في ظل إصرار البطريرك الماروني بشارة الراعي على زيارة الأراضي الفلسطينية المحتلة، بعث إليه الأسير المحرّر محمد كناعنة، عضو المكتب السياسيّ لـ«حركة أبناء البلَد» في الداخل الفلسطيني، بالرسالة الآتية:
غبطة البطريرك،
«إسرائيل» كيان غاصب استعماريّ يحتل أرضاً مقدّسة ويهتك يومياً أعراض شعبها المشرد على درب الآلام منذ ستة وستين عاماً. إنّها «دولة» تمنع العبادات بحرّية، وتعتدي على الأقصى المبارك، وعلى قيامة سيّدنا المسيح عليه السلام، وعلى كنائس فلسطين من أقصاها إلى أقصاها ــــ من كفر برعم والبصة ومعلول وطبريّا وحيفا إلى الناصرة وبيت لحم والقدس. وها هي الدولة التي تنوي زيارتها تقتل الشباب والصبايا من أبناء فلسطين بلا وازعٍ أو رادعٍ، ولسان حالها يقول: «أنا ضحيّة الضحايا».
غبطة البطريرك،
نناشدك، بكلماتك التي تحدّثت بها عن المقاومة، وبأقوالك المعادية لدولة الإرهاب الصهيوني؛ نناشدك باسم أطفال قانا الأولى والثانية؛ بعذابات الأسرى وتضحياتهم الجسام في زنازين هذا العدوّ الذي ينتظرك باسماً على معابر فلسطين المحتلة كي يستغل زيارتك أمام العالم ليضفي مزيداً من «الشرعيّة» على ممارساته الإرهابيّة، وليتحدّث بعدها عن أنّ «إسرائيل» واحة الحريّات والديمقراطيّة في الشرق «البربريّ»؛ نناشدك بألا تعطي عدوّك وعدوّ أمّتك وكنيستك هذا الوسام.
إنّ حرصك على متابعة احتياجات رعاياك من المسيحيين في الأراضي المحتلة، واهتمامك بحق عودة المهجرين من القرى الفلسطينيّة عام 1948 ــــ وعلى رأسها قريتا إقرث وكفر برعم ــــ يتطلبان منك رفض الاحتلال أو التقاطع معه في أيّ شكل من الأشكال، وخصوصاً أن هذه الزيارة، بكل ترتيباتها، تتمّ من قبل الاحتلال، وهي محميّة من أجهزته التي تمارس القمع اليوميّ بحقّ جماهير شعبنا في فلسطين المحتلة.
نطالبك بالعدول عن هذه الزيارة ومراجعة موقفك منها. فأنت قادم إلى أراض محتلة، وتحت حراسة شرطة الاحتلال. وزيارتك تحمل معاني التطبيع مع الاحتلال، وفي طيّاتها رسائل سلبيّة وآثار خطيرة على القضيّة الفلسطينيّة، وتحديداً على مدينة القدس الرازحة تحت حصار الشرطة وأمن من سيحمون ويحرسون زيارتك.
نحن يا سيادة البطريرك نرحّب بك في فلسطين الحرّة المحرّرة، تأتيها معزّزاً مكرّماً، ولا نقبل لك أن تكون ضيفاً على الاحتلال. نريد ونتمنى أن تزور كنائس فلسطين في بيت لحم والناصرة والقدس وإقرث وكفر برعم وقد زال الاحتلال وعاد اللاجئون.
نحن نثمِّن يا سيادة البطريرك مواقفك الوطنية والقومية، وخاصة في ما يتعلّق بالقضية الفلسطينية، وحرصك الدائم على الوحدة الوطنية، ونتمنى عليك الاستمرار على هذا الدرب، وأن تستمع إلى أصوات الشرفاء من هذه الأمّة.
معاً على الدرب من فلسطين الجريحة، من مهد الكرامة والعزة، من مسرى الحق والحرّية، من أرض الشهداء.