IMLebanon

العودة المتأخرة الى التعافي؟!

 
دل الرعب المتأخر الذي عانى منه اللبنانيون يوم الجمعة الفائت على ان مكمن الخلل الامني لا يقل تأثيرا عن مكمن الخلل السياسي. وهناك من يرى انه لولا الازمات السياسية المتفاقمة لما كان المواطن اللبناني قد تأثر في عمق حياته اليومية، الى حد القول ان عملية التفجير وما تخللها من مطاردات، ما كانت لتحصل، ذكرت الجميع بان وضعنا الداخلي ليس افضل كثيرا من معاناة المواطن العادي السوري ومثله العراقي، طالما ان المفاجآت السلبية واردة على مدار الساعة، هذا في حال كنا من ضمن مؤشرات «داعش» او «جماعة النصرة» لا فرق؟!


ان مسؤولينا لم يتحركوا متأخرين، الا لانهم ظنوا ان طبول الحرب اصبحت بعيدة عنا، فيما فهم الجميع من عملية فنادق شارع الحمرا انها تستوجب المزيد من تفتيح العين على كل جديد، وعلى كل  من يصل الى لبنان في ظرف استثنائي، لان مجريات البلد تحتم اخذ الامور الامنية والسياسية في الاعتبار، لاسيما بالنسبة الى قوافل الغرباء الذين يتدفقون على لبنان بصفة نازح، او بصفة من هو مغطى من بعض السياسيين والحزبيين ورجال الدين، ممن يعرف عنهم استعدادهم لفتح بيوتهم امام بعض الغرباء؟!

ازاء كل ما تقدم من  الواجب السياسي الهش والامني الاكثر هشاشة، ان تبقى امور البلد بعيدة  من الفلتان، لاننا في زمن صعب لمجرد ان حدودنا البرية والبحرية والجوية تكاد تكون فالتة، جراء فتح البعض دويلات على حسابهم،  في الوقت الذي يعني للجميع ان هناك «حتمية فلتان» نتيجة ما تعانيه دول الجوار، حيث لا بد من القول تكرارا ان بعض الذين يدخلون لبنان، هم من الذين لا يرجون العافية للبلد ولشعبه، خصوصا ان السوريين في وضع داخلي واقليمي صعب، مثلهم مثل العراقيين الذين ناموا على سلطة مفككة قبل ان يصبحوا في حال حرب مع بعضهم البعض، فضلا عن معاناة مما تركته لهم اميركا من تمزق اتني وسياسي وامني ومناطقي؟!

ان الكلام على جديد الوضع العراقي، لا يقل خوفا من الكلام على قديم الوضع السوري السياسي والحزبي والامني، طالما ان الحرب عند الاشقاء مرشحة لان تتطور الى صراع مصيري قد يمزق سوريا الى مجموعة دول شبيهة بالتمزق المصيري المرتقب في بلاد الرافدين.

المراقبون الاجانب يتحدثون عن لبنان بحسرة، لانهم يعرفون ان اللبنانيين مرشحون لان يصبحوا غرباء في وطنهم لكثرة التمزق الذي يعيشونه في مؤسساتهم الدستورية والقانونية وكأنهم لم يعودوا يعرفون ماهية الخلل الذي يسيطر على كل شيء في البلد، بعكس كل ما يقال عن ان اوضاعنا لا بأس بها، لاسيما ان الوضع الامني يسمح بتوقع الاسوأ على مدار الساعة خصوصا، ان وضعنا السياسي يكاد يشبه مغارة علي بابا، لكثرة تحول النزاعات الى من يؤكد الفلتان؟!

من ضمن ما تردد عن محاولات اغتيال كان خبر عن استهداف رئيس مجلس النواب نبيه بري وكادرات في حركة «امل» ما حتم ارجاء المؤتمر الاختياري في قصر الاونيسكو، بالنسبة الى ما قيل عن ارتباط التفجير في ضهر البيدر بلقاء حركة «امل» فضلا عن ارتباط التفجير اياه بالمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، وفي الحالين لا بد من القول ان لبنان نجا من كارثة شبيهة بتلك التي استهدفت قيادات في قوى 14 اذار، الامر الذي يستدعي اعادة نظرة شاملة بكل ما له علاقة بالتدابير الامنية قديمها وجديدها على السواء.

رب قائل ان تدخل وزير الداخلية نهاد المشنوق في طلب ارجاء لقاء الاونيسكو، اقتضته ظروف طارئة ومخيفة في آن، حيث لا مجال للقول ان تكبير ما حدث تطلب اتخاذ اعلى درجات الحيطة والحذر تجنبا لمحاذير عودة لبنان الى لغة المجازر التي شبع منها لكثرة ما طاولته من شخصيات سياسية ساد الظن لبعض الوقت ان الحوادث المشار اليها من عمر الماضي البغيض، لكثرة ما استهلكته من دم ودمار ودموع من الصعب بل من المستحيل ان تتكرر مهما اختلفت الظروف؟

صحيح ان مجلس النواب مشلول الحركة، فيما تتحرك الحكومة قدر المستطاع على امل ملء الشغور الرئاسي الى حين معرفة الى ان يسير البلد، وما اذا كان من مجال للسير بطريقة مرضية تكفل الوصول الى حال من الانقاذ من الفراغ، طالما ان الغاية لا بد وان تؤدي الى العودة بالسلطة الى ما يجب ان تكون عليه، وهذا من ضمن ما ليس منه بد للقول ان البلد غير ضائع في المتاهات السياسية والامنية في وقت واحد، هذا في حال كانت رغبة في استعادة العافية؟!