. بكركي أطلقت الخطة «ب» باستدعاء سفراء الدول الكبرى الاتصالات دخلت مرحلة جديّة 4 أسماء في التداول
تعيش بيروت هذه الايام ،على وقع عودة الهاجس الأمني، بين حدين متوازيين، الاوّل ، محاولة تهدئة الاجواء المشحونة التي سادت بعد التفجيرين الانتحاريين وما رافقهما من مداهمات، والثاني السعي الى مواكبة الاستنفار الامني ، بإجراءات سياسية، في ظل الفراغ والشلل المستحكم بمفاصل الدولة الدستورية، تساهم في اعادة تكوين شبكة امان تسمح باستيعاب احداث من الايام المقبلة وضبط تداعياتها، تجنيبا لوضع لبنان «في فم» الحدَث العراقي المفتوح على الحرب السورية، حيث يدرك الجميع في الداخل كما في الخارج ان الامن في لبنان سياسي بدرجة اولى.
فتفجير الضاحية المنزوع المسؤولية بحسب مصادر متابعة بخلاف ما سبقه من التفجيرات الممهورة تارة بتوقيع «داعش» وأخرى لـ «أحرار السنة»، حرك دول القرار الخارجي التي انتقلت من مرحلة تجميد الوضع اللبناني الى التحرك لمعالجة ازماته، وفي مقدمها انتخاب رئيس جمهورية وهو ما عكسته المواقف المعلنة لبعض المسؤولين المتضمنة دعوات متكررة للبنانيين لانجاز الاستحقاق سريعا وآخرها للامين العام المساعد للشؤون السياسية جيفري فيلتمان الذي قدم احاطة امام مجلس الامن الدولي تناولت الوضع في الشرق الاوسط، وكان للبنان حصة فيها.
ورغم تعاظم المخاوف في بيروت من محاولات داخلية تضيف المصادر لاستغلال الحماوة الأمنية في سياق المعركة على رئاسة الجمهورية عبر الضغط في اتجاه فرض مرشحين بقوة الامر الواقع، تؤشر المعطيات المتوافرة الى قلق خارجي على الاستقرار اللبناني الهشّ، والاتجاه تالياً نحو تحصين الحماية السياسية لهذا الاستقرار من خلال الدفع في اتجاه ملء الفراغ الرئاسي، من خلال الحركة الدولية والاقليمية الحثيثة لتمكين اللبنانيين من إحداث كوة في الأزمة الرئاسية.
واشارت المصادر الى ان الاهتمام الخارجي يتجلى من خلال المؤشرين التاليين:
– استدعاء باريس للسفير باتريس باولي تحضيراً لمشاورات ثنائية ينُتظر ان تبدأ بين فرنسا والولايات المتحدة في شأن ملف الرئاسة في لبنان، بالتزامن مع لقاءات بشخصيات لبنانية فاعلة خلف الكواليس وامام الكاميرات، بدأت مع الرئيس الحريري ، وينتظر ان تستكمل بلقاء بين جنبلاط وهولاند، متحاشية استقبال اي من المرشّحين للرئاسة، استعرضت اسماء المرشّحين وحظوظ كلّ منهم. وقد برزت في هذا الاطار تساؤلات لبنانية عما اذا كانت باريس كلفت مجددا بالملف اللبناني بدفع فاتيكاني،خصوصا ان العاصمة الفرنسية تشهد حراكا لبنانيا وغربيا محوره الازمة الرئاسية، حيث تعقد لقاءات بين مسؤولين لبنانيين واخرى بين بعض هؤلاء ومسؤولين فرنسيين واميركيين، علما ان مسؤولا قطريا موجود راهنا في فرنسا التي كانت تحركت في مرحلة غير بعيدة في اتجاه السعودية وايران المعنيتين مباشرة بهذا الملف.
– معلومات عن دخول روسي على خط الملف الرئاسي اللبناني انطلاقاً من رغبة فاتيكانية تم التعبير عنها خلال لقاء بين وفد روسي رفيع ومسؤولين فاتيكانيين تركّز البحث فيه على مسألة المسيحيين في الشرق الاوسط ، مطالبين موسكو باستخدام نفوذها مع سورية وايران من اجل تسهيل انتخاب رئيس لبناني،باعتبار الملف اللبناني مدخلا اساسيا لبناء الثقة مع روسيا.
– طلب مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية جيفري فيلتمان، خلال لقائه في أوسلو المستشارة السياسية والإعلامية للرئيس السوري بثينة شعبان، ألا تعرقل دمشق انتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان، حيث ينقل زوار العاصمة السورية ان الاخيرة لن تبدي اي ليونة تجاه الملف الرئاسي اللبناني قبل ان تتظهر كيفية تعامل عواصم القرار مع اعادة انتخاب الرئيس الاسد.
