IMLebanon

الفارس السوري عدنان قصَّار وخالد بن الوليد

 

أطلق نظام الممانعة الأسدي الفارس السوري عدنان قصار بعد 21 عاماً من إعتقاله. جريمة عدنان قصار أنه فارس وفارس حقيقي. تغلّب في مباراة الفروسية على إبن السيد الرئيس حافظ الأسد البكر، باسل الأسد، الذي قتل بحادث سير، حسبما أعلن النظام السوري في حينه.

إنها عينة حية عن ممارسات نظام الممانعة الأسدي بحق الشعب السوري، إنها عينة حية عن ممارسات نظام الممانعة الأسدي بحق الشعب السوري، إنها ببساطة فعل منع على أي من أفراد الشعب السوري أن يكون بطلاً. فالبطولة في أي مجال كان، تطاول على أيديولجية نظام الممانعة القائم على منع الشخصية السورية من تحقيق ذاتها. فالمصنع الثقافي للنظام الأسدي لا يصنع أبطالاً ولا يسمح لأي منهم أن يصنع نفسه بطلاً. بل مسوخاً متشابهة. يرى كل فرد منهم ذاته مسخاً مماثلاً لجاره المسخ وأخيه المسخ وأبيه المسخ.

يمنع على أي فرد من أبناء الشعب السوري أن يثق بذاته أو بقدراته أو أن يكون محل ثقة في أهله وعشيرته.

فبناء عدم الثقة المتبادلة بين الأفراد السوريين هو أصل أيديولوجي في بناء النظام الأسدي. وتفكيك البنى التحتية المجتمعية هي الوسيلة الأسمى والأداة الأنسب للحفاظ على البناء الهش لهذا النظام.

إن فعل المنع هذا هو تأصيل للمنع ليس فقط في بطولة الفروسية بل في أية بطولة. لأن في البطولة فعلاً مستقلاً لفرد سوري حر غير خائف من ممارسة أفعاله بإستقلالية تامة.

فالناس السوريون هم أشخاص لا ينوجدون بذواتهم الفاعلة بل إن فعل إنوجادهم هو رهن إنفعالهم الناتج عن خوفهم الدائم من الفعل المستقل ذاته. أو هكذا يراد لهم من قبل نظام الممانعة الأسدي.

هكذا يصبح الفعل الحر المستقل، وإن على مستوى الفرد وفي مجال خارج مجال إنتاج السلطة السياسية، هو فعل تهديد مباشر للنظام القائم لأنه يشكل نموذجاً لإرادة مستقلة نقيضة لسياسة المصنع الثقافي للنظام الأسدي.

أن يمارس عدنان قصار فعلاً مستقلاً يشكل سابقة خطيرة في النظام الشمولي الأسدي. فلا أفعال مستقلة لأي من المواطنين السوريين، بمعزل عن ميولهم السياسية الحقيقية، غير المرئية منها. لأنه لا وجود لمعارضة مرئية في نظام الإستبداد السياسي الأسدي.

فالفعل المستقل، بحد ذاته، فعل عدواني ينطوي على رفض للقمع والإستتباع. فكيف إذا كان في هذا الفعل المستقل فعل بطولة على مستوى الوطن.

فالبطل في سوريا واحد أحد لايتكرر. لاشبيه له. يلد أبطالاً. قائد أبدي. وولده من بعده. إنه فعل تجسدي للوطنية السورية. وللبطولة في سوريا. وللمعرفة الشاملة المانعة القاطعة!!

فإذا قال الرئيس البطل فما على المواطن إلا أن يفعل بما قال السيد الرئيس. أما إذا لم يقل السيد الرئيس. فلا أفعال صالحة للمواطن السوري. بل كل فعل خارج الإرادة العامة المتجسدة في أقول السيد الرئيس يُخرج صاحبه من السجن الجماعي الكبير إلى سجن تضيق مساحته الجغرافية التي تصنع للسجناء تاريخاً، على السجناء أن ينسوه قبل مغادرتهم إياه إذا كان لهم من العمر ما يكفي.

أن تكون بطلاً يعني أنك إنسان حر. لأن الحرية شرط البطولة. فالنظام يحفظ غيباً سيرة عنترة بن شدّاد في الحرية والبطولة. فكيف به أن يسمح لك بذلك؟ أن تكون بطلاً يعني أن لديك ثقة بنفسك خارج المسموح به من قبل الأجهزة الأمنية. أما الثقة بالغير فهي تواطؤ يحاسب عليه النظام. أن تثق بأبيك أو أخيك أو أمك أو أختك هو فعل شنيع يحاسب عليه النظام.

فمنع الثقة بالنفس وبالآخر هو شرط إستمرار سيطرة النظام. أن تكون بطلاً يعني أنك تثق بنفسك وتثق بمستقبلك. وكذلك أن تحلم بأن تجلس يوماً مكان من يضطهدك الآن ولو ليوم واحد. هو يوم انتصارك في بطولة الفروسية على ابن السيد الرئيس.

وبالتالي يمكن لك أن تحلم بأن تلعب يوماً دور الصياد لا دور الطريدة وبالتالي أن تصبح أولاً في سوريا وأنت من أضأل الناس بينما يصبح الأول أخيراً.

