في أحراج عرمون في 4 آذار العام 1980 على جثة الصحافي اللبناني سليم اللوزي «مرمياً على بطنه اخترق طلق ناري مؤخرة رأسه فحطّم جمجمته ومزّق دماغه، ورصاصة أخرى اخترقت وجنتيه أثناء تعذيبه، ولحم يده اليسرى سلخ عن العظم حتى الكوع، أما يده اليمنى فقد حُرِقت أصابعها الخمسة بالأسيد حتى اهترأت، وأقلام حبرٍ مغروزة بوحشيّة في أحشائه ومؤخرته وظهره وصولاً للبطن والأمعاء»؟!
ليس هناك من فرقٍ بين الإرهابيْن سوى تقدّم «تكنولوجيا» الزّمن، ولو كان وحوش إرهاب النظام السوري يمتلكون في آذار العام 1980 هواتف رقمية مزوّدة بكاميرات لشاهدنا فيلماً مصوراً مُسرّباً أبشع وأفظع بكثير من الفيلم الذي وزعته وحوش داعش لمشهد ذبح جيمس فولي بل أكثر ربما، فوحوش إرهاب «النظام الأسدي» ساديّون يلتذّون بالموت البطيء المروّع لضحاياهم، فيما وحوش داعش يذبحون مباشرة فيموت المقتول في بضع دقائق كجيمس فولي، فيما لو صوّر فيلم قتل سليم اللوزي الذي اختطف يوم الأحد في25 شباط وعثر على جثته في 4 آذار، لكنّا شاهدنا فيلماً امتدَّ على مدى بضعة أيام، فإرهاب نظام وليد المعلّم متفوّق بأشواط كثيرة على إرهاب داعش!!
وهناك أيضاً فرقٌ ثانٍ لا بدّ لنا من ذكره ويتعلّق بوليد المعلم نفسه الذي كان في العام 1980 الذي قتل فيه سليم اللوزي على مدى ثمانية أيام، مديراً لإدارة التوثيق والترجمة، فيما هو في العام الذي ذبح فيه جيمس فولي قبل أيام، هو وزير خارجيّة نظام قتل حتى الآن مئتي ألف مواطن من شعبه، عدا عن الجرحى والمفقودين، والموجودين في معتقلات يعانون تعذيباً كذاك الذي ذاقه سليم اللوزي قبل وفاته!!
لم يشعر وليد المعلّم بالأمس ولو بذرّة خجلٍ وهو يخاطب العالم بقوله: «كنا ننبه إلى خطر الإرهاب واحتمالات انتشاره إلى الدول المجاورة لكن أحدا لم يكن ينصت إلينا»، ولم يرفّ له جفن وهو يُحاسب العالم معلناً «استعداد نظامه ـ الذي اخترع الإرهاب في المنطقة ـ للتعاون مع أي جهة إقليمية أو دولية، بما فيها واشنطن ولندن، من أجل مكافحة الإرهاب»!!
«والله كتّر خير هالنظام» فقد تنازل وقبل أن يتعامل مع أميركا وبريطانيا من أجل مكافحة الإرهاب، فوزير خارجيته يقول بملء الفم: «أهلا وسهلا بالجميع»، وللمناسبة منذ ما يقارب الشهرين ونظام الإرهاب الأسدي وهو يروّج لمقولة تقاطر دول أوروبيّة كثيرة لمحاورته، وفور انتشار فيديو ذبح فولي خرج إعلام الممانعة الحليف لإرهاب النظام الأسدي المريض ليروّج عن تراجع السعودية عن موقفها من إسقاط النظام السوري في أكبر حملة تضليلٍ للرأي العام، فالسعودية ما زالت ثابتة على موقفها من تنحّي بشّار الأسد، «فظيع» هذا النظام كم يملك من القدرة على خداع نفسه متوهّماً في نفس الوقت أنّه يخدع العالم كلّه!!