الا ان المخرج، الغير دستوري لآلية عمل «الحكومة الرئاسية»، الذي فرضته ظروف الامر الواقع، كونه يؤسس لأعراف ربما يعتبرها البعض مبرراً للمطالبة بعقد مؤتمر تأسيسي يعيد تكوين المؤسسات الدستورية على قواعد جديدة، بحسب الدستوريين والمطلعين على خفايا مداولات الطائف ومحاضره، يؤشر الى رغبة مختلف القوى السياسية لمعالجة الملفات السياسية العالقة وبوجه خاص موضوع تعطيل عمل مجلس النواب والحكومة، رغم تنبيه مصادر مسيحية من محاولات اعادة احياء عمل الحكومة وفق آلية قد تطيح بالانتخابات الرئاسية الى غير رجعة، وتأكيد قيادات الثامن من آذار من ان استمرار تعطيل مجلس النواب سيعيد شل الحكومة، واشتراط رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» العماد ميشال عون لتسهيل عمل المؤسسات اعطاء الاولوية للبحث بموضوع قانون الانتخابات النيابية، علما ان تعقيدات العمل التشريعي مختلفة، رغم ان الضرورات تبيح المحظورات ، يبرز الحرص «الواقعي» على إعادة الاولوية للاستحقاق الرئاسي، على وهج الخطر الامني، من دون أي أوهام بإمكان النجاح في فكّ العقد التي تعترض هذا الملف داخلياً ولا بأن تتوافر مظلة اقليمية تتيح تمرير رئيس جديد.
اوساط سياسية مطلعة ابدت عدم تفاؤلها بإمكان النجاح في هذا المسعى اقله في المدى المنظور، وهو ما عبّر عنه رئيس حزب القوات اللبنانية بعيد لقائه البطريرك الراعي، وكشفه فشل المسعى البطريركي باقناع الجنرال بحضور جلسات الانتخاب، ما دفع ببكركي الى الانتقال للخطة «ب» والتي اطلقتها عبر دعوتها سفراء الدول الخمس في مجلس الامن، اضافة الى المنسق الخاص للامم المتحدة ديريك بلامبلي، حضور السفير البابوي غابريال كاتشيا ،حيث اكد سيد الصرح امامهم على ضرورة عدم تفويت اي فرصة ممكنة من اجل انجاز الاستحقاق الرئاسي، مقدما عرضا شاملا حول الازمة الرئاسية بتعقيداتها كافة، مستمعا الى طروحات الدبلوماسيين وما يمكن ان تحمل على مستوى الاهتمام الدولي بالوضع اللبناني وقلقهم من استمرار الفراغ الرئاسي ووجوب اتمام الاستحقاق في اقرب وقت.
وتقول مصادر في 14 آذار انه ازاء العجز السياسي عن اقصاء العماد عون عن المسرح الانتخابي الرئاسي واخفاق الجهود المسيحية المبذولة، كشفت المصادر، من ان قناعة تكونت لدى اطراف 8 آذار بانعدام حظوظ وصول «الجنرال» الى بعبدا، وهو ما بدأ يجاهر به اكثر من طرف سياسي، ما دفعها الى التسريع من وتيرة الاتصالات في ما بين اطرافها بحثا عن كيفية اقناع الاخير باستحالة انتخابه رئيسا ، وانه توصلت الى استنتاج بحسب المصادر نفسها يقضي بالطلب من عون تحديد مهلة معينة لاستمراره في الترشح، على ان ينتقل بعد انقضائها الى المرحلة الثانية اي ان يكون ناخبا كبيرا لاختيار البديل، مشيرة الى وجود قناعة بضرورة السير بمرشح توافقي، موضحة ان اجتماعات عقدت داخل هذا الفريق اعقبتها حركة اتصالات مع اكثر من طرف في الداخل والخارج لانجاز هذه المهمة، وحضر الامر في خلال لقاء الحريري – جنبلاط الاخير الذي نقل مضمون مداولاته الى الرئيس نبيه بري الوزير وائل ابو فاعور امس ، مؤكدة ان اكثر من رسالة وصلت الى الرابية بهذا المعنى لم يتم التجاوب معها حتى الساعة، ولم تستبعد المصادر ان يزورها قريبا احد الدبلوماسيين الغربيين للغاية نفسها، خصوصا ان الواقع الامني بدأ يضغط على الوضع السياسي ملامسا حد الخطورة، بعد فشل السفير الروسي الكسندر زاسبكين باقناع عون بالانسحاب.
كما كشفت المصادر في 14 اذار عن لقاء موسّع لهذه القوى عقد في بيت الوسط، عرض لمضمون اللقاءات التي عقدت اخيراً في العاصمة الفرنسية اضافة الى التطورات المتسارعة في العراق وانعكاسها على الداخل اللبناني، لافتة الى انه في ظل العواصف الاقليمية التي تضرب المنطقة فان 14 آذار هي الوحيدة التي تملك مشروع تلاحم بين الناس، وتسعى الا تكون هذه الفكرة محصورة فقط في لبنان».
الوضع الأمني ممسوك، هكذا يقول المسؤولون. والوضع السياسي بحاجة الى تماسك في الحكومة أولا وفي سرعة الانتخاب الرئاسي ثانيا. انتخاب بات مرتبطا بشكل وثيق بتأمين نصاب جلسة الانتخاب. نصاب متوقف على «حزب الله» الذي أبلغ من يعنيهم الامر «ان شرطه لتأمين انعقاد الجلسة هو ضمان انتخاب العماد عون رئيسا». فكل الاطراف الذين يقال إنهم قد يتأثرون بضغوط عربية واوروبية وأميركية قد شاركوا على الدوام في جلسات الانتخاب ولكن من غير ان يتمكنوا من توفير النصاب.