أن تكون مواطناً مستقلاً، حراً وتثق بنفسك يعني أنك تمارس سلطة على ذاتك غير مسموح بها من الأب القائد. لأن ممارستك لهذه السلطة على الذات يعني أنك قادر والقدرة المستقلة فعل تهديد للنظام. فالقدرة يعني أنك تمتلك القوة وبالتالي يمكن لك أن تمارس فعل تسلط على الخارج الإجتماعي /السياسي أي أنه يمكن لك أن تمارس العنف وبالتالي فالسجن الصغير هو المكان الملائم لضمان سلامتك من «المسلحين الإرهابيين»، كما حدث للكاتب الكاريكاتوري علي فرزات مع إنطلاق الثورة السورية عام 2012.

فكيف إذا كنت بطلاً في الفروسية؟ وللفروسية في بلاد الشام حكايا المجد التليد.

فخالد بن الوليد كان فارساً وكذلك أبو عبيدة بن الجرّاح. وهما ليسا من من أبناء سوريا!! إنه إحتلال عربي لسوريا أو هكذا يروّج في دمشق في هذه الأيام من قبل «صعاليك» هذا الزمان؟

والساحل السوري «العلوي» كان دائماً ملحقاً بالساحل الفينيقي ولم يكن يوماً إمتداداً لصحراء البداوة الممتدة من بلاد الحجاز. لهذا ترحّم الرئيس نبيه بري والزعيم وليد جنبلاط على سايكس وبيكو!!

أن تركب الخيل يا عدنان، يعني أنك يمكن أن تكون يوماً حمزة الخطيب أو إبراهيم القاشوش. فكيف إذا تجرأت على سيدك إبن السيد الرئيس؟

فالسجن الصغير يحميك من البراميل المتفجرة والغازات السامة والسلاح الكيماوي.

والسجن الصغير يحميك من اللجوء والتشرد والهجرة إلى بلاد الله الواسعة.

فـ «سوريا الأسد» لم تكن يوماً موطناً لأمثالك من أهل الفروسية. والفروسية ليست فعل ركوب خيل فقط. إنها نظام قيم قائم على الأنا الحرّة الشجاعة والأبية وهذا نقيض لنظام قيم السجن الكبير.

نظام الممانعة، يا عدنان، يعمل من أجلك!! من أجل كل مواطن سوري. بل من أجل كل مواطن عربي! فكيف تتجرأ على إبن السيد الرئيس!

نظام الممانعة، يا عدنان، يعمل من أجل ليس فقط، تحرير الجولان من العدو الصهيوني بل من أجل تحرير فلسطين!!

أما اليوم فإنك يا عدنان قصار، أيها الفارس السوري العربي الأصيل، تخرج إلى مساحة سوريا الوطن. إلى فضاء الثورة والحرية. ويمكنك أن تستحضر مع أبطال الثورة السورية قول الخليفة الأموي فاتح الأندلس، «أنا الزمان من أرفعه يرتفع ومن أضعه يتضع».

فسوريا الغد ليست «سوريا الأسد» وكذلك ليست سوريا «داعش» و«النصرة».

وسوريا ثورة الحرية والكرامة محكومة بالإنتصار.

فلقد أسقط الشعب الإيراني مشروع تصدير الثورة الإسلامية الإيرانية بإسقاط الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد. وها هي حكومة الرئيس حسن روحاني تستجدي «الشيطان الأكبر» من أجل رفع العقوبات الإقتصادية عن إيران. وبالتالي فإنها تسعى للعودة إلى المجتمع الدولي بشروط المجتمع الدولي القائم أساساً على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، فمشروع تصدير الثورة الإسلامية الخمينية إلى البلدان العربية وغياب مشروع سياسي عربي أنتج بيئة عربية قابلة للذهاب بإتجاه التطرف الديني المذهبي . هذا ما تم التعبير عنه في «داعش» و«النصرة» للتي تشكل الوجه الآخر للنظام الأسدي والتي يتم تشغيلها بإختراقات أمنية من أجهزة المخابرات الإيرانية والسورية تبريراً لعنف النظام الأسدي وإستمراره رفضاً لسقوط سوريا في أيدي هكذا تنظيمات إرهابية.

ولقد أسقط الشعب العراقي حكومة نور المالكي، الأداة الإيرانية في العراق، إلى غير رجعة. ولابد من عراق جديد يحفظ التوازن السياسي لكافة المكونات المجتمعات العراقية.

أما الكيان الصهيوني فلا يمكنه منع الشعب السوري من تحقيق حريته وممارسته سيادته في إطار نظام سياسي يحفظ التنوع الثقافي في سوريا، في إطار نظام الإنتماء للعروبة الثقافية التي هي نتاج تفاعل كافة مكونات المجتمع السوري عرقية كانت أم دينية.

وها هو الشعب السوري يثبت للعالم أجمع، أنه بإمكان العين أن تواجه المخرز. فلا البراميل المتفجرة ولا الطائرات ولا الأسلحة الكيماوية ولا لواء أبو الفضل العباس ولا قوات النخبة في حزب الله ولا التخلي الدولي والعربي عن هذا الشعب إستطاع أن يكسر إرادته ويثنيه عن خياراته في الحرية والكرامة بعد ما يزيد عن ثلاث سنوات من الثورة.