الكيمياء بين النائبين ميشال عون ووليد جنبلاط مفقودة. شخصيتان متناقضتان لم تُدركا يوماً سبيلاً للتفاهم. مضى على آخر لقاء ثنائي جمعهما أكثر من أربع سنوات. يعود أحد السياسيين المقربين من جنبلاط وعون إلى أيام كميل شمعون وكمال جنبلاط في الجبل، لشرح صعوبة لقاء الرجلين. تمكن شمعون «من بناء زعامة مارونية طورها لتصبح على مستوى الجبل ككل، بخلاف جنبلاط الذي كان يطمح إلى أن يكون زعيماً للمسيحيين أيضاً، ولا يقبل أن ينافسه أحد». مع عون، أضيف إلى كادر الصورة، أن الجنرال «يعتقد أنه اختصر الزعامات المارونية السابقة بشخصه».
في أرشيف المؤسسات الصحافية صور كثيرة جمعت ممثلين عن التيار العوني والحزب الاشتراكي، هدفت إلى التنسيق على مختلف المستويات. قد يكون أهمها اللقاءات في الشوف من أجل البحث في ملف المهجرين ولقاء «الرئيس» جنبلاط مع منسق هيئة التيار في الشوف غسان عطالله. في «معمعة» الاستحقاق الرئاسي، غطّ الوزيران جبران باسيل والياس بو صعب في كليمنصو، ثم قالا للجنرال إن لقاءهما جنبلاط كان إيجابياً. بيد أن مصادر عونية تقول لـ«الأخبار» إن أجواء ذاك اللقاء «لم تكن جيدة. وهنا تطرح فرضية إما أن يكون هذا الثنائي قد نقل الصورة خطأ إلى عون، وإما أن جنبلاط أراد توريطهما»، ليعود بو صعب ويزور جنبلاط منذ أيام، من أجل البحث في موضوع سلسلة الرتب والرواتب. ولكن، لم تتطور الأمور بعد إلى مستوى لقاء «القطبين». رغم أن المصادر تقول إن «عون يهتم حالياً بأن لا يقوم بأي عمل استفزازي تجاه جنبلاط، كي لا يكون الأخير دوره أكثر سلبية في ما خص التقارب بيننا وبين المستقبل».
يقول نائب عوني إنه «لا شيء يمنع الحوار مع الاشتراكيين بدليل لقاءاتنا السابقة معهم، ولكن اليوم هناك عقبة أساسية هي الاستحقاق الرئاسي ورفض جنبلاط انتخاب عون». المشكلة لدى جنبلاط «أنه يفضل نموذج ميشال سليمان وهنري حلو، وليس المسيحيين الأقوياء». يذهب النائب بعيداً، حين يقول إن جنبلاط «لم يبرهن يوماً أنه يريد شراكة حقيقية. قانون الانتخابات النيابية مثال على ذلك».
يتّهم العونيونجنبلاط برفضالشراكة ودليلهم قانون الانتخابات
من جهتها، تقول مصادر الحزب التقدمي الاشتراكي إن «الاختلاف بوجهات النظر بالنسبة إلينا لا يعني القطيعة السياسية، وخاصة أننا اعتمدنا هذا المبدأ منذ مدة». حتى حين كان الاختلاف مع التيار في أوجه «حافظنا على التواصل بدليل اللقاءات الثنائية». الحرص الاشتراكي في الجبل، تحديداً، «هو أن تبقى المعاملة على مستوى القاعدة الوطنية التي أنجزناها من خلال مصالحة الجبل برعاية البطريرك نصرالله صفير عام 2001، ومصالحة بريح في عام 2014 برعاية سليمان وحضور البطريرك بشارة الراعي. في الجبل تنوع سياسي وطائفي يجب الحفاظ عليه». تؤكد المصادر أن الحوار موجود، « ولكن ليس بالضرورة أن يعني الاتفاق السياسي».
مقاربة الاشتراكي للاستحقاق الرئاسي «سياسية وليست طائفية، لأن الاستحقاق وطني». أما البعض فقد يستخدم «هذه العناوين الطائفية في إطار المعركة من أجل تحصين موقعه وتقويته». تنتقد المصادر كلام عون عن أن جنبلاط يعطل الاستحقاق، «فكيف بالذي لديه مرشح وسطي بعناوين وبرنامج واضحين، يشارك بالجلسات النيابية أن يكون معطلاً، في حين أن الآخرين هم الذين يقاطعون الجلسات؟ وهل تسهيل الاستحقاق يعني التصويت له؟». الاشتراكي لا يمكنه أن «يؤيد مرشحاً لم يرشح نفسه». لا خوف من التقارب المستقبلي ـــ العوني، «قانون الانتخابات يحتاج إلى توافق وطني، واتفاق الطائف أيضاً. نحن من دعاة التقارب وقد دعينا إلى تنظيم الاختلاف، فلا مشكلة».